أشــرف فتـحى محمـــود يكتب:العـــدالـة العــــــــاجزة

السبت، 18 يوليو 2009 10:25 ص
أشــرف فتـحى محمـــود يكتب:العـــدالـة العــــــــاجزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عفوًا... أخطأت سيدى الوزير فلا تتشبث بالخطأ (جل من لا يخطئ) وكلنا بشر، وليس عيبًاً فى المرء أن يخطئ وإنما أن يتشبث الإنسان بالخطأ فهذا هو العيب ذاته.
إن الإصرار على تكليف خبراء وزارة العدل بالانتقال للمحكمة للإطلاع على ملف القضية قبل مباشرة العمل فيها له مردود سلبى ومن آثاره: أن خبير الدعوى لا يحوز المستندات الواجب بحثها فيضطر للانتقال للمحكمة والتفرغ لمدة قد تطول أو تقصر وفق نوعية الملف وظروف كاتب الجلسة وموقع المحكمة وغير ذلك، وبدلاً من أن يبدأ الخبير بحثه من مكتبه فى حالة وجود الأوراق والمستندات تحت يده فإنه لن يشرع فى مباشرة مأموريته إلا بعد انتهائه من الاطلاع المذكور ثم تأتى بعد ذلك خطوة البدء فى مباشرة المأمورية مما يجعل من العدالة الناجزة "عدالة عاجزة".

كما أن الانتقال للمحاكم بغرض الاطلاع يكلف الجهد والوقت والمصروفات التى يتحملها الخبير ويتحملها الخصوم والمحامون بخلاف ضياع وقت الخبير الواجب استغلاله فى إنجاز أكبر كم ممكن من القضايا بالدقة اللازمة لذلك، أيضًا فالقول بضياع مستندات أو فقدها أو تلفها هو قول مخالف للحقيقة لكون الخبير يتسلم القضية فى ملف مدون عليه المستندات بيانًا وعددًا ويسلمها كذلك بيانًا وعددًا ولا أدرى كيف يكون للضياع أو الفقد مجال؟.. فضلاً عن ذلك فالخبير أثناء أدائه لمأموريته يتسلم من الخصوم فى مكتبه مستندات جوهرية ومؤثرة بطبيعة الحال، كما أن القول بعدم إرسال ملف الدعوى للخبراء ينتج عنه عدم دراية الوظائف الإشرافية بالخبراء بحجم ونوعية القضية حتى يستطيع توزيعها على الشخص (الخبير) المناسب لها، معاون خبير- مساعد خبير– خبير أول– رئيس قسم...إلخ.

إن البديل المطروح من إرسال صورة ضوئية من الملف مستحيل عمليًّا لعدة أسباب كان من بينها: أن ملفات القضايا قد تصل أحجامها للضخامة التى يتعذر تصويرها وكذا قد توجد أصول غير واضحة أصلاً فتكون الصورة الضوئية لها بالقطع غير مقروءة تمامًا، وقد توجد خرائط مساحية أو كشوف كبيرة يتعذر تصويرها وكذلك الحال فى الرسوم الهندسية، علاوةً على أن تصوير أوراق القضية قد ينشأ عنه عدم ورود بيانات ببعض الهوامش أو الجوانب كان على الخبير أن يبحثها لاسيما فى "العقــود "، فعملية التصوير ذاتها قد تستغرق وقتًا وجهدًا مما يطيل الزمن اللازم لإنهاء المأمورية.. إن ذلك سوف يفسح المجال للخصوم الباحثين عن أية ثغرات تطيل أمد النزاع لكى يطعنوا على كل صورة ضوئية ويجحدوها و...إلخ، والمجال مفتوح، وهذا بخلاف أنه يتعارض من نصوص المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 المنظم لأعمال الخبرة، فخيار تصوير الملف لم يرد به أى صلاحيات ولكنه فقط ورد بكتاب مساعد وزير العدل لشئون الخبراء وهو غير ملزم للمحاكم لكونه يتعارض مع ما ورد للمحاكم من التفتيش القضائى بتكليف الخبير بالانتقال.

إن القول بأن الخبير يتقاضى راتب من 7000 جنيه إلى 14000جنيه مردود عليه من خلال الواقع الفعلى لكشوف المرتبات والحوافز للخبراء على مستوى الجمهورية كلها، فلو كان الوزير ومساعدوه لا يعلمون متوسط دخل الخبير فهذه مصــيبة، وإن كانوا يعلمون ثم لا يقولون الحقيقة فهذه مصيبة أكبر وتستحق وقفة وتأملاً.

ولمصلحة من أن يسعى الوزير للتشبث بقرار ثبت أنه معوق للعمل؟ ولمصلحة من ألا يتوافر للخبير الـدخل المناسب الذى يكـفيـه وأسـرته لكى يكون مهـيأ نفســيًّا لأية أعمال يكلف بها؟

إن الخبير هو شريك للقاضى فى حكمه عن طريق رأيه الفنى المبنى عليه الحكم، ولو أن الخبير- لا سمح الله- سلك طريقًا غير سوى فى أى قضية لكان من أثرى الأثرياء؛ ولكنه يأبى الحرام فكيف لا نفكر فى تذليل العقبات والصعوبات أمامه ورفع مستوى دخله؟.. فلنفكر فى الأمر بهدوء وعقلانية وتروٍّ وحكمة، وليس بالعناد أو المكابرة فطريق العناد لا يصلح فى ظل عصر العولمة والشفافية.

إن الخبراء ثائرون لكونهم لن يتمكنوا من إنجاز القضايا المطلوبة للحصول على حوافزهم ومن ثم سيعجزون عن تدبير احتياجاتهم لأنهم يعاملون بالقطعة، ومعنى ذلك العجز عن تحقيق "العدالة الناجزة" ومن ثم سنتحول قطعًا إلى "العدالة العـــــــــاجزة".

* من خبـــــراء وزارة العـــــــــدل






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة