سوسن على سليمان أو أم طارق امرأة لا تعرف السكوت على الظلم والفساد، ولا تشغلها العواقب، تطرق أبواب المسئولين دون كلل أو ملل لأنها تطالب بالحق لا أكثر ولا أقل.
كانت سوسن بين صفوف أهالى ضحايا العبّارة، تهتف ضد ممدوح إسماعيل، رغم أنها لا تملك لا ناقة ولا جملا فى هذه القضية، ولم يلق أحد أفراد عائلتها مصرعه على سطح هذه العبارة ولكنها وقفت معهم لتساند الحق.
وكذلك كان موقفها حين رأت أحد عمال الفرن يقذف الخبز الساخن فى وجه إحدى السيدات وهو يردد «إذا كان عاجبك»، لتقف وحدها فى مظاهرة ضد الغلاء أمام مجلس الشعب، تقول: «كل اللى شاغل نواب مجلس الشعب هو الاعتراض على ملابس دينا وفيفى عبده، أمال مين يهتم بطوابير العيش اللى بنقف فيها!».
منذ وفاة زوجها منذ أكثر من 16 سنة، حملت على عاتقها مهمة تربية أولادها الثلاثة، كانت تبيع الملابس فى المؤسسات الحكومية ولا تشعر أحدا بأنها فى احتياج إلى المال وأرسلت للراحل عبدالوهاب مطاوع تحكى له قصة كفاحها مع أولادها فاستقبلها فى مكتبه وأعطى لها خطاب توصية إلى وزير الإسكان ليعطيها شقة فى 6 أكتوبر وعرض عليها أن يخصص لها راتبا شهريا لأولادها إلا أنها رفضت، وقالت: «لازم ولادى يحسوا أنا بتعب فى القرش قد إيه عشان يعرفوا قيمته ويساعدونى».
أما المعركة التى خاضتها قبل أيام، فهى حربها الشرسة ضد لوكيميا الدم الذى أصيب به ابن أختها والذى تعتبره بمثابة ابنها حيث اكتشفت بالصدفة أن منير الذى لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره مصاب بلوكيميا الدم ذلك المرض الذى يتعامل معه الكثير من الأطباء على أن المصاب به سيموت آجلاً أم عاجلاً، إلا أن إيمانها الشديد بشفائه يجعلها لا تكل ولا تمل فى المطالبة بحقه فى العلاج على نفقة الدولة.
ولم تكتف بذلك بل رفعت دعوى قضائية ضد وزير الزراعة الأسبق يوسف والى تتهمه بالتسبب فى إصابة ابن أختها بسرطان الدم مستندة إلى الأحكام الصادرة ضد يوسف عبدالرحمن وراندا الشامى بالسجن مددا تتراوح بين 6 و10 سنوات إلا أن الدعوى حفظت بعد أيام قليلة.
أنفقت سوسن الكثير على علاج ابن أختها وحين عجزت إمكانياتها عن العلاج تقدمت بطلب لعلاجه على نفقة الدولة وبالفعل أنفقت الدولة على علاجه ما يقرب من 105 آلاف جنيه وحين طالبت سوسن بالمزيد من أجل استمرار العلاج، صدمت بالموظف المختص يوقع لها على طلبها بكلمة واحدة «استنفذ».
«عفوا لقد نفذ رصيدكم ولن يسمح باستكمال العلاج» نزلت عليها الكلمة كالصاعقة، فابن أختها لا يزال مريضا وفى احتياج إلى الكثير من النفقات العلاجية.
جن جنونها ولجأت إلى مكتب مستشار وزير الصحة مطالبة بمبلغ 20 ألف جنيه لاستكمال العلاج فتقرر تشكيل لجنة للنظر فى طلبها «لو ماطلعش قرار باستكمال علاجه على نفقة الدولة، هاعمل وقفة احتجاجية أمام النائب العام وأمام وزارة الصحة وإذا لم يستجيبوا هاروح أقابل الريس فى مصر الجديدة وإن شا الله يعتقلونى مش هاسكت».
السبت 8 من أغسطس الجارى كان هذا هو آخر كلام لـ«سوسن»، إلا أن القدر لم يمهلها فقد نفذت روح منير الأربعاء 12 من أغسطس تماما كما نفذ رصيد العلاج، ترى هل ينفذ صبر وصمود سوسن الآن؟!
تقول سوسن: لا.. لن أسكت عن ظلم، ح اروح للريس وأقوله إنهم سابوه لحد ما مات.