شريف حافظ

نعم، انتصرنا فى حرب أكتوبر 1973!

الإثنين، 05 أكتوبر 2009 07:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا ما شكك إسرائيلى فى النصر المصرى عام 1973، فإن هذا سيعتبر بالنسبة لى، أمر طبيعى! ولكن أن يشكك مصرى فى الأمر، فإن ذلك يُعتبر جهلا واضحا أو عمالة! فالنصر وبرغم الثغرة، تحقق، ولولا التدخل الأمريكى، لتم التخلص من الثغرة تماماً! ولكن كيف يبذل من يُشكك فى النصر، المجهود كى يقرأ؟؟ ألم يقل فلان إن الانتصار كان نسبيا؟ فلنكرر كلامه ونبيع عقولنا له! وأحب هنا إذ أنوى فى السطور القادمة توضيح هذا الأمر، التأكيد، على أن نصر أكتوبر، كان بقرار من الرئيس البطل، قائد الحرب والسلام، وبحق، الشهيد محمد أنور السادات (ولا أحد يختار أن يكون شهيداً)، وأن النصر، كان ذا هوية مصرية شاملة، لا يعود فقط على الساداتيين أو الناصريين، حتى لا ننزلق إلى جهل المراهقة السياسية، التى تفرق أبناء الوطن الواحد، فى أحلى لحظات مجده! إن من يفعل هذا، واصفاً تلك الفترة، إنما يُظهر كم ارتباطه بشخص، وليس بوطن!
أما عن قصة الثغرة التى يتعلل بها من لا يعرف فى داخل مصر، ومن يعرف و"عن عمد" من خارج البلاد، ليبخس النصر المصرى لغايات معروفة، فإن تلك القصة قد ذُكرت فى أكثر من مناسبة فى مذكرات من عاصروها. ولكنى أحب أن ألجأ إلى مذكرات السيد محمود رياض، "البحث عن السلام والصراع فى الشرق الأوسط"، والذى استقال عند قيام السادات برحلته إلى القدس، لأنه اعترض على الرئيس السادات فى حدث آخر وكان قد حُسب على التيار الرافض للسادات، فى النهاية. فالاقتباس ممن نقد السادات وهاجمه فى شهادة له فى أمر حرب أكتوبر، يُعد خير دليل، على أن الرجل يقول الحق!!
فيقول السيد محمود رياض فى الصفحات 476 - 478، من كتابه:

"كانت القيادة العسكرية فى مصر قد بدأت تستعيد توازنها بعد وقف إطلاق النار، وبدأت فى حشد القوات المصرية الكفيلة بالقضاء على الجيب الإسرائيلى. وقد استطاعت مصر فعلاً أن تعوض معظم خسائرها من الدبابات فوصلها فى تلك الفترة ما يعادل ستة ألوية مدرعة، كما وصلتها أعداد لا بأس بها من الصواريخ السوفيتية المضادة للدبابات وللطائرات، وتم وضع الخطة العسكرية اللازمة [وتدعى "شامل"] لتصفية الجيب الإسرائيلى، وصدر قرار بتعيين قائد ميدانى للعملية".

"وكان موقف القوات الإسرائيلية فى الجيب غرب القناة ضعيفاً من الناحية العسكرية، فقد دخلت القوات الإسرائيلية فى جيب طوله حوالى تسعين كيلومتراً وعرضه فى المتوسط عشرون كيلومتراً، وتحاصره القوات المصرية من جميع الجهات فيما عدا الثغرة التى فتحتها فى الدفرسوار بعرض سبعة كيلومترات، فإذا تم إغلاق هذه الثغرة المحدودة أصبحت القوات الإسرائيلية محاصرة تماماً".

"ولقد حضر إلى مكتبى فى يوم 22 ديسمبر الفريق محمد عبد الغنى الجمسى لكى يحلف اليمين باعتباره الأمين العام المساعد الجديد للشئون العسكرية بالجامعة العربية، وذلك بعد أن قام الرئيس السادات بتعيينه رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية محل الفريق سعد الشاذلى. وفى ذلك اليوم قال لى الجمسى، إن القضاء على الجيب الإسرائيلى هو فى مقدور الجيش المصرى تماماً من الناحية العسكرية البحتة. وكان الجمسى يقول لى ذلك وهو يزن كل كلمة يقولها، وكنت أعرف عنه أنه من أكفأ القادة فى الجيش المصرى"

"وعندما ذكر الرئيس السادات أن القوات المصرية فى مصيدة، فإن هذا كان تعبيراً صحيحاً. فقد اضطرت إسرائيل إلى اتخاذ مواقع دفاعية لأول مرة فى تاريخ الحروب الإسرائيلية.. كما كان الجيب الإسرائيلى قريباً للغاية من قواعد الطيران المصرية".

"وكانت القوات المسلحة المصرية تقوم بمواصلة إزعاج القوات الإسرائيلية داخل الجيب وطبقاً لبيانات الأمم المتحدة، فإن القوات المصرية قد قامت بـ213 عملية فى النصف الأول من يناير 1974، وأدت إلى مقتل 187 جندياً إسرائيلياً وتدمير 41 دبابة علاوة على إسقاط 11 طائرة إسرائيلية".

"وعندما اكتملت الخطة المصرية للقضاء على الجيب الإسرائيلى، صدق عليها الرئيس السادات فى 24 ديسمبر، على أن يتولى هو فيما بعد تحديد موعد البدء بالتنفيذ وكان هناك إجماع على قدرة القوات المصرية على القضاء على الجيب الإسرائيلى، مما سيؤدى إلى رفع الحصار عن الجيش المصرى الثالث".

"ولقد كانت نقطة الضعف بالنسبة لمصر هى وضع الجيش الثالث المصرى شرق القناة وسيطرة القوات الإسرائيلية على طرق إمداداته، ولذلك فقد كان الأساس فى التفكير المصرى هو النجاح الكامل والسريع فى تصفية الجيب الإسرائيلى، وإلا تعرض الجيش المصرى الثالث لقطع طرق تموينيه تماماً".

"وعندما جاء وزير الخارجية الأمريكى هنرى كسينجر إلى مصر فى 11 يناير وتوجه إلى مدينة أسوان للاجتماع مع الرئيس السادات، كان من الطبيعى أن يكون ماثلاً أمام عينيه وضع الجيب الإسرائيلى، ولذلك فقد عمل على سرعة فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل فى وقت قياسى، وتم توقيع الاتفاق يوم 17 يناير، أى فى أقل من أسبوع، بينما احتاج فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل فى جبهة الجولان إلى حوالى ستة أشهر".

"وأعلن السادات، فى يوم إعلان الاتفاق، أن كسينجر قد أبلغه خلال زيارته السابقة بأنه إذا بدأت مصر فى تصفية الجيب الإسرائيلى فإن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة إسرائيل ضد مصر، لأنها لن تسمح بأن تتم هزيمة السلاح الأمريكى بسلاح سوفيتى".

ثم يحلل السيد محود رياض هذا التهديد ويرى أنه لم يكن واقعيا، وأنه كان على مصر عدم أخذه بجدية (وهو تحليل مشروع بالطبع). إلا أن حديثه غير واقعى، لأن الولايات المتحدة كان قد سبق لها أن قامت بإنزالات فى المنطقة، مثل لبنان على سبيل المثال. ومسألة إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة، وتحديداً فى الحرب الباردة لم تكن مسألة فيها الكثير من "التهريج". كما أن القائد السياسى، لا يلعب بمقدرات شعبه، كما حدث فى أخطاء قرارات مايو - يونيو 1967. وبالتالى، فإن أى تهديد من قبل القوى الكُبرى، يجب أن يؤخذ بجدية، خاصةً وأن الدعم الأمريكى، جاء إلى إسرائيل فى صورة جسر جوى مهيب فى أول أيام حرب أكتوبر 1973، وتكلف مليارات. وكانت الولايات المتحدة كانت قد وضعت قواتها، وفقاً للوثائق الرسمية التى أفرج عنها فى السنوات السابقة، على أهبة الاستعداد!!

إن العرض السابق لحديث السيد محمود رياض، هو عرض أمين، وقد علقت فى النهاية على رؤيته فيما بتعلق بالتهديد الأمريكى، ورؤية الرئيس السادات.
وبعد هذا العرض من قبل السيد محمود رياض، بالاستشهاد بالمشير الجمسى، والرئيس السادات (رحمهم الله جميعاً) لا أعتقد أن أحداً يمكنه أن يقول إننا هُزمنا. لقد انتصرنا وكان صك النصر على طاولة حديقة البيت الأبيض يوم 26 مارس 1979، عندما وقعنا معاهدة سلام، استرجعنا فيها مُجمل أرض مصر، فى 19 مارس 1989، باستعادة طابا.
والاعتراضات على هذه المعاهدة لا تهم كثيراً (وإن كان يجب تلافى أخطاء التفاوض الخاصة بها مستقبلاً)، لأن مصر حاربت واستشهد منها أكثر مما استشهد فى مجمل الحروب العربية حتى اليوم، ودفعت من اقتصادها ثمنا لتلك الحروب، حتى أنها كانت مفلسة على مشارف 1974 (قبل الانفتاح)، ولقد اختلف العرب دوماً، قبل الثورة وبعدها. اختلفوا فى عصر فاروق ونجيب وعبد الناصر والسادات وحسنى مبارك، وسيظل اختلافهم ما لم يفيقوا!! ولم يصنعوا ما يذكر لتغيير الوضع، بل تكريسه بعد اغتيال السادات!

وبالتالى، فإنى أهنئ الشعب المصرى تهنئة خالصة من القلب، على نصره الخالص فى حرب أكتوبر المجيدة سنة 1973 وأخص بالتهنئة القوات المسلحة المصرية، على ما قامت به من معجزة على أعلى مستوى عالمى، حينما اختلط دم كل شهداء مصر، راوياً تُراب سيناء الطاهرة.

كل عام ومصر بخير









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة