د. خميس الهلباوى

إنقذوا البيئة فى الإسكندرية يرحمكم الله

الإثنين، 29 يونيو 2009 06:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعتنى الغرفة التجارية بالإسكندرية مشكورة لحضور افتتاح المؤتمر الأول للبيئة لمنطقة البحر المتوسط، الذى أقيم فى مكتبة الإسكندرية العظيمة، وقد أشار الوزير رشيد محمد رشيد فى كلمة الافتتاح، التى ألقاها نيابة عن السيد رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، إلى أن منطقة البحر المتوسط مهددة بالاحتضار خلال الفترة القادمة. وقد رأيت أن أكتب هذا المقال لإلقاء الضوء على أهم مخاطر تلوث بيئة البحر الأبيض المتوسط، الذى يعتبر أهم مصادر الثروة السمكية بالإسكندرية، بالإضافة إلى أنه يعتبر أكبر ميناء بحرى فى مصر، وأجمل مصيف على سواحل البحر البيض المتوسط، علماً بأن الإسكندرية يقطنها أكثر من 5 ملايين نسمة. والبحر الأبيض المتوسط من أجمل بحار العالم ويجمع على ضفافه أرقى الحضارات وأقدمها وأكثرها على وجه الأرض، وهو مصيف متميز بمناظره الجميلة ومناخه المعتدل ومياهه الهادئة، وطبيعته الجذابة، لذلك فقد كان مهد الحضارات، الذى ساعد البشرية على الإبداع، فخرجت من المنطقة الحضارات التى يتمتع العالم بنتائجها فى القرن 21، والثروة السمكية من أهم المصادر الطبيعية التى استغلها الإنسان كمصدر للطعام، ومن المعروف أننا لكى نحافظ على الثروة السمكية فلابد أن نحافظ على التوازن البيئى، ولهذا فإن الاختلال الذى يطرأ على النظام البيئى، أو على نشاطات مكوناته، يؤدى إلى تدهور الوضع البيئى، وللثروة السمكية علاقات مختلفة مع معظم مكونات البيئة البحرية تتسم بالتوازن الذى تم تحقيقه على مدى قرون عديدة. وبالرغم من أن استهلاك الإنسان للأسماك وحدها كبروتين يمثل نسبة 20% من البروتين المستهلك على المستوى العالمى، فإن الإنسان المستفيد من سلامة بيئة البحر المتوسط هو الذى يعمل على تدميرها، ويمكن تلخيص أهم الأضرار والمخاطر التى تهدد بيئة البحر الأبيض المتوسط فى الآتى: أولاً: الملوثات الصلبة والسائلة: 1- نشرت أكاديمية العلوم الأمريكية إحصائية تفيد بأن وزن النفايات الصلبة التى تلقى فى البحار يبلغ 14 بليون رطل سنوياً بمعدل1 مليون رطل فى الساعة ويمثل البلاستيك 10% من هذه المخلفات الصلبة. 2- ولكى نعلم مقدار المشكلة فإن النقل البحرى يعتبر أعلى مصدر للتلوث البترولى، والغريب أن البحر المتوسط الذى تبلغ مساحته 1% فقط من مساحة البحار فى العالم يحتوى على 50% من كل النفط والقار الطافى على سطح الماء، وكذلك المبيدات الحشرية ومياه الصرف الصحى.

ثانياً: الصيد الجائر، من المخاطر التى تهدد بيئة البحر، والصيد الجائر: هو زيادة قدرات الصيد (عدد القوارب، أو معدات الصيد، أو الوقت المخصص للصيد) ويؤدى إلى استغلال المخزون السمكى فى البحر بشكل أكبر من القدرة اللازمة لصيد الكميات الزائدة من المخزون، وهو الأمر الذى يترتب عليه فى المستقبل تناقص أعداد الأسماك فى هذا المخزون بشكل يؤثر سلباً على قدرته على تجديد نفسه طبيعياً، مما يؤدى فى النهاية إلى فقد الثروة السمكية للأجيال القادمة والزمن المقبل. ولهذا فينبغى على الجهات المسئولة عن الثروة السمكية الحفاظ عليها بتقييم وضع المخزون السمكى فى البحر، ووضع الضوابط والتنظيمات الكفيلة بحمايته من الاستغلال المفرط، لترشيد استغلاله، واستدامته. ومن المخاطر الأخرى التعدى على بيئة البحر والتلوث التى أدت إلى النتائج والآثار التالية:

أولاً : تآكل الشواطئ، فإن استعمال سفن الصيد والسفن ذات المحركات بصفة عامة يؤدى إلى تآكل الشواطئ والبلاجات الساحلية، ونشر الأعشاب المائية الضارة، وتلوثات كيميائية، واضطراب وعكارة فى المياه السطحية. وتقوم تلك السفن بتصريف النفايات السائلة غير المعالجة فى الأنهار والبحار، مما يؤدى إلى اختناق الأجسام المائية، وقد يؤدى أيضاً إلى إدخال مقادير كبيرة من العناصر المعدنية داخل الجسم المائى، مما يجعله خطراً على السباحة.

ثانيا: النفايات: أن التخلص من النفايات الناشئة عن الصناعة والمنشآت السياحية بإلقائها فى مياه البحر المتوسط، قد يسبب مشكـلات بيئية رئيسية.

ثالثاً : الأثر البيئى للسفر: أن السفر فى السياحية الدولية له آثار بيئية كبيرة من خلال التلويث لمياه البحر وإنتاج غازات الضارة. وهذا النوع هو الأشد وقعاً على البيئة على أساس كل مسافر وكل كيلو متر من السفر، ومن الصعب تقييم الأثر الحقيقى بدقة، وكذلك تقييم الآثار على الموارد البيولوجية وتنوعها.

طرق حل المشكلات البيئية الواقعة فعلاً مثل التلوث بالزيوت من مخلفات السفن:
1- تفكيك جزيئات الزيت العائم على سطح الماء: باستخدام مركبات كيميائية تسمى بمواد التفتيت التى عندما ترش على بقع الزيت "من مخلفات السفن" بالماء تقضى على خاصية التجاذب السطحى بين الجزيئات للزيت وتتفتت البقعة لجزيئات دقيقة. 2- استخدام البكتيريا فى تحليل المواد النفطية التى يحتوى عليها البحر إلى جزيئات صغيرة جداً سهلة الذوبان فى الماء وتصبح أقل ضررا. 3- ترسيخ الوعى البيئي.

المقترحات والحلول للحد من التلوث: الحلول المقترحة كما يلى:
1- دراسة المشكلة البيئية وتحديدها. 2- جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشكلة البيئية وتحليلها. 3- اقتراح الحلول والحلول البديلة الممكنة واختيار أنسبها. 4- وضع خطط لاختبار الحلول الأقوى والأقرب للتنفيذ، والتأكد من حلولها للمشكلة. 5- تنفيذ الخطط المقترحة والمقررة بدقة وفقا لخطط عمل تعتمد على نظام الفرق. 6- تقييم النتائج والوصول إلى حل للمشكلة البيئية، ومعرفة الخطأ والصواب فيها. 7- تعديل الخطط بما يتفق مع نجاحها، تقويم تنفيذ الخطط.

إن ما أحزننى حقاً هو أننى تذكرت نظافة وروعة البحر الأبيض المتوسط فى الإسكندرية أثناء طفولتى وشبابى، وما أراه الآن من إهمال وسوء تعامل مع هذا البحر العظيم، الذى يضم على ضفافه حضارات العالم، الذى كان له الفضل الأول فى تسمية الإسكندرية فى وقت من الأوقات بعروس البحر الأبيض المتوسط، ولكن أهملت الإسكندرية منذ حادثة المنشية الذى لا دخل لها ولا لأهلها فيها، فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر عندما حاولت بعض عناصر الإخوان المسلمين اغتياله فى المنشية، وحرمت الإسكندرية من المشروعات الصناعية والسياحية، والبيئية لمدة طويلة، فتحول البحر الأبيض المتوسط فيها إلى مصب للقاذورات من الداخل وتحولت نفايات المدينة الآدمية والصناعية إليه، بالإضافة إلى نفايات من زيوت ومخلفات بشرية وغيرها من السفن العابرة.

وأصبح البحر الأبيض بالإسكندرية مرتعاً لقناديل البحر التى تتغذى على الفضلات الملقاة فيه، نتيجة الإهمال فى متابعة المخالفات وعمليات الصيد فى الكثير من الأحيان والمناطق غير مراقبة وأصبحت الشواطئ مرتعا للأوبئة مثل منطقة أبو قير المليئة بالنفايات والزيوت والفضلات البشرية، كما وأن الصيادين الذين يقومون بالصيد فى البحر يستخدمون الجرافات فى أحيان كثيرة لصيد السمك الزريعة، "والجرافة تصطاد الصالح والطالح الصغير والكبير وتساعد بذلك على القضاء على الثروة السمكية"، وهو صورة لما يسمى بالصيد الجائر، والصورة الأخرى للصيد الجائر تتمثل فى زيادة عدد مراكب وساعات الصيد بأكثر من طاقة توالد السمك، ونجد أن أكياس البلاستك الفارغة تلقى بكثرة مع القمامة فى مياه البحر فتسبب اختناقاً لسلاحف البحر التى تعتمد على القناديل فى طعامها وتأكل البلاسك اعتقاداً بأنها قناديل فتختنق وتموت، وهى جريمة فى حد ذاتها، وهناك من يصطادون الحيوانات البحرية الهامة والنادرة مثل السلاحف والدرافيل التى تعتبر ثروة بحرية نادرة فى جميع أنحاء العالم.

ولما كانت المنظومة البيئية هى منظومة مغلقة، لأن "المادة لا تفنى ولا تستحدث ولا توجد من العدم"، ولكنها قابلة للتحول والتواجد فى صور مختلفة، وهذا يعنى أن كمية العناصر والمواد ثابتة، وهذا يؤكد أن أى إهدار للمواد الطبيعية، بتلويثها يؤدى إلى فقدانها للأبد، بمعنى أن أى تلوث يسببه الإنسان لا يفنى إلا إذا كان فى حدود قدرة المنظومة البيئية على معالجته، أو أن أى تلوث يحدث قد يرتد إلينا مره أخرى.

ومما يؤثر فى الإخلال بالتوازن البيولوجى للبيئة البحرية، مما يجعله عنصراً طارداً للسياحة للإسكندرية فى الصيف كثرة القناديل بسبب القضاء على السلاحف، تلك السلاحف التى تتغذى على القناديل، وهو ما يؤدى إلى كثرة القناديل فى البحر، ويلوث الشواطئ أكثر ويجعلها غير صالحة للاصطياف، بسبب قيام المسئولين باصطياد القناديل بعد أن يهرب المصطافين خارج الإسكندرية من القناديل، وهى غذاء السلاحف، ولكل هذا تأثيراً سيئاً على البيئة. وهذا لا يليق بتاريخ الإسكندرية الممتد عبر ثلاثة وعشرين قرناً من الزمان احتشدت خلالها ثقافات العالم القديم، تلك الثقافات القديمة، الشرقية، واليونانية، والبطلمية والمسيحية والإسلامية، لتعطى الإسكندرية مزيجاً ثقافياً خاصاً. وهذا التلوث البيئى فى المنطقة يهدد باختفاء الملاحة فى البحر الأبيض المتوسط، والتى تمثل 7% من حجم الملاحة الدولية، بالإضافة إلى عزوف 175 مليون سائح عن السياحة فى المنطقة سنوياً، بالإضافة إلى أساليب الصيد الخاطئة ومشاكلها فى المنطقة.

وعلى هذا فإننا نطالب ونستصرخ المسئولين والمواطنين وكل من يعشق الإسكندرية وكل من له انتماء للبشرية، إنقذوا البيئة فى الإسكندرية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة