شريف حافظ

وهل تُقبل توبة الإرهابيين فى أى وقت؟

الخميس، 27 أغسطس 2009 12:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكتب من خلال هذا المقال، ردى "ولو أنه غير كافٍ للفهم الشامل، ولكنه يكفى الآن" على مقال السيد الأستاذ المحترم، هانى صلاح الدين، "المُجتزأ"، بعنوان "أظلنا شهر كريم فهل يتوب العلمانيون؟" للقائنا معاً يوم الخميس الموافق 20 أغسطس، حيث لم يتجاوز نقاشنا أكثر من الربع ساعة على أكثر تقدير. وها هو الأستاذ هانى، ينفلب على عقبيه، ليقر بأن الدين الإسلامى "سوى بين الجميع"، ورفع راية المحبة "لكل البشر"، حتى "المخالفين له فى العقيدة""، بينما كان يقول فى مقال سابق، "أن معظم الفقهاء أقروا أن لشركاء الوطن حق تولى كل المناصب فى الدولة، ولعل تاريخ خلفاء المسلمين يشهد بذلك، لكن "فيما عدا" الولاية الكبرى، لأن هناك نصوص حاكمة للأمر"! فمن نصدق؟ مُعظم الفقهاء أم الدين الإسلامى نفسه؟ بالقطع نُصدق الدين وليس الفقهاء، وهو تغير محمود، نتج بالقطع من جراء حديثنا معاً، ولكن أغلب ما دون ذلك، هو من فعل حفظ الأستاذ هانى فى كُتاب جماعة الإخوان المسلمين، وليس من فعلى أنا!

ففيما يتعلق بالطعن فى الإسلام، الذى يقول به الأستاذ هانى، متهماً العلمانيين، فإنى أسأله: هل خالد الإسلامبولى وعبود الزمر وعبد السلام فرج ومن كانوا معهم، قتلة الرئيس السادات؛ وشكرى مصطفى، قاتل الشيخ الذهبى؛ وحسن عبد الحافظ ومحمود زينهم، قتلة القاضى أحمد الخزندار ولنتذكر كلمات حسن البنا فيما قال تحريضاً على قتل الخزندار "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله"؛ وعبد المجيد حسن، قاتل النقراشى؛ وقاتل فرج فودة؛ وأسامة بن لادن وأيمن الظواهرى والزرقاوى، الذين يعادون البشرية كلها، بغض النظر عن الدين ويدعون محاربة الوجود الأمريكى فى المنطقة، رغم أنهم أوجدوا له ذريعة للزيادة والاستقرار؛ وغيرهم الكثيرون ممن لا يسع ذلك المقال لإيراد أسمائهم "وأغلب المذكورين كما يظهر، خرجوا من عباءة جماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى لها السيد هانى صلاح الدين"؛ وجماعات مثل طالبان وأبو سياف، الذين شوهوا الدين الإسلامى وصورته فى أعين العالم؛ ناهيك عن المحرضين، الذين دفعوا هؤلاء جميعاً لاقتراف جرائمهم، رغم أن هؤلاء المُحرضين، المفترض أنهم علماء دين؛ أقول هل هؤلاء، أعلوا قيمة الإسلام، أم طعنوا فيه؟ إنهم إرهابيون دون مُواربة أو مُجاملة! ولا يسمع العالم كله، عن علمانيين إرهابيين، ولكن عن علمانيين مفكرين، ومنهم الكثير، ممن يؤمنون بالله، ويعبدونه وربما أكثر من الكثيرين من المتشدقين بالشعارات الدينية، كلُ وفقاً لدينه، الذى لا يُمكن أن يُزايد أحد عليه. وبالتالى فإن السؤال يجب وأن يكون: هل تُقبل توبة الإرهابيين فى أى وقت وليس فقط فى رمضان؟!!

ولكنى أشكر للأستاذ هانى أمانته، فى أنه عندما ذكر العلمانيين الذين يختلف معهم، أكد على "أنه هو" من يرى فى أسماء معينة من العلمانيين، من يستهدف هدم الدين الإسلامى! حيث لا أرى أنا، أحداً بقادر ولو أراد، أن يهدم دينى الإسلامى الحنيف، أو أى دين، ويكفى الأستاذ هانى، أن يقرأ تاريخ العرب قبل الإسلام، يوم قام أبرهة الأشرم بمحاولة لهدم الكعبة. فالله حامى الكعبة، كما يحمى الدين منذ نزول الوحى على الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، كما ورد فى القرآن الذى أؤمن به، والذى أعتقد أن الأستاذ هانى يؤمن به أيضاً، ولكنه ولكى يؤيد رؤيته ضد العلمانيين، تجنب ذكر تلك الحقيقة الدينية التى لا يُمكن نسيانها، وليس هذا من العلم فى شىء. فالحجة لكى تكون سليمة، يجب الأخذ بكل الحقائق الأساسية بعين الاعتبار. والإسلام بعيد كل البعد عن معركتنا، ومن يحاول الزج به، إنما يقوم باستغلاله، لاستدرار مشاعر الناس، وهى اللعبة التى أتقنها الطُغاة، ولا أظُن السيد هانى يشترى باللعب بالدين ثمناً قليلاً كهذا الذى أراده الطُغاة لأنفسهم، وبالذات فى شهر رمضان!

لقد اتفقنا أن العصمة للأنبياء! نعم! ولكننا اتفقنا أيضاً، أن الخلفاء الراشدين والصحابة فى أعلى العليين، رغم أن لهم أخطاء، شهد بها التاريخ الإسلامى وكُتب السير. ولقد سألت الأستاذ هانى فى مقال سابق، أن يروى لى عن الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه، فتجنب الحديث. ولكنى أذكره، بتوبة عثمان بن عفان، رضى الله عنه، أمام الناس عند أحداث الفتنة فى خلافته، بناءً على طلب عمرو بن العاص، ورغبة على بن أبى طالب، رضى الله عنهما. وهو مؤكد يعرف نص توبة أمير المؤمنين أمام الناس. وهو ما يدل على أن الخُلفاء أيضاً أخطأوا، ولا عيب فى ذلك، لأنهم بشر، إلا لمن يقدسهم، وهو أمر لا يوجد فى الإسلام، إلا لله عز وجل، إلا فى حال أن أحداً يحرف دينه. ولو أن الخُلفاء، يدركون أنهم لا يخطأون، لما قال سيدنا عمر رضى الله عنه، فى القصة الشهيرة:"أصابت امرأة وأخطأ عمر"!

وأنهى حديثى "المبتسر" للأستاذ هانى، بأن أقول، أن الدين لا خلاف على حقائقه، وأنى والأستاذ سعيد شعيب، الذى أعتقد بأنه من أفضل المصريين الذين رأيت فى حياتى كلها، مسلمين، ولا شك فى هذا! وهناك الكثير من العلمانيين من المسلمين. ومنهم من هم من أديان أخرى، ولكننا جميعاً نُبقى على ديننا فى القلوب، بيننا وبين الله، ولا نُزايد عليه، لأن هذا يعيب العبد، حتى أن الزكاة، من الأفضل أن تكون سراً وليس علناً، حتى يُثاب عليها العبد، كما يعرف الأستاذ هانى جيداً. فالدين ليس مسار إعلانات ومُظاهرات، وإلا أصبح رياءً، ولأن الله هو من يحاسب المرء وحده، ولن أتخذ القرضاوى أو مهدى عاكف، على سبيل المثال لا الحصر، شُفعاء لى عند الله عز وجل، يوم القيامة! إننا نشترك فى الوطن، بينما يظل الدين محله القلب، كما أكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذاته، فى الحديث عن التقوى. إن الله يُحاسب المرء على عبادته وأعماله ابتغاءً لوجهه جل جلاله، وليست العبادة حاسمة فى علاقة الإنسان مع أخيه فى الدولة. وبالتالي، فإننا نشترك معاً فى الحديث عن تلك الدولة وعلاقة الأفراد فيها، وليس حول الدين، حيث العلاقة مع الله وليست مع غيره، والعياذ بالله!

نعم! نتفق على العقيدة، ولكن للجميع حرية البحث، وليس السب أو التكفير أو الاستتابة. لقد وقفت، كما تقول، ضد ملحدين، يدعون العلمانية "فهم مُدعون، لأن العلمانية تحترم الدين"، وهم ليسوا بعلمانيين، لأنهم يحتقرون الدين ويتطرفون فى مشاعرهم، حيث لا يوجد ما يُدعى بالعلمانى المتطرف، ولكن العلمانى منطلقاته بسيطة وتهدف إلى صلاح الدولة والدين، بانفصالٍ بينهما وفقط، وليس انفصالاً بين الدين والدنيا كما ادعيت مخطئاً. فسب شهر رمضان والتعرض للمسلمين أو سب رموز المسيحية أو البهائية أو اليهودية، أو أى دين على وجه البسيطة، مرفوض وفقاً لأى منهج سوى، لقول الله تعالى فى الكفار وليس أهل الكتاب، من خلال حكمته القرآنية: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون". كما أننى أحترم أى شخص صاحب فكر، ولو اختلف معى باحترام، لأن فكره ليس نهائياً، وإنما فكر، لى أن أقتنع به أو أرفضه، وأرد عليه بفكرى. فإن لم تقتنع بما كتبه "سيد القمنى ونصر أبو زيد ونجيب جبرائيل وغيرهم من أمثال نوال السعداوى"، فلترد عليهم بكتاب شافٍ ووافٍ، يحمل فكراً ضاحداً لما يقولون. وعلى جمهور الناس، الحكم، وليس لنا أن نسلب الناس عقولهم، لنحكم لهم، أو نحرض ضد من يفكر. إننى لا أتفق مع كل ما يقوله هؤلاء، ولا أختلف مع كل ما يقوله الشيوخ "فى العام"، فهذا، ما يسمى بحرية الرأى.

وقد عاش فى الدولة الإسلامية قديماً، ملحدون نالوا شُهرة فائقة، مثل ابن الراوندى، ولم يتعرض لهم أحد، ولم يكن هناك حد للردة لقتلهم، بل إن العلماء المسلمين ردوا على كتبهم بكتب وليس بتحريض كما حدث مع أبو زيد أو القمنى أو السعداوى، الذين لم يعلنوا عن إلحاد!!

إن اختلاف الإسلاميين والعلمانيين، ليس اختلافاً حول ثوابت الدين، كما أوضح الأستاذ هانى، مُخطئاً. ولكن الخلاف، حول استغلال هذا الدين وإدخال أشياء عليه، هى ليست منه! أى أن العلمانيون يأبون التشويه، ومع تجديد الخطاب الدينى ليواكب العصر ويزيد من تقدم البلاد ويصنع دولة راقية تعتمد العمل والعلم نبراساً، وتستطيع مواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية، بينما الإسلاميون، يريدون التشدد فيه وإدخال ما ليس فيه به، خلافاً للآية: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا".

والإسلاميون بذلك، يريدون العودة بالبلاد إلى منطق الجاهلية أو العصر الحجرى وما قبله من نشر ثقافة الرأى الواحد والاقتتال مع كافة البشر، مما سيؤدى إلى هزائم لا حصر لها!! وهذا ما جعل السيد أبو العلا ماضى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، وعندما عرف بالتشويه لدين الله من قبل تلك الجماعة، أن يؤسس حزباً يُدعى الوسط، ليعترضون هم عليه ونتقبله نحن معشر العلمانيين!! فهو يؤكد الرؤيا الوسط، للدين، وهو ما يجب وأن أرفع له القُبعة عليه. وبالتالى، فإننى فى ردى هنا على الأستاذ هانى، أحببت فقط، أن أوضح الأمور فى نصابها الصحيح، وأن أرجع الموضوع إلى سياقه الحق، بعيداً عن التقول وقلب الحقائق والتكفير والسب وطلب الاستتابة ممن لا يملك تلقيها، وأرسل مع كل هذا، برسالة فائقة الاحترام للأستاذ هاني، وأؤكد له، بأن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، ولكنه ليس الله، لكى يحكم على عباده ويطلب توبتهم، ولست أنا أيضاً والعياذ بالله! وليؤمن بما جاء فى القرآن من حرية عقيدة تكلم عنها، ثم فرغ أغلب مضمون مقاله، عن الآخر، منها، وليؤمن بالدولة المدنية العلمانية الخالية من التشويه أو الإقصاء لأى مواطن أو أية قيمة، بما فى ذلك كل الأديان، ودون استغلال لأى الدين، مثلما فعل هو فى مقاله السابق!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة