شريف حافظ

عذراً مسلمى الصين !

الثلاثاء، 21 يوليو 2009 09:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استُشهد يوم الأحد، 5 يوليو الماضى، بعد أربعة أيام من استشهاد مروة الشربينى فى ألمانيا يوم الأربعاء 1 يوليو، 156 مُسلم صينى (على أقل تقدير) فى مدينة أورومتشى الصينية وجُرح، على الأقل، 800 غيرهم، فى مواجهات مع شرطة المدينة. وفى إطار نفس تلك المواجهات، تم تدمير أكثر من 260 سيارة، وأكثر من 200 محل تجارى ومنزل. ولم تُعبر أى دولة مُسلمة عن غضبها، ولم تخرج الجماعات التى "تدعى" الدفاع عن الإسلام، لدينا، أو تُكفر الآمنين فى بلادنا، لتشجب، على أقل تقدير، هذا الفعل، من جانب الحكومة الصينية، وكأن الشيوعيين لهم الحق فى قتل المسلمين، بالمئات، بينما عندما تُقتل مسلمة واحدة فى ألمانيا نخرج بالمظاهرات ضد ألمانيا، ونُكفرها، وهو أمر مُستغرب ومُستهجن، ضد من يدّعون أنهم مُدافعون عن دين الله، لأن ذلك وببساطة، كيل بمكيالين، ويجعل أهلنا فى الصين، ينظرون لنا بغضب، وأعتقد أن لهم حقا شديدا، فى ذلك!!

ولنفهم ما حدث فى مدينة أورومتشى الصينية، علينا بتلك النظرة السريعة:
يحوى إقليم تركستان الشرقية الذى يسمى اليوم بإقليم سينكيانج Xinjiang والذى توجد به مدينة أورومتشى، وبه حوالى 14 مليون مُسلم على الأقل (أكثر مما تحوى الكثير من الدول العربية). ويوجد فى هذا الإقليم، 13 جماعة عرقية، أكبرها جماعة الإيجور (تسمى أحياناً أيغور)، وتُشكل حوالى 45 % من مجموع سكان الإقليم، وفقاً للإحصاء السُكانى لعام 2003. أغلب من ينتمون لهذه الجماعة من المُسلمين. ومع زيادة المهاجرين من جماعة الهان العرقية، عبر الزمن، حدثت نزاعات على الموارد، التى يعتبرها الإيجور ملكاً لهم، لأنهم يقطنون فى هذا الإقليم منذ عهود أطول. ولذا، فإن النزاعات العرقية بين الإيجور المسلمين والهان، تنبع بالأساس من ضيق الموارد الاقتصادية. ولأن الهان أكثر تعليماً، فإنهم الأغنى مادياً. وبالتالى فإن تاريخ النزاع بين جماعة الإيجور وجماعة الهان العرقيتين، ضارب فى العمق.

وما حدث يوم 5 يوليو الماضى، هو أن عدداً صغيراً من جماعة الإيجور المسلمين تجمعوا فى عاصمة إقليم سينكيانج، أورومتشى، للتظاهر. فقد كان الغضب سيد الموقف فى الشهر الماضى، عقب اشتباكات عرقية بين الجماعتين، تسببت فى مقتل شخصين من الإيجور، فى إقليم جوانجدونج، على بُعد 3200 كم جنوباً. وقد قال زُعماء الإيجور، أنهم كانوا يطالبون بالعدالة للقتيلين. إلا أن التظاهرة الصغيرة، سُرعان ما تضخمت فى المدينة التى يُتشكل ثلاثة أرباع سُكانها من جماعة الهان. وقيل إن ثلاثة من جماعة الهان قُتلوا فى هذا اليوم، ففتحت الشرطة النار على المُتظاهرين دون تمييز قاتلة عددا من المسلمين، لم يُحص كاملاً حتى اليوم، نتيجة للتعتيم الإعلامى الصينى على الحدث!! والغريب، أن الصين، الدولة، خافت من ردود أفعال المسلمين على مستوى العالم، ويالا العجب والتراجيديا المأساوية: فالمسلمون لم يغضبوا أو يحركوا ساكناً!!!

وأسأل السلطات الصينية هنا: ألم يكن من المُستطاع، فرض حظراً للتجوال ؟ ألم يكن من الممكن إطلاق النار فى الهواء، للترهيب وحفظ الأمن، بدلاً من قتل هذا العدد الكبير من البشر وكأنهم ذُباب ؟ أليس لديكم أى مشاعر إنسانية حيال الناس، بغض النظر عن أديانهم؟.

كل تلك المُشكلة، ويتساءل الغرب، وفقاً لما قرأت، "اهتم المسلمون بمقتل مروة الشربينى فى ألمانيا، ولهم كل الحق، ولكنهم لم يحركوا ساكناً لمقتل ما لا يقل عن 156 مسلماً فى الصين، وهذا غريب حقاً!! فهل لا يعترف المسلمون العرب، بمسلمى الصين؟ هل يعتبرون العرب من المسلمين، بينما لا يعتبرون المسلمين من غير المتحدثين بالعربية مسلمين؟؟؟"

وأقول لأهل الصين، وأنا فردُ مسلم واحد لا أُمثل أحداً غير نفسى.
عُذراً أهلنا من مسلمى الصين، فمُسلمونا من الجماعات السلفية، منشغلون بما هو أهم!! فهناك سيد القمنى الذين يقومون بتكفيره، باستدلال فاسد، ولو أنهم اكتشفوا أن الاستدلال خاطئ، فإن ذلك لا يهمهم، لأنهم خرجوا وبغض النظر عن أى شىء، لتكفير الرجل، لأنه مختلف عنهم فى طريقة كتابته. ولقد راجعت ما قاله السيد ممدوح إسماعيل هنا فى مقاله يوم الأربعاء 15 يوليو الماضى، واكتشفت أن الرجل اختصر ما نقله من كُتب سيد القمنى، ولم يذكر أن القمنى نقل ما كتب عن ابن كثير، بشكل أفسد مرجعيته!

ولكن أهتم بما قاله الأستاذ ممدوح إسماعيل فى القمنى أم أهتم بما قامت به السلطات الصينية من قتل 156 مسلما على الأقل وجرح 800 منهم؟ إن القمنى يجد من يهتم به من أنصار الإسلام الحق والحرية وممن قرءوا إبداعاته، ولكن أهلنا من مسلمى الصين، لا يجدون من يهتم بهم، وهو أمر واضح وضوح الشمس!

لقد اهتممنا بقتل إنسانة مسلمة واحدة، ولم نهتم بـ 156 روحا مسلمة زُهقت، وبـ 800 آخرين، جُرحوا! لماذا؟ هل بالفعل بعض ممن فى الغرب صادق، عندما يتساءل، أننا لا نُقدر المسلمين ممن لا يتحدثون العربية ؟

أنا لا أقول، إننا أخطأنا باهتمامنا بمقتل مروة الشربينى، كما يريد أن يفهم البعض!! ولكن ما أقوله، أن اهتمامنا كان من المفترض أن يتوزع على من يتعرضون للاضطهاد فى الصين أيضاً. ليس من المعقول، أن تهتم الولايات المتحدة والغرب، أكثر منا، بما يحدث لمسلمى الصين!

ها هو الغرب "الكافر" يا مسلمون: اهتم ووقف ضد قمع مسلمى الصين، بينما لم يفتح مُسلم، أياً كان، فمه فى تلك المسألة !! ها هو الغرب "الكافر"، ولو أن ما حركه هو المصلحة فإنه فى النهاية تحرك واستنكر بدعوى حماية حقوق الإنسان، ولم يتحرك المسلمون فى أغلبهم، سواء بدعاوى المصلحة أو بدعاوى الدين أو بدعاوى الأخوة! عُذراً مسلمى الصين، فنحن مُنشغلون بشهيدتنا مروة الشربينى، رحمها الله، وبتكفير رجل قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليس لدينا الوقت للوقوف بجانبكم، فهنيئاً لكم وقوف الغرب "الكافر" معكم، ولو بدعوى المصلحة!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة