لن تنصلح أحوالنا، طالما أن مجموعة رجال الأعمال القريبة من السلطة هى التى تدير مستقبل مصر-سياسياً واقتصادياً-، ولن تنفع نصائح العلماء والخبراء ولا دراساتهم وأبحاثهم، طالما بقى المشهد رثاً مترهلاً، والمستقبل غامضاً معقداً، تديره جماعة البيزنس التى تجمعها وتفرقها المصالح الشخصية.
كل المؤامرات التى تحاك ضد مشروع الضبعة النووى، تؤكد أن هذه الجماعة سوف تضمن لمصر مزيداً من التخلف والتبعية بعد أن كانت دولة محورية ورائدة فى المنطقة!. وبعيداً عن سياسة طواحين الهواء المفرغة التى تدور حول النخبة الاقتصادية المصرية وأولوياتها فى استبدال مشروع قومى بمشروع سياحى، فالواقع يؤكد أن من يتخوفون-زعماً- من عدم القدرة على تأمين المفاعل النووى ومن الإشعاعات التى ستنبعث منه، وبالتالى نقل الأمراض للمواطنين، هم أنفسهم الذين يؤيدون ويساندون بكل ما أوتوا من قوة مشروع إنشاء مصنع "أجريوم" فى دمياط، رغم تحذيرات الخبراء من أنه سيصيب المواطنين بالأمراض الفتاكة فضلاً عن التلوث البيئى الخطير.
ورغم الرفض الشعبى العارم والاحتجاجات والمظاهرات المتواصلة لشعب دمياط، إلا أن حكومة البيزنس عازمة على المضى فى تنفيذ هذا المشروع الذى حامت حوله الشبهات؛ فلماذا إذن وأد مشروع الضبعة النووى، وهو مطلب قومى فى الأساس؟!
مثل جميع بيانات الحزب الوطنى، المشروع النووى تحول إلى سراب بسبب إصرار هذه الجماعة على تحويل أرض الضبعة إلى منتجعات سياحية لخدمة شرائح الخمس والسبع نجوم، ضاربة بأمن مصر القومى ومستقبل أجيالها عرض الحائط!. مشروع مصر النووى ليس حكراً على الحزب الوطنى الحاكم يقره ثم يسحبه أو يتجاهله، بقدر ما هو أمل كل مواطن فى هذا البلد.
وتأكيداً لذلك فإن أهالى الضبعة الذين تم تهجيرهم من منازلهم وأراضيهم الواقعة على ساحل البحر، أو القريبة من الأرض المخصصة للمشروع لم يلبثوا حتى زال غضبهم بمجرد علمهم بأن المشروع قومى فى المقام الأول، لكنهم سرعان ما انتفضوا بعد أن علموا أن الدولة تتلاعب بهم لأجل مصلحة مجموعة من رجال الأعمال، وبالتالى عادوا للمطالبة بعودتهم إلى أراضيهم.
إن ما يردده المنتفعون من تخريب المشروع النووى على أرض الضبعة، بأنها لا تصلح وأن الدراسات والأبحاث التى أجريت عليها عفى عليها الزمن، ولا بد من إيجاد بدائل، هم بذلك يَضِربون مستقبل الطاقة المصرية فى مقتل، لأن مواردنا من الطاقات الناضبة والغاز الطبيعى ستتبدد، وهى مواد خام لا بديل لها فى الصناعات البتروكيماوية، فلماذا لا ننشئ المحطة النووية ونستثمرها فى توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر أيضا؟!
إيران تجاوزت المشروع النووى إلى المشروع الفضائى، ودول الخليج أبرمت صفقات مع دول مثل فرنسا والولايات المتحدة لتأمين مستقبلها فى المجال النووى. الهند التى بدأت مع مصر نفس المشوار، تمتلك وحدها 14 محطة نووية! وإسرائيل العدوالأخطر تمتلك العديد من المفاعلات النووية ذات القدرة العالية وتستطيع تصنيع 200 قنبلة نووية تؤهلها للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. إنه التوازن النووى الاستراتيجى فى الشرق الأوسط الذى نحن فى غفلة منه!.
مصر صارت طاردة لأبنائها المخلصين طواعية لرجال "البيزنس"، فالعالم الدكتور "أحمد زويل" كان يريد أن تكون فى مصر مدينة للعلوم أشبه بمثيلتيها فى إسرائيل والولايات المتحدة وقُضى على مشروعه، فاستقطبته" قطر" وأتيحت له جميع الإمكانات المادية والتكنولوجية لينفذ مشروعه فيها بعدما ضاقت عليه مصر بما رحبت!.
الخيار النووى "حتمى" لا محالة، وأرض الضبعة لم يتم اختيارها بشكل عشوائى وإنما بعد دراسات استغرقت 5 سنوات بتكلفة 150 مليون جنيه، قامت بها إحدى الشركات الفرنسية بالتعاون مع معاهد البحوث المصرية، واختير موقعها من بين 23 موقعاً لتوافر جميع شروط تشييد مفاعل نووى، ومنها قربه من البحر المتوسط بما يفيد استخدام مياه البحر فى تبريد درجة حرارة المفاعل، علاوة على خصائص التربة والمياه الجوفية وغيرها. لاريب أن إغلاق ملف الضبعة بدعوى البحث عن بدائل صالحة، يعنى إغلاق ملف المحطات النووية فى مصر لسنوات طويلة، ولا عزاء لجيلى وللأجيال القادمة.!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة