شريف حافظ

المصرى بين رمضان 1973 و2009

الإثنين، 31 أغسطس 2009 02:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الله أكبر بسم الله بسم الله. نصرة لبلدنا بسم الله بسم الله. بإدين ولدنا بسم الله بسم الله. وأدان على المدنى بسم الله بسم الله. بيحيى جهادنا بسم الله بسم الله. الله أكبر أذن وكبر. وقول يارب النصرة تكبر.

هكذا غنى شعب مصر منذ 36 فى رمضان 1394 (1973)، حين صام الجندى المسيحى مُشاركاً أخاه الجندى المسلم، فى رمضان 1973، تحت لواء العلم المصرى. تشاركا فى التكبير: الله أكبر، وهم يعبرون القناة، تملؤهم العزيمة والإرادة والأمل، مؤمنين بالأرض والغد المُشرق. كانت معركة الكرامة. الناس تشعر بالأمل فى المستقبل. ورغم تواجد بعض أحداث الفتنة فى المجتمع، فى نهاية السبعينات، إلا أن الجو العام كان مقبولاً نسبياً.
تلك كانت الصورة فى مصر فى رمضان 1973.

أما الصورة فى رمضان 1430 (2009)، (وأعتقد أن تلك الحالة الثانية هنا، بدأت منذ أواسط التسعينيات من القرن المنصرم)، فهى مختلفة كليًّا؛ فالأغانى الوطنية لا نسمع عنها إلا فى النادر وترتبط بالأساس بالمنجزات الحكومية (غير الشعبية) والكروية. مظاهرات واعتصامات عمال مختلفى القطاعات. المصرى محبط، لا يمتلك أملا فى غده. روح الترابط بين المصريين من مختلفى الأديان، تتضاءل. الغضب والاحتقان يعُم. تنتشر حالة من الهبوط النسبى فى مستوى القيادات والرموز بصفة عامة وفى أى مجال.

لا يُمكن أن نلخص القصة فى بعض الجمل البسيطة، لأن المسألة تراكمية. وليست وليدة قرار أو حتى إستراتيجية. ومن يقول هذا، إنما يبسط الأمور للغاية. فالمعروف أن الإخوة الناصريين يرون أن سبب ما توصلنا إليه، هو السلام، ولا يعترفون أن السلام نتج من جراء الهزيمة فى 1967. وأنا هنا لا أتطرق إلى المراهقة المتمثلة فى الأهلى والزمالك السياسية، أى الحديث عن عبد الناصر والسادات، كما يحلو للبعض أن يُبسط، لأن تلك لغة تنم عن المشاعر وليس صوت العقل.

ولو أن السلام سبب، فإنى أذكرهم باستسلام ألمانيا واليابان، وليس تفاوضهم من أجل السلام. واليوم نراهما وكأنهما، هما اللذان ربحا الحرب العالمية الثانية! وبالتالى فإن إرجاع ما نحن فيه إلى السلام مع إسرائيل، ليس مقنعا، خاصةً وأن العرب على خلاف دائم حتى فى زمن عبد الناصر، أى منذ ما قبل عهد السادات!
وأعتقد أن ما نحن فيه سببه الأساسى أن النظام، لم يلتفت لتنمية أهم وحدة إنتاج فى مصر، التى تتمثل فى الإنسان المصرى. فرغم الإنجاز الكبير بتنمية البنية التحتية فى مصر، لم يتم الالتفات إلى بناء وتطوير الإنسان المصرى، بحيث يتم تطوير تفكيره وعقليته. وهذا ما أدى إلى أن التنمية لم تأت ثمارها المرجوة! فلو أن جمهورية الموز قد صرفت ما صرفناه فى العقود الماضية منذ حرب أكتوبر، وطورت الإنسان لديها، لكانت أصبحت اليوم معجزة من معجزات العالم!!

وبالطبع، فمنظومة التعليم والصحة الفاشلتين، كافيتين للإشارة إلى كم ما نعانيه اليوم من مشاكل، بالإضافة بالطبع، إلى الفشل الذريع فى عدالة توزيع الدخل . أضف إلى ذلك، أن قرارات الدولة عشوائية للغاية وحتى اليوم. كانت عشوائية منذ الثورة وتظل عشوائية اليوم. وكانت عشوائية قبل الثورة أيضاً، ولكن بشكل أكثر تقنيناً من اليوم. فالواضح أن مصر قد تم تخريبها. ومن يملك دليلا على عكس ما أقول، فليأت به، لكى أعتذر عن تلك المقولة على رؤوس الأشهاد!
إننا نعانى اليوم، مشكلة كبيرة لعدم الانتماء لدى شبابنا. فليست الوطنية فى تشجيع مصر فى مُباراة كرة قدم وفقط. الوطنية هى فى تشجيع الصناعة المصرية والقضايا المصرية والاشتراك فى التفكير فى حلول لها. الوطنية هى أن نشجب ما نعانى منه ونفكر فى كيفية الخروج منه. أقابل الكثير من الشباب من مختلف المشارب السياسية أو ممن لا ينتمى إلى أى اتجاه، ممن يشعرون أن مصر ليست بلادهم. بل إن هناك من يكره مصر وبشدة، ويُفضل الانتماء لبلاد مختلفة كلياً عنا. إن الكثير من المظاهر حولنا، والتى تتصف بالغُربة عن الوطن، إنما هى بسبب حالة من عدم الانتماء لمصر!
إن استرجاع ذاك المواطن المصرى الذى عبر فى رمضان 1973، مرهونة بتنميته على شتى الأصعدة بدءاً من تلك العلمية العقلية ومرورا بتلك الصحية ووصولاً إلى النواحى الاقتصادية الاجتماعية. بتلك الطريقة سيتحقق الأمن المصرى والاستقرار، لأن الأمن التقليدى، لم يعد هو الحامى فى عالم اليوم، حيث أعيد تعريف الأمن منذ زمن، ليشمل شتى مناحى الحياة. إن تنمية الإنسان المصرى وحبه الحقيقى لبلاده، على شاكلة رمضان 1394، لهى أهم عامل لحفظ استقرار مصر. إذا منح هذا المواطن العلم والحرية والديمقراطية وحق المشاركة الحقة، ستصبح مصر قوة عظمى وبالإضافة إلى عودة روح أكتوبر، ستتولد روح من الشموخ الحقيقى المؤيد من الواقع، وهى الحالة التى لم يعشها المواطن المصرى عبر تاريخه أبداً!
كل نصر ومصر وجميع المصريين بخير.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة