فى الوقت الذى رددت فيه بعض وسائل الإعلام العالمية، أنباء عن قرب حدوث انفراج فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، واحتمال حدوث لقاء بين المسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين بوساطة أمريكية فى شهر سبتمبر الجارى، فإن أطراف محور الرفض أو المقاومة، والذين يتمثلون فى إيران وسوريا وحزب الله وحماس يتشبثون بمواقفهم أكثر. وفى المقابل، فإن الأطراف الأخرى المعتدلة (الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر) مستمرة فى مباحثاتها السلمية.
ورصد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فى تقرير أعده ديفيد بولوك موقف ما يسميها الأطراف الرافضة كلاً على حده، وقال إنه بالنسبة لإيران، فرغم انشغالها بالاضطرابات الداخلية، إلا أنه لم يغب عن ذهنها معارضتها لوجود إسرائيل وكذلك من تسميهم وكلاء الولايات المتحدة العرب فى معسكر التسوية تحت قيادة الرئيس مبارك. وكان على لاريجانى رئيس مجلس الشورى الإسلامى قد انتقد مفهوم السلام الذى ينادى به أوباما، مشيراً إلى أنه لا يتناول حقوق الفلسطينيين.
كما استخدمت إيران منصة الرئيس السورى بشار الأسد خلال زيارته الأخيرة إلى طهران فى 19 أغسطس الماضى لتؤكد مجدداً دعمها لمعسكر المقاومة. ويكشف هذا، كما يشير بولوك، قلق إيران من احتمال إحراز تقدم فى عملية السلام بين العرب وإسرائيل، كما أنه يدل بوضوح على أن إيران تخلت عن أى أمل فى الاعتدال فى هذه القضية ربما للتهرب من العقوبات أو كسب مزيد من الوقت لبرنامجها النووى.
أما عن سوريا، وبعدما بدت دمشق قريبة من الموافقة على إجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل حول الجولان، فإنها الآن وبدلاً من أن تشجع حماس على قبول التفاوض مع إسرائيل، تحاول ثنى السلطة الفلسطينية عن استئناف المفاوضات. ويتوافق هذا الموقف مع تأكيد سوريا مجدداً على ولائها لحزب الله ورفض قبول المسئولية عن المتمردين الذين يعبرون حدودها مع العراق.
أما عن حزب الله، فيؤكد التقرير أنه لا يزال يخطط للقيام بعملية اغتيال مثيرة وعالية المستوى للانتقام من مقتل قائده عماد مغنية فى انفجار سيارة مفخخة فى سوريا العام الماضى.
ورغم ذلك، إلا أن الحزب يركز جهوده فى الوقت الحالى على الحفاظ على قوته داخل لبنان على الرغم من خسارته فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت فى يونيو الماضى. واعتبر التقرير أن تصريح سعد الحريرى رئيس الوزراء الذى قال فيه إن حزب الله سيكون ممثلاً فى حكومته الجديدة شاءت إسرائيل أو رفضت، يكشف عن التأثير الذى يمارسه حزب الله فى كل جانب من جوانب الشئون اللبنانية.
أما حماس، وعلى الرغم من تصريحات قادتها عن احتمال تقديم تنازلات محتملة، إلا أنه يبدو أنها اختارت عدم السير فى الطريق الدبلوماسى، فقد بدأ خالد مشعل الزعيم السياسى للحركة يركز من جديد على حق عودة الفلسطينيين، وهو ما ترفضه إسرائيل. ومن ناحية أخرى، فإن المسئولين فى حركة المقاومة الإسلامية توقفوا عن الحديث عن شروط قيام حكومة وحدة وطنية مع حركة فتح.
والمثير فى موقف حماسن إنها بدلاً من محاولة الخروج من حالة الضعف التى أصبحت فيها بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أنها تحاول التشبث بموقفها. لأنها تعتقد أن موافقتها على حكومة وحدة وطنية وقبول الاتفاق السلمى مع إسرائيل سيجعلها تفقد هويتها الحقيقية، ولذا فهى عازمة على الإبقاء على هذه الهوية والسيطرة على غزة بأى ثمن.
ويطرح معهد واشنطن تساؤلاً يتعلق بمدى إمكانية مواجهة المعتدلين لتحدى معسكر الرفض أو المقاومة، ويجيب بالقول نعم يستطيعون لكن بشرط أن تقوم واشنطن بتشجيعهم بدلاً من إضعافهم. ويشير بعض المراقبين إلى أن المسئولين المصريين والإسرائيليين بدأوا يتبعون سياسات تصر على تجميد الاستيطان كشرط مسبق لإجراء السلام، إلا أنهم وبحسب ما يقول المراقبون بدأوا يتخلون عن شروط أخرى مثل رفع الحصار عن قطاع غزة أو الوحدة الفلسطينية.
كما أن الرئيس مبارك خفف من موقفه السابق الخاص بأنه لا يجب طرح مبادرات عربية جديدة حتى تبدأ إسرائيل فى السعى نحو اتفاق سلام، وذلك بعد لقائه أوباما الشهر الماضى فى واشنطن، وذلك مقابل القول بأن العرب سيدعمون محادثات السلام بمجرد أن تبدأ.
معهد واشنطن: معسكر المقاومة يتثبث بموقفه ضد السلام
السبت، 05 سبتمبر 2009 07:32 م