شريف حافظ

السادات ومواقف لكرامة مصر

الخميس، 10 ديسمبر 2009 07:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تغلف السذاجة الكثير ممن يكتب عن السادات من المصريين والعرب، وأفضل ما يُمكن أن يقال حول أغلب ممن كتبوا عن السادات من هؤلاء، بعد استشهاده، أنهم لم يتعمقوا فى القراءة حول تاريخه ولكنهم اعتمدوا المعلومات من الذاكرة عندما كانوا فى كنف الدولة التى كان يحكمها الرجل رحمه الله، لقد كان الرئيس الشهيد الراحل بطل الحرب والسلام عن حق، وهو اللقب الذى يريدون اليوم أن يسلبوه منه، رغم أن التاريخ أقوى منهم جميعاً، أقول إن الراحل كانت لديه إستراتيجية فيما يتعلق بالتعامل مع العرب، تجعل من العروبة بالنسبة له أساس إستراتيجى وليس كما ادعى الكثيرون ممن رأوا مقاطعة العرب لمصر فى عهده، رفضاً للعلاقة مع الدول العربية، لأن مصر نهايةً لم تقطع علاقتها بأية دولة عربية، ولكن ما حدث هو العكس!!

لقد وصف الرئيس الراحل للأستاذ عبد الستار الطويلة، إستراتيجيته مع العرب وإسرائيل، فى ظل وصفه المجازى لمثلث، قاعدته التعامل مع العرب والقاعدة ثابته وتعبر عن إستراتيجية، ورأس المثلث متحركة، وتعبر عن العلاقة مع إسرائيل، وهى متحركة، وفقاً للتكتيك وليس إستراتيجية. وكل هذا، فى إطار أمن مصر القومى. أى أن السادات كان يرى فى التعامل مع العرب، أساسا لمصر، لا يمكن التنازل عنه، وليس كما يتغنى المُغرضون، بقول كلام يرون فيه خدمة للسلطان، رغم أنهم سيتغنون للسلطان القادم وأى سلطان، لأنهم "شلة المنتفعين"، الذين أُطلق على بعضٍ منهم فى الأزمة الأخيرة، "العقلاء"! أما أنا فيشرفنى أن أكون من المجانين، إذا كان هذا توصيفهم!!

لقد بدأت فى سرد الموقف الرسمى للسادات، حول العروبة، حتى يتفهم القارئ الأمثلة القادمة حول سياسات الرئيس السادات، ويفهم كيف تصرف الرجل من أجل كرامة مصر!

الحرب المصرية الليبية – يوليو 1977
لقد أمر العقيد معمر القذافى فى يونيو 1977، بعد توتر فى العلاقات مع مصر، 225000 مصرى يعملون بليبيا وقتها بمغادرة البلاد، وإلا واجهوا الاعتقال. وقام بضرب السلوم بالمدفعية، فما كان من مصر السادات، إلا أن هاجمت ليبيا فى "حرب الأربعة أيام"، من 21 إلى 24 يوليو 1977، ولم تنته الحرب إلا بعد وساطة عربية وبعد تراجع القذافى بالطبع، إلا أن العلاقات ظلت متوترة، ولم يجعل توقف الحرب، السادات يُنهى المسألة فى لحظتها، ولكن انتظر حتى شهر أغسطس من نفس العام، حين عُقد اتفاق تبادل أسرى وسُجلت الخسائر بـ100 من المصريين ما بين شهيد وجريح و400 من الليبيين ما بين شهيد وجريح.

وقف الهجوم على السفارة المصرية فى بيروت 1978
كان الفلسطينيون فى الحرب الأهلية فى لبنان يقومون بضرب السفارة المصرية ضمن ما يضربونه، بالقنابل. فما كان من السادات، إلا أن أرسل فى طلب أحد كُبراء مستشاريه، وهو سفير كبير المقام، حى يُرزق، وقال له: "سأرسلك إلى بيروت، وعايزك تقول لياسر عرفات، إن سكوت مصر عن ضرب سفارتها فى بيروت ليس عن ضعف وسكينة ولكن عن عفو وتسامح.. ولكن: قسماً عظماً، لو استمر هذا الضرب على سفارتنا فى بيروت، لأكون منزل الجيش المصرى هناك!!!"

وبالفعل سكتت المدافع عن السفارة المصرية فى لبنان!

هل كان هذا يعنى تخلى السادات عن وضع العرب كأساس إستراتيجى لمصر؟

بالطبع لا! وقد قال فى 1981، مواجها العديد من الهجمات الإسرائيلية على لبنان قبل الغزو الذى قامت به بعد استشهاده:

لو أن إسرائيل تتصور أن سلامنا معها أعز علينا من لبنان، فهى مُخطئة!

إلا أن السلام هو هدفاً إستراتيجيا أيضاً، لا يُمكن لمصر أن تتنازل عنه، ولذا هناك تحرك متوازن بين الأمرين. وأدرك بالطبع، أن اعتداء مصر على العرب ممن يسيئون لمصر اليوم، هو عمل أهوج لا يصح سياسياً ولا يجوز إستراتيجياً، لأن الظروف متغيرة، ولكن كرامة مصر فوق أى اعتبار!

ولقد كتبت هنا، قبل الأزمة التى حدثت مؤخراً، مُهدئاً فى شأن علاقتنا مع الجزائر، ولكن عندما تخطى الجزائريون جُدر العلاقات الحسنة، كان لزاماً أن أقف مع مصر والمصريين، من منطلق عشقى لبلادى وكرامة المصريين التى قال عنها السيد الرئيس وبحق، "إن كرامة المصريين من كرامة مصر"!!

إن مصر تملك الكثير وليست بحاجة لأحد، ويمكنها أن تقف فى وجه الطوفان عند إهانة كرامتها، حتى إن الفكر الإستراتيجى الأجنبى دوماً يرى أن غزو مصر آفة على أى دولة، لأن المصريين يتوحدون فى وجه من يهينهم، ولا يتوحدون فى الأمور العادية بينهم!

وقد علق أحد الفلسطينيين فى أعقاب "حرب الأربعة أيام" بين مصر وليبيا، بأن العرب، "لو أنهم لا يملكون إسرائيل كعدو فإنهم سيتحاربون فيما بينهم"، وهو أمر أتوافق معه بشدة فيه!

وأجد دوماً أن إمكانات مصر وقدراتها لم تُستغل بعد. وعلى سيبل المثال لا الحصر، لا توجد فنادق بجانب أغلب المزارات السياحية فى مصر مثل أهرامات دهشور ولا توجد مناطق خدمية حولها، وهو ما يمكن أن يُقدم وظائف كثيرة للمصريين ودخل أكبر لمصر، لكثرة المناطق السياحية فيها التى يحلم مواطنو العالم ممن يعشقون تاريخ مصر أن يزوروها، وهم كثيرون. كما أن مصر تمتلك مناطق ساحرة فى سيناء، يُمكن أن تقام عليها وفى وسط الصحراء والجبال بها، فنادق علاجية، لمن يحب السياحة الاستجمامية العلاجية الباهظة الثمن أساساً، ولمن يحب استكشاف الحياة البرية فى الصحراء. هذا يمكنه أن يُعيد على مصر الكثير من المال ويُقدم الكثير من الوظائف ويمد تلك المناطق بالكثير من الخدمات التكميلية المُحيطة، ويؤمن سيناء أكثر مما مضى، ولا يحجوج مصر إلى أن تُهان فى سبيل زيادة دخلها القومى!

يُمكن أن نتصالح مع كل العرب، ولكن على أساس المصالح المشتركة وليس قاعدة "الأشقاء" الماسخة، التى يرددها "العُقلاء" ممن يُظهرون أنهم لم يقرءوا تاريخ العرب، كما لم يقرءوا تاريخ الراحل العظيم، محمد أنور السادات، وإن كانت مشاعرهم متدفقة لتلك الدرجة، فى أمور "العروبة" الغائبة"، فالأولى أن نرى مشاعرهم المتدفقة، فى شأن كرامة المصريين "جميعاً" وليس فقط فى شأن كرامتهم هم وحدهم ومصالحهم الذاتية أو أيديولوجياتهم التى ولت أزمنتها!! وفى النهاية نجد منهم من يريد أن "ننرفع الشقيقة الكُبرى" عن "كرامتها" لرؤى قاصرة، يعرفون أنها لن تتحقق، وأن الكرة ستُعاد بعد فترة وأن أزمات ستتوالى فى شأن إساءة العرب إلى مصر، خاصةً وأنهم يحبون دوماً اتهام مصر بالخيانة فى الحروب التى تستفز قيامها حماس وحزب الله مع إسرائيل، كما هو متوقع فى المستقبل القريب جداً!

إن إعادة التصالح مع العرب، وأعنى بالطبع القادة وليس الشعوب، يستلزم ترسيخا فى التعرف على المصالح المشتركة ووأد أى اتهام بالتخوين والتوقف عن إهانة المصريين فى الخارج، ممن يتعرضون لهدر كرامتهم كل فترة بشهادة الإعلام المكتوب أكثر من أى منبر آخر، ووجود احترام متبادل لتلك المصالح والترفع عن توافه الأمور، مثل إقامة "مآدب المشاتم" والكيل لمصر كلما هزم العرب فى مكانٍ ما أو ظنوا أنهم انتصروا فى "أم معاركهم"، لأن المصريون، إن كان العرب لا يعرفون، لا يتقبلون الإهانة من أى دولة أو شخص أو شعب، مهما علا شأنه، ولأن مصر ليست شماعة فشلهم الداخلى فى إدارة بلادهم! هذا، رغم أنه لم يُسمع عن تعرض عربى، أياً كان، للإهانة فى مصر، على مدى تاريخها!

بالتأكيد لا نريد تصعيداً للخلافات مع أى شعب أو دولة، ولكن لا نريد أيضاً تصالح مهين للمصريين، لأنى مؤمن تماماً بمقولة الرئيس مبارك، التى أكررها هنا للمرة الثانية: "كرامة المصريين من كرامة مصر"!!!!

ملحوظة أخيرة: المجانين بيشجعوا مصر، وأنا معاهم!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة