أكد الرئيس مبارك أن الاقتصاد المصرى نجح فى مواجهة الأزمة المالية العالمية، بالموارد الذاتية ، واستطاع أن يحول دون أن تنعكس تداعياتها على القاعدة العريضة من البسطاء والفقراء وأبناء الطبقة الوسطى.
وقال الرئيس ، فى حوار لمجلة الشرطة ، إن الحكومة ستتقدم بمشروع قانون مهم للدورة البرلمانية الحالية يفتح الباب أمام القطاع الخاص للمشاركة مع الدولة فى مشروعات البنية الأساسية بما يسهم فى إنعاش اقتصادنا بالمزيد من الاستثمارات فى مشروعات البنية الأساسية ، بما فى ذلك الطرق ومحطات مياه الشرق والصرف الصحى.
وأضاف الرئيس ، وجهت الحكومة إلى ضرورة العمل على تخفيف أعباء ومعاناة الفلاحين ، ورفع أسعار توريد المحاصيل الزراعية لزيادة ربحيتهم مع إعادة هيكلة البنك الزراعى المصرى ، كى يعود إلى دوره فى دفع التنمية الزراعية ، ومساعدة القاعدة العريضة من الفلاحين.
وقال مبارك "أنا أعلم اهتمامات الشارع المصرى ومعاناة الناس من تكاليف المعيشة ، أعلم ما يشغل الأسرة المصرية وما تواجهه من مشكلات ، وأى قرار يمس حياة الناس يكون موضع مراجعة من جانبى ، لدراسة تأثيره على القاعدة العريضة من المصريين ، خاصة من الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل.
وعن المواجهة المصرية للازمة المالية العالمية ، قال الرئيس إن المواجهة ، تمت على مستويين ، الأول : وضع أولوية للحد من تداعيات الأزمة على العمالة المصرية ، والتخفيض من تأثيراتها السلبية الاقتصادية والاجتماعية على الطبقات الفقيرة والبسيطة ، وقد شكل ذلك خط الدفاع الأول الذى حظى بالأولوية المطلقة فى تعليماتى لحكومة ، والثانى "تنفيذ ثلاثة برامج للانعاش الاقتصادى ، كان أولها بمبلغ 15 مليار جنيه ضمن ميزانية العام قبل الماضى ، والثانى بمبلغ 8 مليارات جنيه ضمن ميزانية العام الماضى ، أما البرنامج الثالث فهو بمبلغ يزيد على 10 مليارات جنيه إضافية ، وذلك عن طريق تعزيز موارد الهيئات الاقتصادية بما يتيح زيادة إنفاقها بمقدار هذا المبلغ على مشروعات المياه والصرف الصحى ، والطرق ، وقرى الظهير الصحراوى.
وأضاف مبارك "لقد نتج عن ذلك نجاحنا فى امتصاص النتائج السلبية للازمة سواء على مستوى معدلات النمو أو على مستوى الدخول والأجور وفرص العمل ، وهى آثار طالبت تداعياتها كافة دول العالم المتقدمة والنامية على السواء.
"تعاملنا مع الأزمة جاء ليعكس ما نوليه من أولوية لتوسيع قاعدة العدل الاجتماعى ، ومساندة الشرائح الاجتماعية محدودة الدخل ، وفى هذا الإطار تم صياغة مشروع القانون الجديد لتأمين والمعاشات الذى سيطلق الحد الأقصى للمعاش ، ويعزز القدرة على الإدخار فى أوعية مضمونة من الدولة ، وكما سيخفض نسبة الاشتراكات ويضمن زيادة سنوية للمعاشات ، ويغطى أخطار العجز والوفاة والبطالة وإصابات العمل ، ويوفر معاشا للعمالة الموسمية ولكل من يبلغ سن التقاعد.
وعن مشروع التأمين الصحى الجديد ، أكد مبارك أنه مشروع لمظلة تغطى كل المصريين ، ويضع الرعاية الصحية فى إطار حاجة المواطن إليها ، وليس قدرتهم على تكاليفها حيث يتحمل القادر اشتراكات التأمين ، وتتحملها الدولة عن غير القادرين، مما سيخفض نسبة ما تتحمله الأسرة المصرية من الإنفاق على الرعاية الصحية.
من ناحية أخرى أكد مبارك أن موقع مصر الجيوستراتيجى يتطلب يقظة وسعيا دائمين لتأمين مصالحها الحيوية وأمنها القومى ، خاصة وأن دوائر أمنها القومى تتلامس بقوة مع كافة الأوضاع والمستجدات على امتداد خريطة الجغرافيا السياسية والاستراتيجية مع منطقة الخليج والبحر الأحمر والأورومتوسطى فى الشمال ومنابع النيل فى الجنوب.
وقال الرئيس إن موقع مصر الجيوستراتيجى يمنحها طاقة الحركة فى اتجاه القارات الثلاث، أفريقيا وأسيا وأوروبا ، وعبر هذه الأبعاد الثلاثة تتشكل دوائر الأمن فى المحيط العربى والإقليمى والعالمى بما فى ذلك أهم الممرات البحرية الحاكمة للملاحة والنقل والتجارة الدولية حول العالم بما فى ذلك إمدادات البترول والغاز ذات الأهمية الإستراتيجية وعلاقتها بالأهمية المتزايدة لأمن الطاقة فى إدارة العلاقات الدولية.
ونبه الرئيس مبارك إلى أن الواقع العالمى الجديد له انعكاسات واضحة على المنطقة العربية ، فهناك العديد من الأزمات والخلافات والانقسامات فضلا عن المحاور والمزايدات ومحاولات إيرانية للهيمنة والتدخل فى الشأن العربى على جبهات عديدة..مشيرا إلى أن كافة هذه الأزمات والانقسامات والتهديدات يتقاطع مع دوائر الأمن القومى المصرى فى صلته بأمن الخليج وأمن البحر الأحمر وفى علاقته بالأمن الأورومتوسطى فى الشمال ومنابع النيل فى الجنوب.
وعن دور أحزاب المعارضة ، فى مصر والنشاط الحزبى عموما فى ظل الأوضاع الراهنة قال مبارك ،أحزاب المعارضة هى جزء من النظام السياسى المصرى ، وإذا كان ثمة خلافات فى البرامج أو المواقف من بعض القضايا بين الأحزاب ، وبعضها فى إطار هذا النظام ، فهذا لا يعنى أن بعضها أكثر وطنية أو حبا لمصر من البعض الآخر، نحن جميعا فى قارب واحد وليس لدى أدنى شك فى أن كافة الأحزاب المصرية تنشد مصلحة الوطن كل منها حسب برامجه .. وما يطرحه للتعامل مع قضايا الداخل والخارج..والشعب هو وحده فى النهاية صاحب القرار فى من يختار ، ولذلك نحن لا نصادر على حق أى حزب من الأحزاب فى أن يمارس دوره ونشاطه فى إطار الشرعية والدستور والقانون ودون أن يصادر حق غيره من الأحزاب ، فى التعبير عن نفسها ورؤيتها.
"إن اختلاف الآراء ، والمواقف ، حول بعض القضايا ، وتفاعلها إيجابيا وديمقراطيا فى الوقت نفسه ، هو ظاهرة صحية ، لأنه يسهم فى بلورة المواقف من قضايا المجتمع ، وأنا حريص على طرح القضايا التى تمس حياة المواطنين لحوار مجتمعى عام ومفتوح ، وقد أسهم هذا الحوار فى تناول هذه القضايا ، وفى اتخاذى للقرارات بشأنها ، مثال ذلك الحوار المجتمعى حول التعديلات الدستورية ، وتطوير التعليم ، ونظام التأمين الصحى .. وغيرها.
وأضاف مبارك قائلا ،"خطوات الإصلاح السياسى استهدفت توسيع المشاركة السياسية ، وتحديث أطر العمل الحزبى والسياسى فى مصر ، وهناك منذ عام 2005 حيوية غير مسبوقة فى حياتنا السياسية ، ولكن على الأحزاب أن تنهى خلافاتها الداخلية وتتواصل مع مشكلات المجتمع المصرى بمواقف تتجاوز توجيه الانتقادات إلى الأهم والمطلوب وهو طرح البدائل والحلول.
"إن الساحة المصرية تشهد أجيالا شابة ، ومن حقها أن تجد لنفسها دورا ، وأن تعبر عن نفسها ، وتشعر أنها تسهم فى صنع القرارات التى تمس مستقبلها ومن واجب الأحزاب المصرية أن تفتح لها الأبواب ، وأن تتيح لها فرص المشاركة والتأثير.
وأضاف الرئيس ،"إننى أتابع الحملات الإعلامية لوزارة الداخلية فى إطار جهودها لتحديث قوائم الناخبين وتسهيل مشاركتهم فى الانتخابات .. ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية مهمة بمجلسى الشورى والشعب العام الحالى ، وانتخابات رئاسية العام المقبل ،وأتطلع إلى أن تسهم فى المزيد من تدعيم ما حققناه من إصلاحات دستورية وتشريعية منذ عام 2005 ، وأن تخطو بحياتنا السياسية والحزبية وممارساتها خطوات جديدة إلى الأمام.
وعن أولويات العمل الوطنى فى إطار السنوات القادمة قال الرئيس مبارك: لقد تقدمت فى الانتخابات الرئاسية الماضية ببرنامج واضح ومحدد ألتزم باستكمال تنفيذه وأتابع ذلك مع الحكومة وعلى أرض الواقع فى زياراتى لمختلف المحافظات .. قطعنا بالفعل شوطا كبيرا فى تنفيذ أهدافه فى مجالات البنية الأساسية ، كمياه الشرب والصرف الصحى ، والإسكان وتحسين الأوضاع فى الريف ، وتطوير أوضاع الزراعة والصناعة ، وتوفير فرص العمل ، وتخفيف أعباء المعيشة على المواطنين ، وهو فى جوهره منحاز إلى القاعدة الاجتماعية العريضة ، كما أنه يعيد التوازن فى الاستثمارات والمشروعات وفرص العمل بين الدلتا والصعيد.
وكما قلت ردا على سؤالك السابق ، سنشهد هذا العام انتخابات برلمانية حرة ونزيهة تأتى للبرلمان بتشكيل جديد يعكس إرادة الناخبين ، ويبدأ الفصل التشريعى العاشر للدورة المقبلة لتستكمل تطوير بنيتنا التشريعية ولتبنى على ما حققه البرلمان الحالى فى الفصل التشريعى التاسع ، وإننى أتطلع للانتخابات التشريعية المقبلة وآمل أن تأتى بأفضل العناصر القادرة على الاضطلاع بدورها المهم كنواب للشعب ، كما أتطلع إلى استعداد الأحزاب - من الآن - للانتخابات الرئاسية عام 2011 ، وأرحب بكل من يملك القدرة على العطاء من أجل مصر وشعبها.
وأضاف الرئيس، أقول بكل الثقة أننى أرى لمصر مستقبلا واعدا ، فنحن دولة مؤسسات يحكمها الدستور والقانون ، لدينا مجتمع آمن ومستقر ومتماسك ، واقتصاد قوى وضع أقدامه على الطريق الصحيح ، ولدينا شعب غنى بكوادره وفكر وسواعد شبابه وشاباته ، وتظل أولوياتنا للعمل الوطنى كما هى تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الإقتصاد والتنمية وتوسيع قاعدة العدل الاجتماعى والانحياز للمواطن المصرى البسيط ، ولكى نحقق هذه الأولويات فإن علينا ألا نغفل ولو للحظة عن أمن مصر القومى ، وأمان وسلامة مواطنيها.
فى حوار مع مجلة "الشرطة":
مبارك: القطاع الخاص سيشارك الدولة فى مشروعات البنية الأساسية
الإثنين، 25 يناير 2010 04:25 م
الرئيس مبارك
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة