شريف حافظ

أنا وثقافة الاعتذار حول خطأ التعميم

الخميس، 03 ديسمبر 2009 07:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمكن للقارئ أن يستشعر من العنوان، أنى على مشارف اعتذار، نعم هو كذلك، لأنى أحترم قارئى جداً، ولأن الرجوع عن الخطأ فضيلة. ولكن أرجو ألا يأخذ البعض منكم إحساسا بأنى على وشك الاعتذار عن كل ما كتبت! لا! بالطبع لا! لأن العقل مازال يعمل! فأنا لست هنا لأقدم اعتذار عن اتهامى نظامى إيران أو قطر، عما حدث فى السودان من تعدٍ على المصريين! ولست هنا لأنكر حقيقة أن المصريين ليسوا عرباً! ولست هنا للاعتذار عن حبى لبلادى أو للمصريين! لا! لن أعتذر عن هذا، لأننى وعندما زدت من القراءة فى الأيام الماضية فى شأن الاعتداء الذى تلقاه المصريون فى السودان، تأكدت من صحة حدسى ومعلوماتى فى اتهام من اتهمت! ولست بحاجة كى أقرأ، لكى أقول أننا لسنا عرباً أو أسنكر عشقى لبلادى! ولذا لن أعتذر عن هذا أبداً! وبالطبع، قرأت السب والاتهامات لى على مختلف مواقع مستغلى الدين والوطن، على صفحات أخرى بالإنترنت.. ولكن هذا طبيعى، ممن لا يجيدون إلا السب وليس لديهم شجاعة الحوار أو التصحيح أو الاعتذار، ويظنون أنهم دائماً على صواب وكأنهم ملائكة وليسوا ببشر!

نعم أعتذر! أعتذر عن تعميمى، فى مقالى حول العروبة، لكل العرب. فهذا لا يجوز! وقد انجرفت وراء عواطفى المحبة لمصر، واقترفت خطأ الكره للآخر! وهذا يتناقد كلياً مع مبادئى التى أمضى عليها، من وحى حضارتى المصرية بالأساس! فلا يوجد "كُلُ" سيئ ولا "كُلُ" خير فى مجمل العالم! ولكنى أخطأت وأعتذر! وأسأت لشعوب بأكملها رغم أنى وقفت ضد حرق العلم الجزائرى بكل جوارحى منذ البداية، لأن حرق الأعلام لا يقوم به إلا الغوغاء، ولن يعنى أى شىء، إلا انتقاما عقيما، ولو أن مصريا قام بحرق علم شعبُ آخر، فإنى أستهجن الفعل، وأقف على هذا الرأى بغض النظر عما أتلقاه من النقد، لأننى مقتنع بهذا الرأى، دون إملاء من أحد أو إتباعاً لأحد، غير صوت عقلى وفقط!

لا يعنى هذا بأى حال من الأحوال، أنى تنازلت عن حق مصر فيما حدث، ولا تراجعى عن التأكيد على كرامة المصريين واسترداد حقوقهم! ولا يعنى أيضاً أنى أتراجع عن إحساسى بأننى لست عربيا ولا أرى مصر عربية! لا! ليس هذا تراجعا عن تلك الرؤى من وجهة نظر خاصة بى، ويشاركنى فيها كثيرون، وأتقبل اختلاف البعض الآخر، باحترام! ليس هذا الاعتذار، إلا اعتذار عن التعميم فيما يتعلق بالرد على الكثيرين ممن أسأت لهم على أساس يمكن أن يوصف بالعنصرية!

ولكن انجرافى العاطفى، أتى من وحى أمور تتعلق بمصر والمصريين! فعندما يكلمنى مواطن مصرى يعيش فى الإمارات العربية المتحدة ويقول لى، إنه يُعاير يومياً من فلسطينيين، بأن مصر من باعت العرب، وأن المصريين حُثالة وشحاتون، وأن المصريين هم خُدام العرب، وأن العمالة المصرية من أشرف المصريين يُعانون من القذف بكلمات الجارحة فى دولة عربية، أشعر بالغضب الجارف، وهو الأمر الذى أعمانى عن معانٍ أخرى، فتشابهت مع هؤلاء الذين يسبون ويشتمون! تشابهت مع من أنقد ممن يسبونى هنا، دون حوار! تشابهت مع كل من أقف ضدهم! أى أننى أصبحت نسخة ممن أنقدهم! وبالتالى وجب الاعتذار، لأنى لبست رداء الكره، ولا يمكن أن أفعل، لأن مصر، من علمت العالم الحب والسلام بثقافتها الفرعونية الفريدة، وأنا أنتمى لهذا البلد، فكيف أخرج عن هذا الانتماء، ببث الكره والتعرض "لكل" الآخر! لقد تدنيت بلغة الحوار، ولذا: أقدم اعتذارى لقارئى ولبلادى، وليس نظام بلادى، لأننى انحرفت عن طريقها فى أن أحبها وأحب من يحبها وأسقط فى فخ التعميم الأجوف، الذى طالما حاربته!

لقد أثر فىَّ، صراخ وآلام المصريين فى كل مكان، وبدأت "ألطش" فى الكل! وهذه سقطة فظيعة! أندم عليها بشدة! وكنت قد أرسلت مقالى ليوم الاثنين قبل العيد. وكنت أستطيع أن أمنع نشره بتليفون، ولكنى، قلت لنفسى، "على تحمل خطأى فى التعميم"، وأترك المقال للنشر، ثم أقدم اعتذارى! نعم! هكذا فكرت! لماذا؟ لأنى عندما كتبت مقال يوم الاثنين بعنوان: "لا فائدة من العروبة"، كنت بكامل قواى العقلية! ولم أكن قد فقدت عقلى! ولكنى وبعد ذلك، تيقنت أنى اندفعت وراء مشاعرى، وتلك ليست سياسة ولا علما ولا حياة! وبالتالى، فإنى ومرة أخرى أعترف عن تلك الزلة فى التعميم، والتعرض "لكل" العرب. فلى الكثير من الأصدقاء العرب، وصداقتى لهم ليست من منطلق العروبة، ولكن من منطلق رجاحة عقولهم، لأننى مازلت أُصر على أن العروبة ولت وليس منها أية فائدة، وأن المصالح الحقيقية هى التى يمكنها أن تجمع الدول، بعيداً عن الشعارات الجوفاء، وهو مثال حاضر فى أوروبا التى لم تتكلم يوماً عن قومية أوروبية!

ونهايةً، أرى أن "ثقافة الاعتذار" أمر صحى، لأن فيها تطهير ونقاء للنفس، ضد أن تحمل أى شوائب، تجاه أى شخص أو شعب، لأن الاعتذار يبنى على الاعتراف بالخطأ، دون التعرض لأى شخص. ورسالتى اليوم، تركد على عدم كرهى لأى إنسان ولكن فقط التراجع عن "هوجة" الغضب الأجوف، ووقوفاً مع الإنسان ضد التعميم والكره غير المبرر وعدم خلط الأوراق، والتأكيد على مصريتى، واحترامى للآخر، حتى رغم تأكدى من عدم انتمائى له يوماً ما! إن الرجوع عن الخطأ فضلية واحترام القارئ فوق كل شىء! ما بعد ذلك، لكلُ الحق فى الاختلاف مع رؤاى، ولكن باحترام، لأن من لا يحترم الآخر، ضعيف، كما كنت منذ أيام، عندما عممت وتعرضت للكل!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة