ظهر جلياً قبل الانتخابات الإيرانية، وأكثر، بعد تلك الانتخابات، أن الشعب الإيرانى مُنقسم على نفسه بشدة، وأن حُكم الملالى فى إيران، فاشل للغاية. لقد تابعت الانتخابات بحُكم التخصص، لأصل إلى تحليل بأن مير حسين موسوى سيكتسح فى الانتخابات الإيرانية. وعندما سمعت النتائج النهائية للانتخابات لم أصدق، من جراء ربط الأحداث منذ ما يقرب من الشهر فى إيران، وفجأة سمعت عن الاضطرابات فى شوارع طهران، فصدق حدسى، تجاه النتائج، وأنها مزورة بشكل شديد السذاجة.
لقد أعلن المرشد الأعلى الإيرانى، على خامنئى، الأسبوع الماضى، أن إيران تخاف ثورة مخملية، ووضع الحرس الثورى على أهبة الاستعداد، وكان هذا الإعلان يوحى، بأن إيران ليس بها ديمقراطية حقيقية، وكيف يكون لو أنه يخاف من "ثورة"؟، ثم كانت زيادة عدد المصوتين الملحوظ، من الشباب والنساء، يقع فى صالح مير حسين موسوى، الذى نادى بحركة إصلاحية كبيرة فى إيران، نحو الحريات والانفتاح على العالم والعرب، وهو ما فشل فيه نجاد، وعند الإعلان، بأن 22 مليون نسمة فى إيران، صوتوا لصالح نجاد فى عدد غير مسبوق للمصوتين فى انتخابات إيرانية ما بعد الثورة، تأكدت من تزوير الانتخابات، لأن الزيادة كانت من قبل الشباب والنساء، الذين ملأوا شوارع المدن الإيرانية الأسبوع الماضى، حاملين صور موسوى.
ثم كان ما أضحكنى، حول تحليل إيران "الرسمية" لظواهر التصويت، حول فوز نجاد فى كل المدن التى تعد مسقط رأس المرشحين الثلاثة الآخرين، وهو أمر غير معقول للغاية، ثم كان تأييد المرشد الأعلى لنتيجة الانتخابات بإعادة انتخاب نجاد، وصرح بأن هذا "عيد حقيقى" لإيران. والغريب، أنه فور إعلان نتيجة الانتخابات، نزل المعارضون للنتيجة الشوارع، ولم يظهر ولو 100 شخص من الـ22 مليوناً، الذين زعم النظام، أنهم أيدوه، ولو أن هذا العدد أيد النظام بالفعل، لنزل منهم الكثيرون، ولظهر لدينا بما لا يدع مجالاً للشك، فوز نجاد الطاغى! ولكن، هذا لم يحدث! ولا يمكن أن يكون نجاد قد حصل على 63% للفوز بالانتخابات! كان يمكن أن يفوز بنسبة 50 إلى 53%، ولكن ليس معقولاً أن يفوز بنسبة 62% من الأصوات، بناء على تحليلات الحملات الانتخابية فى الفترة الأخيرة ما قبل الانتخابات!.
لقد ظهر دون شك، أن إيران ليست كتلة واحدة، وإنما بها شرخ كبير للغاية، وأن نظام الملالى، فاشل إلى أقصى الدرجات، وقد سمعت تحليلات فى الأيام الماضية، من قبل من يدعوا أنهم عالمون ببواطن الشأن الإيرانى، إزاء القمع فى شوارع إيران من قبل نظام الملالى، يبرر ما تتعرض له المعارضة فى مصر، حيث أيدوا ما يحدث من قبل نظام الملالى لشباب إيران، وأجد نفسى مضطراً لأن أقول من هم، رغم أن بعض القارئ يضيق صدره منى لذكرهم، ولكنهم أقطاب من الإخوان المسلمين، الذين يتأففون من كبت الحريات فى مصر! وها هم، ضد الحريات فى إيران!! فأى نسخة أصدقها من الإخوان؟ الذين يقفون ضد كبت حريات النظام فى مصر، أم الذين يؤيدون قمع الشباب فى إيران؟.
وأرسلت سوريا وحزب الله وحركتا حماس وفتح على حد سواء، بخطابات تأييد لنجاد، غير عابئين، بانتفاضة الشارع الإيرانى ضد التزوير البين، وكأن لسان حالهم، يؤيد القمع فى شوارع إيران، ويقف مع من يتشدقون بأنهم يحكمون بالدين، رغم استغلالهم له فقط.
إن ما يحدث فى إيران اليوم، لن يتوقف إلا مع تحقيق رغبة الشعب الإيرانى، حتى ولو توقف من ناحية الشكل. وأنا إذ أكتب تلك الكلمات، وأرحب كمواطن مصرى بالوقوف فى وجه حكم الملالى ونجاد اللاسياسى، أؤكد على أنى أؤيد حرية الشعب الإيراني، وحين كتبت فى الماضى ضد النظام الإيرانى وألعوبته حزب الله، كنت لا أكتب ضد الشعب الإيرانى، ولكن ضد هؤلاء، الذين يقفون ضد حرية الشعب فى تحديد مصيره، تحت قيادة المصلح مير حسين موسوى، الذى قال ضمن ما قال، إنه على استعداد لوضع البرنامج النووى الإيرانى تحت رقابة جهاز شفافية دولى، للاطمئنان من كونه برنامجاً سلمياً.
فلنقف مع الشعب الإيرانى فى تلك الساعات والأيام الحرجة، من أجل حريته، ومن أجل تقارب مصرى إيرانى لتغيير ميزان القوى فى منطقة الشرق الأوسط، من أجل قوة ضاربة فيه، ومن أجل الاستفادة من التجربة التعليمية الإيرانية، والانفتاح والتنوير فيه. وإن كان حزب الله وإسرائيل قد اتفقا على الارتياح لانتخاب نجاد رئيساً لإيران، فنحن لا نرتاح إلا لتحقيق رغبة الشعب الإيرانى ومضيه نحو الحرية، مثله فى ذلك، مثل كل شعوب العالم بعد عملية تنوير!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة