تذكرت الفيلم الجميل، للمخرجة المبدعة كاملة أبو ذكرى، 1 – صفر، عقب فوز مصر على الجزائر فى استاد القاهرة يوم السبت الموافق 14 نوفمبر، فلقد احتفل المصريون جميعاً فى الشارع بعد المباراة، بغض النظر عن كل ما يعانوه من اختلافات، فلقد أدى الفوز إلى فرحة عارمة فى كل أنحاء مصر، كانت الفكرة الأساسية للفيلم تتلخص فى أن كل أبطال الفيلم كان لديهم عدة مشاكل فيما بين بعضهم البعض، وأن كل تلك المشاكل تلاشت، عندما فازت مصر فى مباراة كرة قدم لبطولة كبيرة، حين حدث الفوز فى المباراة بالفيلم، احتضن الجميع بعضهم البعض، معبرين عن مكانة توحدهم، بغض النظر عن خلافاتهم.
تلك اللقطة، رأيتها عندما فازت مصر فى المباراة الأخيرة، المصريون اجتمعوا أمام أجهزة التلفاز وفى استاد القاهرة، ليشاهدوا الماتش، عندما سجل المنتخب الهدف الأول، بعد دقيقتين من بدء المباراة، كان الجميع سعيداً وشعر الناس بأن الأمل قد تولد، فى إحراز فوز كبير، ولكن طال الوقت، حتى شارفت المباراة على النهاية، وقرب النهاية، كنت ترى التوتر فى عيون الناس، وكان أقرب إلى الإحباط، حتى أن الأمل، كان على وشك التبخر، فى ظل فرحة كانت تبدو على أعين الإخوة الحزائريين! وفى لحظة يسجل عماد متعب الهدف الثانى، لتطير الكراسى إلى أعلى، ويحتضن الناس بعضهم، رُغم أنهم لم يكونوا يعرفون بعضهم البعض على الإطلاق، وتعلوا الزغاريد، ويرقص الشباب فى أماكنهم.
لم أتمالك نفسى، ورقصت فى وسط طلابى القدامى، فى وسط مدينة 6 أكتوبر، حيث كان الزحام شديداً، كان بعض الشباب العرب ينظرون إلى ما يحدث، ويقولون إنهم لم يشاهدوا هذا من قبل فى حياتهم، هذا الفرح وتلك المظاهر، من الحب بين المصريين، ما هذا؟ إنه توحد المصريون حول الفرحة! كم من الفتيات فى وسط كم أكبر من الشباب، دون تحرشات! إنها الفرحة بالوطن متمثلة فى كرة القدم، التى لا تمثل مجمل الوطنية، رغم كل شئ!
لقد التحم الجميع فى فرحة عارمة، بغض النظر عن الاختلافات الدينية والطبقية والأيديولوجية، لقد جمع كل هؤلاء، الفرحة، بعودة الأمل لمصر، وبقوة، للتأهل لكأس العالم لكرة القدم، لقد جَمع المصريون، مصر، ولم تجمعهم جميعاً، مناسبة أخرى، أى أن الوطن ولو تمثل فى الفوز بمباراة كرة قدم، فى تلك الحال، هو ما جمع الجميع، وطالما تجمعوا فى الحدث الصغير حول الوطن، يُمكن مستقبلاً أن يتجمعوا فى أحداث أكبر خلف نفس هذا الوطن!
ولقد تابعت الجاليات مصرية فى الخارج المباراة أيضاً، وذكرنى هذا بمشاهدتى مباراة مصر والجزائر عام 1989، خارج مصر، حيث أتذكر أننا أخذنا أعلام مصر وقتها وذهبنا إلى السفارة المصرية وغنينا أمامها أغانى العصر، خاصة أغانى عمرو دياب ومحمد منير ومحمد فؤاد ومدحت صالح، بالإضافة إلى الأغانى الوطنية، ورقصنا فى الشوارع حيث نظر إلينا أهل البلاد بالاحترام لأننا نعشق بلادنا!
ولقد سمعت أن هناك 15 طائرة ستسافر مُقلة مُشجعى مصر إلى السودان، لتشجيع المنتخب يوم الأربعاء 18 نوفمبر القادم، فى المباراة، التى لا تقبل القسمة على اثنين، إنها معركة التأهل لكأس العالم لكرة القدم، حيث سنتابع جميعنا، كمصريين تلك المباراة دون تمييز بين رجال حكومة ورجال معارضة، ولا بين مسلم ومسيحى وبهائى، ولا بتفرقة بين غنى وفقير، ولا بين ليبرالى واشتراكى وساداتى وناصرى، بل وحتى متأسلم!
لقد بكيت فى آخر خمس دقائق من عمر فيلم كاملة أبو ذكرى، عندما رأيت هذا التلاحم بين المصريين جميعاً، رغم أن الفيلم كله كان يعبر عن عمق الخلافات بينهم كلهم، لقد عبرت كاملة أبو ذكرى فى هذا الفيلم وبحق، عن الساعات التى عشناها فى متابعة المباراة الأخيرة وما بعدها من فرح، وأعرف أننا سنعود إلى إختلافنا بعد المباراة الفاصلة، وحتى رُغم فوزنا وتأهلنا إن شاء الله، ولكنى أحمد الله، أن النتيجة الأساسية، هى أن مصر هى الموحد لنا كمصريين رغم الاختلاف بيننا، ونختلف جميعنا فيها، وليس أبداً عليها!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة