تعد القاهرة الخديوية أحد أهم الفترات التاريخية الشاهدة على مرحلة هامة من جمال مصر وتطويرها ونهضتها المعمارية، حيث شهدت شوارع القاهرة فى عصر الخديوي إسماعيل أبهى مراحل التطور المعماري، ورغم تعرض الكثير من المبانى لأضرار مختلفة مع الزمن، لكنها لا تزال شامخة فى منطقة وسط البلد إلى يومنا هذا، وفي ضوء ذلك نستعرض كيف كانت القاهرة في عهد الخديوي.
قاهرة إسماعيل من أعظم المشروعات العالمية
حسب ما جاء في كتاب "القاهرة الخديوية: رصد وتوثيق عمارة وعمران منطقة وسط المدينة" من تأليف سهير زكي حواس، تعتبر قاهرة إسماعيل من أعظم المشروعات العالمية التي تمت في القرن التاسع عشر لما بنى عليه تخطيطها من دراسات للتخطيط والتعمير الشامل وتحطيم عوائق تنفيذها وإخراجها لحيز الوجود.
القيمة التاريخية لمنطقة وسط المدينة:
وتضيف مؤلفات الكتاب: تعود قيمتها التاريخية إلى كل من العاملين الزمني والرمزي اللذان يتوفران في تاريخ إنشاءها الذي يعود إلى النصف الثاني من القرن الـ 19 ومضمون تراثها الثري..
القيمة الزمنية
يعود تاريخ تخطيط المنطقة إلى ولاية عهد الخديوي "إسماعيل" الذي وضع أسس تخطيطها، فهي تمثل بداية العمران المصري في صورته الحديثة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ويقتر عمر المنطقة من المائة وأربعون عامًا.
فقد أمر الخديوي إسماعيل ببناء قصر عابدين فور توليه حكم مصر في عام 1863م، لنقل مقر الحكم من القلعة إليه، وفي نفس الوقت الذي كان يشيد في القصر أم "إسماعيل" بتخطيط القاهرة على النمط الأوروبي الذي بهره في مدينة باريس من ميادين فسيحة، وشوارع واسعة ومستقيمة، وقصور ومباني، وجسور على النيل وحدائق غنية بالأشجار والنباتات النادرة، فتحولت "القاهرة" إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم في ذلك العصر.. وهي باقية حتى يومنا هذا.. نراها ونسير في شوارها ونستمتع بعبق التاريخ فيها.
المدلول التراثي
تتمتع منطقة وسط المدينة بالتميز العمراني والمعماري الواضح عن بقية أحياء "القاهرة"، فهي ذات طابع خاص يدركه زائر المكان للوهلة الأولى ويستطيع أن يتخيل حدوده، مكا تتمتع بثراء وعمق مدلولها التراثي الذي يتضح من خلال استقراء القيم التاريخية والمعمارية والوظيفية للمنطقة.
القيمة الرمزية
تبرز القيمة الرمزية "للقاهرة التاريخية" من خلال التدقيق الواعي في شخصية الحاكم وطموحاته التي تجسدت في إنشاء مدينة "القاهرة" التي أراد لها الدخول في سباق حضاري بين مدن العالم.
القيمة المعمارية والعمرانية
تعد منطقة وسط المدينة بمثابة متحف حي ومفتوح لتراث إنساني يمثل مصر منذ بدايات تحديثها وعصر نهضتها.. ويتضمن هذا المتحف رصيدًا هائلًا من المباني التراثية يتعدى الثلاث مائة مبنى داخل مساحة تقدر بحوالي 700 فدان.
والمباني المعني هنا يعود تاريخ إنشائها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وهي جامعة للطرز المعمارية المختلفة... مثل الكلاسيكي وعصر النهضة والآن ديكو والفن الجديد، وهو ما عرف في المانية بالـ jugendstil، والباروك بغزارة زخارفه، والمدرسة التعبيرية، والمدرسة العقلانية "الإسلامي المتطور"...، ويلاحظ تعدد الطرز في واجهة بعض المباني وهو ما يميز هذه المباني بالثراء في تصميم وزخرفة واجهاتها.

كتاب القاهرة الخديوية