تاج السر حسين

ماذا يريد الشيخ الترابى وتلامذته المتطرفون؟

الخميس، 16 أبريل 2009 06:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النداء الذى أطلقه الدكتور حسن الترابى وتناقلته وكالات الأنباء والإذاعات والقنوات الفضائية والذى دعى فيه لتشكيل حكومة قومية تتشكل من شخصيات لن ترشح نفسها فى الانتخابات السودانية القادمة، وأيد دعوته تلك (حزب الأمة القومى) على لسان الدكتورة مريم الصادق المهدى، بينما رفضها حزب المؤتمر الوطنى فورا، ومن بعده الحركة الشعبية، بدعوى أن اتفاقية نيفاشا تنص على أن يحكم السودان خلال هذه الفترة الانتقالية بواسطة أغلبية تتكون من المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية إضافة إلى تمثيل محدود وهلامى لباقى الأحزاب والحركات، وفق ما هو حادث الآن.. ذلك النداء هو فى الحقيقة بمثابة كلمة الحق التى يراد بها باطل. فالترابى وتلاميذه فى المؤتمر الوطنى والشعبى تجاوزهم الزمن جميعا وأصبحوا غير مؤهلين لإطلاق أى نداء أو مبادرة تثق فيها جماهير الشعب السودانى وتنال رضاءها فتتبناها وتدافع عنها.

فالشيخ (الترابى) وإن أعلن زهده فى الحكم وكرسى السلطة، إلا أنه ما زالت تراوده أحلام التأثير القوى والفاعل فى الحياة السياسية، والتلاميذ ما زالوا مخدوعين ومضللين بالحشود التى (أخرجت) لنصرة البشير رغما عن أنفها، وهم واهمون فى ظنهم إذا يحسبون أن شعب السودان كله داعم ومساند للبشير، ونظامه الذى مزق السودان وفرق أهله إربا إربا، وسوف يكتشفون هذه الحقيقة بمجرد زوال السلطة من يد البشير، والدروس والعبر والأمثلة كثيرة فى الواقع لسودانيى القديم والحديث.

لكن ما ذا يريد الشيخ الترابى وتلاميذه أن يفعلوا بالسودان أكثر مما فعلوا به؟
ألا يكفى ما حدث منهم عند بداية عهد الإنقاذ القبيح حينما أرغموا الصبية صغار السن وخدعوهم من أجل المشاركة فى حرب الجنوب بدعوات الجهاد والاستشهاد وبوعود بالجنان التى لم ترها عين ولم تسمع بها أذن وباقتران بنساء الحور؟ وحينما خرج الترابى من السلطة وصف أولئك القتلى أو الشهداء ـ سمهم ما شئت ـ بأنهم محض (جيف) أو (فطائيس) بالتعبير السودانى؟

ألا تعنى دعوة الترابى التى أطلقها الآن وهو الشيخ والمعلم لهذه الفئة، بأنه يدرك تماما بأن تلاميذه يجيدون تزييف الانتخابات وتزويرها مثلما يجيدون حشد الجماهير لإظهار تأييد غير حقيقى ومزيف؟

لو كان الترابى زعيماً سياسياً فى أى بلد من البلدان التى يحترم فيها السياسيون أنفسهم وقواعدهم، لاعتزل العمل السياسى دون رجعة خاصة بعد اعترافه بالتورط والتخطيط للانقلاب العسكرى الذى نفذه البشير فى يونيو 1989، من خلال (كذبة) ذهب بموجبها إلى السجن مع باقى قادة الأحزاب السودانية الذين اعتقلوا واتجه تلميذه إلى القصر، وكان ذلك الانقلاب السبب فى تعميق الجراح فى جسد السودان وتفتيته وإضاعة موارده وحدوده، والحكماء يقولون:ـ

(إن الغايات العظام لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق وسائل عظيمة). لذلك على الدكتور الترابى وهو فى هذا العمر المتقدم وقبل أن يلاقى ربه أن يعترف بمسئوليته ومشاركته فى تلك الأخطاء وعدم تنصله منها، وأن يعترف بعدم تربيته لتلاميذه من أهل الهوس والتطرف الدينى التربية الدينية والفكرية والأخلاقية الحسنة، ولذلك كان هو أكثر المتضررين من تلك التربية الخاطئة.

وعليه أن يعترف بجميع أخطاء تنظيمه منذ أن تأسس وعن استخدامه (للميكافيلية) منهجاً وسلوكاً، لتحقيق الغايات وأن ينصح غيره من التورط فى الانضمام لمثل هذا التنظيم الذى لا يملك حلولا ناجعة وواقعية وعملية فى عصر حرب النجوم والكمبيوتر والإنترنت والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، والصواريخ التى توجهها النساء وهن جالسات يحتسين الشاى والقهوة فى أى بقعة من بقاع العالم.

أما الحركة الشعبية فلا أعتقد أن لديها مصلحة فى رفض دعوة تنادى لتشكيل حكومة قومية تحفظ لها مكاسبها التى حصلت عليها من اتفاقية نيفاشا وتحد من هيمنة المؤتمر الوطنى وتمنع تزويره للانتخابات، فإذا كانت الحركة الشعبية تمثل غالبية أهل الجنوب وتحقق لهم طموحاتهم، فإن المؤتمر الوطنى لا يمثل أكثر من 10% من جماهير الشعب السودانى، والاتفاقات التى وقعت الهدف الأساسى منها، هو تنظيم حياة الناس وتحقيق طموحاتهم، وهى ليست قرآنا أو إنجيلا منزلاً من السماء، وإنما هى جهد بشرى لذلك يمكن تغييرها وتبديلها طالما لم تحقق تلك الطموحات التى تنتظرها الشعوب.

آخر كلمة:ـ
أخطأت الأحزاب التقليدية فى السودان خطأ فظيعا وأخطأ قادتها حينما تركوا الساحة للمؤتمر الوطنى أن ينفرد بالسلطة وأن يقرر فى قضايا السودان المصيرية وهو غير قادر على ذلك، بما ينتهجه من أيدلوجية عقائدية إقصائية، ويبقى أن يعلم أهل السودان والحادقون عليه، بأن الفرق بين (المؤتمر الوطنى) الذى يقوده البشير، و(المؤتمر الشعبى) الذى يقوده الترابى مثل الفرق بين (أحمد) و(حاج أحمد)!!

•روائى سودانى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة