أصدر الشيخ على عبد الرازق فى عام 1925 كتابه "الإسلام وأصول الحكم"، الذى كان يدعو لفصل الدين عن السياسة، مما جعل الأزهر يقوم بالرد على الكتاب بكتاب آخر بعنوان "نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم"، من أجل إرضاء الملك فؤاد، وكان ذلك بداية العداء مع الشيخ على عبد الرازق وقد تسببت تداعيات الحدث بإقالة عبد العزيز فهمى من وزارة الحقانية.
اشتعل الغضب بسبب كتاب على عبد الرازق، فقررت هيئة كبار العلماء نزع شهادة العالمية منه وطرده من كل وظيفة لعدم أهليته للقيام بأى وظيفة دينية أو مدنية.
لكن عبد العزيز فهمى وقف مع الأحرار الدستوريين ضد ذلك القرار، فعندما أرسل شيخ الأزهر قرار عزل على عبد الرازق إلى عبد العزيز فهمى باشا، وزير العدل (الحقانية آنذاك)، طالباً التصديق على رفضه وكتب قائلاً: "أحضرت هذا الكتاب وقرأته مرة أخرى، فلم أجد فيه أدنى فكرة يؤاخذ عليها مؤلفه"، كما قال: ثقل على ذمتى أن أنفذ هذا الحكم الذى هو ذاته باطل لصدوره من هيئة غير مختصة بالقضاء، وفى جريمة الخطأ فى الرأى من عالم مسلم يشيد بالإسلام، وكل ما فى الأمر أن من يتهمونه يتأولون فى أقواله ويولدون منها تهماً ما أنزل الله بها من سلطان".
وعندما علم الملك فؤاد بذلك غضب غضبًا شديدًا، لينتهى الأمر باستقالة عبد العزيز باشا فهمى هو وثلاثة وزراء آخرين هم محمد على علوبة وتوفيق دوس وإسماعيل صدقى.
ويلخص الكاتب الصحفى محمود عوض فى كتابه أفكار ضد الرصاص ما أراده عبد الرازق فى كتابه، قائلا: قام الشيخ على عبد الرازق بتعرية الخلافة من قناعها الدينى، لقد فضح أساليب السياسة فى استخدام الدين لحساب أغراضها، وكشف دور الملوك فى استغلال الدين والخلافة، ضد الحرية والتفكير والعلم.
محاكمة على عبد الرازق
وقد عقدت هيئة كبار العلماء محاكمة لعلى عبد الرازق يوم 12 أغسطس 1925، وكان شيخ الأزهر الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوى، هو الذى يترأس المحاكمة، وتذكر جريدة السياسة فى العدد الذى أصدرته مساء نفس اليوم 12 أغسطس 1925، فى منتصف الساعة الأولى بعد الظهر، أصدرت الهيئة حكمها ونص: "حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر، بإجماع أربعة وعشرين معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ على عبدالرازق، أحد علماء الجامع الأزهر، والقاضى الشرعى بمحكمة المنصورة الشرعية، ومؤلف كتاب الإسلام وأصول الحكم، من زمرة العلماء".
حوار عبد العزيز فهمى ورئيس الوزراء
ووصلت النار إلى وزير الحقانية عبدالعزيز باشا فهمى، الذى طرح سؤالا على رئيس الوزراء بالنيابة، يحيى إبراهيم، حول الرأى القانونى فى مدى اختصاص هيئة كبار العلماء لمحاكمة عالم فى الأزهر، لكنه لم يتلق جوابا ولكن رد رئيس الوزراء بالنيابة، قائلا: يا عبد العزيز باشا لم يعد ممكنا أن نستمر فى العمل معا ويذكر محمود عوض: تساءل وزير الحقانية مندهشا: ماذا تقصد؟ رد رئيس الوزراء: أقصد أنك تستقيل، رد فهمى: وأنا لن أستقيل: قال رئيس الوزراء: إذن أقيلك أنا وبعدها استقال ثلاثة وزراء، وانهار الائتلاف الوزارى، كما لم يحدث مع أى كتاب فى تاريخ مصر السياسي.