سفير ألمانيا بالقاهرة: ما يحدث فى غزة مأساة كبيرة.. ومصطلح "إبادة" يقرره القضاء.. علاقتنا بإسرائيل قد تؤثر على مسار الحرب ونأمل فى وقف إطلاق نار وتحسين الأوضاع الإنسانية.. ونرفض تهجير الفلسطينيين لأسباب قانونية

قال السفير الألماني بالقاهرة، يورجن شولتس، إن بلاده تستخدم ثقلها السياسي وعلاقتها القوية بإسرائيل  للتأثير  في مسار الحرب الجارية، مشيرًا إلى  الاتصال المتواصل والمستمر بين وزير الخارجية الألماني  ونظيره المصري، وكذلك مع نظيره الإسرائيلي، في محاولة لدفع الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل، مضيفًا: لكن الأمر ليس سهلًا.

ولفت شولتس  فى مؤتمر صحفى صباح اليوم، إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التقى الأسبوع الماضي عددًا من قادة العالم للتشاور حول الوضع في الشرق الأوسط، وعبر عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الأسرى.

وأضاف:  اليوم يلتقي نتنياهو دونالد ترامب، حيث من المفترض أن يوافق الجانب الإسرائيلي على خطة السلام التي وصفها بالطموحة، ونشعر أن هناك إمكانية لنقطة تحول في الوضع الراهن، ونأمل أن يقود ذلك إلى وقف إطلاق النار وتحسين الأوضاع الإنسانية في أسرع وقت، على أن تتبعها مفاوضات حول إعادة الإعمار وتقديم الدعم.

وأكد السفير رفض الحكومة الألمانية لأي تهجير للفلسطينيين، سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها، موضحًا أن هذا الموقف ليس فقط خشية من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ولكن أيضًا لأسباب قانونية وإنسانية.

وتطرق إلى تقييم بعض الدول العربية والمواطنين العرب للموقف الألماني، قائلًا إن هناك من لا يشعر بالرضا عن هذا الموقف، إلا أن ألمانيا تبني سياساتها انطلاقًا من تجاربها التاريخية ورؤيتها للأوضاع، مشيرًا إلى أن الأمر لا يقتصر على الداخل الألماني ، حيث  يشهد أيضًا نقاشات حادة بشأن القضية الفلسطينية، وتوجد أصوات تنتقد الحكومة، فيما تدعو أخرى لمزيد من الدعم لإسرائيل، والحكومة في النهاية تأخذ كل هذه المواقف في الاعتبار.

واعتبر شولتس أن منع المشاركين الإسرائيليين من الفعاليات الثقافية أو الرياضية أمر خاطئ، مشددًا على أن الفنانين أو الرياضيين ليسوا بالضرورة أصحاب قرار سياسي.

كما رفض توصيف ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية"، موضحًا أن هذا الوصف لا بد أن يستند إلى حكم قضائي واضح، وأكد أن ما يحدث مأساة إنسانية كبيرة، لكن ألمانيا لا تتبنى توصيف الإبادة الجماعية .

وفيما يخص إصلاح الأمم المتحدة، شدد السفير على قناعة بلاده بأن المنظمة بحاجة ملحة إلى إعادة هيكلة، خاصة بعد مرور أكثر من 80 عامًا على تأسيسها. وقال:  كانت هناك دعوات للإصلاح في قمة 2005، لكن الخلاف ظل قائمًا حول آلية التنفيذ، خصوصًا فيما يتعلق بحق الفيتو، ونأمل أن تكون قمة الأمم المتحدة المقبلة فرصة لاتخاذ خطوات فعلية.

وعلى صعيد العلاقات المصرية الألمانية، كشف السفير أن حجم التبادل التجاري بين مصر وألمانيا يبلغ نحو 5 مليارات يورو، مشيدًا بآفاق الاستثمار في مصر، خاصة مع افتتاح شركة "بوش" الألمانية مؤخرًا للأجهزة الكهربائية.

وأضاف أن التعاون يمتد إلى المدارس الفنية لتأهيل الخريجين لسوق العمل، في إطار اهتمام ألمانيا بالعمالة الماهرة، موضحًا أن حصول العمالة المصرية على شهادات وتدريبات معترف بها في ألمانيا يمثل التحدي الأكبر .

كما أشار إلى افتتاح المدرسة المصرية الألمانية كأول نموذج تجريبي ضمن اتفاق إنشاء 100 مدرسة ألمانية جديدة في مصر، مؤكدًا أن الاستثمار في التعليم يمثل أولوية قصوى.

وأشار شولتس إلى أن الاقتصاد المصري يشهد استقرارًا قويًا مقارنة بما كان عليه قبل ثلاث سنوات، مع بداية إصلاح بعض الهياكل الاقتصادية وزيادة دور القطاع الخاص، وقال إن بلاده مستعدة لدعم هذه الإصلاحات، مؤكدًا التعاون القائم في مجالات التحول الأخضر ومشروعات الطاقة المتجددة، ومنها مشروع مزارع الرياح في السويس الذي يمد نحو مليوني منزل بالكهرباء، وأعلن أن ألمانيا تسعى خلال العامين المقبلين إلى استيراد الهيدروجين الأخضر من مصر.

كما لفت السفير إلى المستوى الرفيع من الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين خلال العام الماضي، معتبرًا ذلك دليلًا على متانة العلاقات المصرية الألمانية،  وكشف عن مشاركة بلاده بوفد رفيع المستوى في افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر المقبل، بما يليق بمكانة مصر.