شريف حافظ

محاكمة إنسانيتنا

الإثنين، 18 مايو 2009 07:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن أن أتصور أن هناك "إنساناً" على أرض مصر قد رأى مشاهد إعدام الخنازير حية، ولم يشعر بالخزى والعار من كون من يفعلون ذلك بنى آدمين مصريين، ولا أقول مسلمين ولا أقباطاً ولا بهائيين! عندما سمعت الخبر لم أصدقه، ولكن عندما شاهدته، شعرت بالاشمئزاز والقشعريرة من تصرفاتنا، وبالطبع حمدت الله عندما خرج علينا رجال الدين يقولون إن الأمر ضد الشريعة الإسلامية، ولكن، هل كان ضرورياً أن نحصل على فتوى بأن هذا التصرف ضد الشريعة الإسلامية؟؟؟ ألا توجد عقول وقلوب لدينا كبشر؟ هل جننا؟

للأسف أننى تلقيت الخبر من صديق أمريكى، أرسله لى، متسائلاً: هل هذا من الإسلام؟ ولم أنتظر فتوى لأقول له، أن هذا تحديداً يُعاقب عليه الإسلام، ولكن هؤلاء الذين ينفذون مثل تلك الجرائم، ما هم إلا أغبياء، وليس لهم أدنى علاقة بالإسلام أو بأى دين، فقال لى، إنه يعتذر لى، ولكن يبدو أن هناك جمعيات دولية تنوى معاقبة مصر على تلك الوحشية واللاإنسانية، حتى يتعلم المصريون "الإنسانية" لأن هناك الكثير مما فُعل خلال الأسابيع الماضية، الذى لا يمثل الرحمة التى تمتاز بها الديانات الأخرى! لقد أدرك الرجل بعد دفاع مستميت من جانبى بعد ذلك، بأن هذا ليس من الإسلام فى شىء، وأنه ضغط من قبل الإخوان المسلمين على الحكومة التى أخطأت فى تنفيذ الأمر هكذا، بإعدام الخنازير أحياء بدلاً من الذبح!

وفى السياق نفسه، خرج علينا شيخ من المفترض أنه علامة، وهو مشرف الدعوة بوزارة الأوقاف المصرية، ويُدعى أحمد على عثمان، ليفتى "بأن الخنازير الموجودة حالياً أصلها يهود سخط الله عليهم، فجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، وأن قتلها وإعدامها واجب"، وأحمد الله مرة أخرى، لأن هناك من الشيوخ من رد عليه، حيث أكد الشيخ على أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أن الفتوى السابقة قد جانبها الصوب لأنه عندما ينزل الله عقاباً على قوم لغضبة منهم سيكون عليهم فقط، فلما غضب الله على قوم موسى حولهم إلى خنازير وقردة، فهذا عقاب استثنائى ليكونوا عظة للآخرين ولكنهم انقرضوا ولم يتكاثروا كما يقول الشيخ أحمد على عثمان، أما الخنازير فهى حيوانات ضمن مخلوقات المولى تعالى خلقت لها مهام محددة".

والمصيبة أنى تلقيت خبر فتوى الشيخ أحمد على عثمان، من الخارج أيضاً، لأن العالم يتابع فتاوينا الدينية ويرصد مدى تماشيها مع البديهة والمنطق وحقوق الإنسان وسائر مخلوقاته. فأين ذهبت عقولنا والرحمة التى أنزلها الله علينا؟ ألم يقل الله عز وجل "قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً"، أم أن سعادة الشيخ الجليل يرى أن الإنسان أصله خنزير والعياذ بالله؟ أم أنه ينظر لليهود على أنهم ليسوا بشراً؟

إن تبرير الإجراءات غير الآدمية لا يُمكن قبوله على الإطلاق، حيث يقول الدكتور حامد سماحة مدير إدارة الخدمات البيطرية بوزارة الزراعة "وهو على ما يبدو حل محل وزير الزراعة الذى لم نعد نسمع عنه أى شىء خلال تلك الأزمة"، "أن إعدام الخنازير حية، لم يتم باستخدام مواد كيميائية لكُلفة تلك المواد، ولكن تم استخدام الجير الحى فى دفن الخنازير، ووصف هذا الجير بأنه من شروط التخلص الآمن من الخنازير"!! وتشعر وأنت تقرأ عبارة "من شروط التخلص الآمن من الخنازير"، أن هناك كتالوجاً دولياً لكيفية التخلص من الخنازير!! وكلام هذا الرجل لا يمكن الرد عليه بالكلمات ولا بأى شىء آخر، لأن حسابه عند الله لقوله تعالى: "وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه، ألا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون".

إذا كان هناك من تعليق على ما سبق، وسؤال إذا ما كنت أدافع عن الخنازير، فإننى أحب أن أقول: نعم، أدافع عنهم! رفضت ذبحهم عندما قال الوزير غير المسبوق فى زمانه، حاتم الجبلى، على قناة الأوربيت والأو تى فى، أن قرار ذبح الخنازير لا يمت بصلة للوباء المتفشى! واليوم حيث ليس بيدى أن أفعل شيئاً، أوافق على الذبح الرحيم وفقاً لقواعد الإسلام وليس وفقاً لقواعد هولاكو! فإن كان أحداً نسى أننا مسلمون، فإننى أذكركم، مع كل الاحترام للأخوة الأقباط والأخوة البهائيين فى مصر وأى ملة قد تتواجد على أرض بلادنا! يجب أن نُحاكم إنسانيتنا ونُراجع أنفسنا، لأن ما حدث للخنازير من تعذيب ومشاهد لا تمت لضمائرنا بصلة، إنما يدل على أن شيئاً كبيراً منا قد فُقد، وأننا لم نعُد نؤمن برحمة الله. كما أُحب أن أُذكركم، أن "من لا يرحم لا يُرحم" وهو حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لمن لا يعرف أو قد نسى تعاليم الإسلام لنا! كلمة أخيرة: أرجو عدم الإساءة للإسلام، لأن هناك من يعتقد أن ما نفعل، مخالفين به تعاليم الله، إنما هو الإسلام الحق!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة