مى الشربينى

خط البقاء الخفى

الخميس، 01 يناير 2009 11:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«عندك أولاد؟».. لا.. «هاتلى بس المدام وتعالى»، هذا ما يمكن أن تسمعه من أحدهم فى صان الحجر بالشرقية، هناك مسلة نائمة تتوجه إليها بعض نساء المنطقة، يقفزن من فوقها ويتحممن عليها مع بعض الطقوس الأخرى أملاً فى الإنجاب!.. فى طهنا الجبل التى تقع على بعد عشرة كيلومترات شمال المنيا تتوجه النساء لنفس السبب إلى مقصورة من العصر الرومانى، أما فى الهوارة فلابد أن تتسلق المرأة الهرم ضمن طقوس معينة!

كيف نصدق أن مثل ذلك يحدث؟ من الصعب أن تتقبل عقليتنا العلمية والمسيحية والإسلامية كل ذلك خارج إطار الخرافات والوثنية فى القرن الواحد والعشرين، وفى الوقت الذى يقوى فيه المد الدينى، تعكس هذه الأمثلة حقيقة مهمة وهى أن هناك خط بقاء شفهيا يضمن الحياة لبعض الطقوس والأفكار لتبقى راسخة فى أذهان البعض ويبدو أنها لا تتعارض، على الأقل فى وجدانهم، مع إيمانهم وثقافتهم إن رفضناها أو تقبلناها، وهذا الخط كاللهو الخفى لا يمكن تتبعه بوضوح، فأى من هؤلاء النساء مسيحيات كن أو مسلمات يعرفن أصل هذه الطقوس، أو لماذا يقمن بها؟ بالطبع ولا واحدة.

فى معبد إسنا، تجد وجه آمون إله الخصوبة فى مصر القديمة محفّرا وتتكرر هذه الظاهرة بأشكال مختلفة فى معابد أخرى مثل كوم أمبو، ففى أزمنة سابقة كان لبعض هذه المعابد ونقوش بعينها قوة شفائية ويعتقد أن الأهالى كانوا ينحتون أجزاء صغيرة جداً من أحجارها، يذيبونها فى ماء ويشربونه أملاً فى الشفاء.

هناك حالة أخرى ظهرت على مستوى فكرى ووجدانى أعمق حتى أنها صُدِّرت، وهى حالة «الساحرة الكبيرة» إلهة الولادة، المرضعة، أم الإله، التى يطيعها القدر «إيزيس» عانى المسيحيون الأوائل فى مصر من الاضطهاد الرومانى، وكانوا يختبئون فى بعض المعابد القديمة، آمنوا إيماناً مخلصاً بالله والعذراء ولكنهم بشر لم يكن من المتوقع أن ينزعوا من فكرهم وثقافتهم وأرواحهم وأرواح أجدادهم إلهة طغت قوتها على قوة كل آلهاتهم القديمة حتى أن سطوتها الروحية كانت قد اخترقت الديانات الأخرى فى كل إمبراطورية الرومان وانتشرت عبادتها فى حوض المتوسط كله، إيزيس السمراء ترضع الملك الإله على جدران المعابد ارتبطت فى بعض الأذهان بمريم العذراء ولكن دون خلط فى المفهوم الدينى، واليوم عشرات النظريات التاريخية تروى كيف انتقلت إيزيس السمراء ذهنياً وانتقلت تماثيلها إلى جنوب فرنسا ثم إلى أوروبا وظهرت العذراء السمراء Black Virgin فى كنائس كثيرة منها كنيسة سان فيكتور فى مارسيليا، فى عيدها يصنع المحتفلون «جاتوه» على شكل مركب إيزيس احتفاءاً بالعذراء السمراء دون أن يعرفوا صلتها بإيزيس ولا بمركبها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة