إيران وإسرائيل تفرضان اختباراً على سياسة أوباما بالشرق الأوسط

الخميس، 18 يونيو 2009 05:57 م
إيران وإسرائيل تفرضان اختباراً على سياسة أوباما بالشرق الأوسط الرئيس الأمريكى باراك أوباما
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إيران وإسرائيل.. دولتان تمثلان مفاتيح أساسية للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط. وعندما خطى الرئيس الأمريكى باراك أوباما خطواته الأولى نحو البيت الأبيض وضع معايير محددة للتعامل مع هاتين الدولتين. الأسبوع الحالى شهد اختباراً لسياسة أوباما فى التعامل مع كليهما عندما أجريت انتخابات رئاسية فى إيران فجرت الغضب والثورة فى شوارع طهران بعد إعلان فوز الرئيس أحمدى نجاد بولاية ثانية وخسارة المرشح الإصلاحى المعتدل مير حسين موسوى، وأيضا فى إسرائيل عندما ألقى رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو خطاباً أيد فيه حل الدولتين بشروطه التعجيزية. صحيفة الجارديان علقت على هذين الحدثين فى مقال كتبه جوناثان فريدلاند رصد فيه التحول فى المشهد القائم فى الشرق الأوسط.

إذن هناك حدود للقدرات السحرية، يقول فريدلاند، فى لحظة، عندما أظهرت اللقطات القادمة من طهران النساء الصغيرات يرتدين نظارات فيكتوريا بيكهام الشمسية وشعرهن ظاهر من تحت الحجاب، يصطفن من أجل الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، بدت إيران على وشك إنهاء القطيعة التى استمرت أربعة سنوات، تستعد لطرد أحمدى نجاد من السلطة وتقدم وجه جديد أكثر انفتاحاً على العالم. لو كان هذا ما حدث فى الانتخابات الإيرانية، لكان نوعا من الانتصار المبكر قد تحقق لباراك أوباما، وسيعلن حلفائه أن يد الرئيس الممدودة للعالم الإسلامى قبل أسبوعين قد أرخت القبضة الإيرانية.

والآن، يراقب الرئيس الأمريكى المشهد الشرق أوسطى الذى شهد تغييراً فى نهاية الأسبوع بسبب ما يبدو وكأنه انتخابات مسروقة فى طهران وسياسة "التنازل" التى كشف عنها رئيس وزراء إسرائيل. هذه التغييرات تثير أسئلة عديدة عن منهج أوباما الكامل فى السياسة الخارجية وتوضح أن أحد جوانبها على الأقل لا ينجح.

فأوباما اعتمد على سياسة قائمة على المزج التقليدى بين العصا والجزرة. الجزرة لإيران، فى صورة حوار واحترام ورسائل فيديو خاصة تثنى على الحضارة الإيرانية، والعصا لإسرائيل تتمثل فى الحدة الظاهرة والمطالبة بإنهاء بناء المستوطنات فى الضفة الغربية. ووفقاً لهذه الرؤية يجب أن يستنتج أوباما أن الجزرة لم تفلح لكن العصا فعلت، وهو ما دل عليه استخدام بنيامين نيتانياهو للكلمة التى رفضها دوماً "الدولة الفلسطينية"، حتى لو كان هذا المصطلح قد خرج من فمه، كما قال أحد المعلقين الإسرائيليين، كخلع الضرس بدون مخدر. فقد مارس أوباما ضغوطه على بيبى وحصل على النتيجة، وكان لطيفاً مع طهران ولم يحصل على شىء.

ويرى الكاتب أن الأمر قد لا يكون بمثل هذه البساطة. بدءاً بإيران، حقيقى أن إدارة الرئيس أوباما كانت تأمل أن سياسة التواصل قد تأتى بتغيير. فإذا كانت نتيجة الانتخابات قانونية، فإن هذا يعنى أن الشعب الإيرانى أنصت إلى خطب أوباما المعسولة ولم يتحرك. وهذا الأمر ليس مضحكا كلية، فقد أجرت منظمتان أمريكتان استطلاعا هاما للرأى فى إيران الشهر الماضى، واكتسح فيه أحمدى نجاد معارضيه.

لكن ما إذا كان هذا مزيفاً؟ إذا كان أحمدى نجاد والسلطات الدينية المتشددة التى يخدمها قد قاموا بتزوير الانتخابات، فإن هذا يؤكد طبيعة النظام الذى يواجهه أوباما، كما أنه يجعل الرئيس الأمريكى أمام تغيير كان من السذاجة أن يظن أنه يمكن أن يأتى من التواصل مع نظام ليس أكثر من مجرد نظام ديكتاتورى دينى.

سياسة التواصل الأمريكية كانت قائمة على أساس أن أحمدى نجاد سيكون رئيساً لفترة ثانية حسبما اعترف أحد مسئولى الإدارة الأمريكيية للكاتب، وقد بدا البعض فى البيت الأبيض يعتقدون أنهم على وشك الحصول على هدنة فى إيران بعد أن رأوا الاحتفال بالحملة الانتخابية لمرشح المعارضة موسوى، فتجرأوا على الأمل، وكانوا على وشك أن يروا تكرار للانتخابات اللبنانية التى جرت هذا الشهر أيضا التى هُزم فيها التحالف الموالى للغرب حزب الله وحلفائه. لكن هذا الشعور لم يستمر طويلاً.

فلم يشعر صناع السياسة فى واشنطن بالقلق من الحوار مع دولة تبنت ديمقراطية شكلية، بالتوازى مع المسيرات والنقاشات، وتسحق معارضيها بشدة عندما يصوت الناس فى الطريق الخطأ. مثل هذه الشكوك لم تمنع الاتفاق الأمريكى مع الصين وروسيا والسعودية وقائمة طويلة من الدول الأخرى. وكما قال أوباما مرارا وتكراراً منذ حملته الانتخابية العام الماضى، فإنه لا يؤمن بأن الديمقراطية مكافأة على السلوك الجيد، ولكنها وسيلة لتحقيق أمريكا لمصالحها.
يقول أحد المسئولين: "سننظر إذا كانت الثمار ستؤتى أكلها.. إذا لم يتحقق ذلك عند نقطة معينة، سنجرب شيئاً آخر.. فالأمر له حدود". ومتى سينفذ صبر الولايات المتحدة؟ الإجابة ستكون عن نهاية العام الجارى. بعد ذلك، يعتقد الدبلوماسيون الغربيون أن طهران ستكون وصلت إلى نقطة اللاعودة فى برنامجها النووى عندما لا يكون أحد قادراً على منعها من الحصول على قنبلة نووية.

وبالنسبة لنيتانياهو، فالأمر ليس بسيطاً أيضا كما يبدو. نعم نجحت سياسة العصا والتزم نيتانياهو الآن بحل الدولتين، لكن هذا الوعد مشحون بالإنذارات والمحددات: أن مثل هذه الدولة يجب أن تكون منزوعة السلاح، ولا سيطرة لها على مجالها الجوى ودون تحالفات خارجية، وسيتم إنشاء هذه الدولة فقط فى حالة اعتراف الفلسطينيين أولاً كدولة للشعب اليهودى.

ارييل شارون وإيهود باراك لم يقدما تنازلات بشأن دولة فلسطينية مثلما فعل نيتانياهو. إلا أن أوباما لن يخفف من ضغوطه على إسرائيل بسبب حديث نيتانياهو عن الدولة الفلسطينية، كما يرى المحلل دانييال ليفى، فنيتانياهو وضع شروط الدولة الفلسطينية مقابل تحقيق أمن إسرائيل، وسيرد أوباما على ذلك كما يقول ليفى بتقديم ما تحتاجه إسرائيل للتغلب على مخاوفها حتى لو كان استقدام قوات حماية بقيادة الناتو، إذا كان هذا ما يتطلبه الأمر.

ويختتم فريلاند مقاله بالقول إن هذا الأسبوع المأسوى من شهر يونيو كان اختباراً للرئيس الأمريكى. هل سيستمر فى النهج الذى تبناه ويستمر فى التواصل مع إيران والصرامة مع إسرائيل؟ ودعا أوباما إلى التأكيد على أن سياسته تتعلق باستراتيجية طويلة المدى وليس تكتيكات قصيرة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة