بكلمات الشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش، أعلن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قراره التاريخى باعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية، لتنضم فرنسا إلى قائمة من الدول الأخرى بينها بريطانيا وكندا وأستراليا قامت بالخطوة نفسها من أجل تحقيق السلام، وفى ظل الحرب الإسرائيلية الوحشية المستمرة على قطاع غزة.
وقال ماكرون، خلال حديثه في قمة نيويورك حول حل الدولتين: "لقد حان الوقت. لهذا السبب، ووفاءً بالتزام بلدي التاريخى تجاه الشرق الأوسط بالسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لهذا السبب أعلن اليوم اعتراف فرنسا بدولة فلسطين".
وأضاف: "يجب أن نبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنبًا إلى جنب في سلام وأمن".
وأشار ماكرون إلى أن الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني "لا ينتقص من حقوق شعب إسرائيل، الذي دعمته فرنسا منذ اليوم الأول".
واقتبس ماكرون فى كلمته بمؤتمر حل الدولتين، الذى انعقد فى الأمم المتحدة على هامش اعتراف بلاده بدولة فلسطين رسميًا، جزء من قصيدة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، حيث قال: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين، سيدتى: أستحق، لأنك سيدتى، أستحق الحياة".
عزلة إسرائيل الدولية تتزايد
وقالت شبكة "سى إن إن" إن اعتراف فرنسا ودول غربية أخرى بالدولة الفلسطينية فى الأمم المتحدة خطوة يعمق عزلة إسرائيل الدولية فى الوقت الذى تمضى فيه فى أهداف حربها القصوى على غزة، وتوسع المستوطنات فى الضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت موناكو ومالطا ولوكسمبرج دعمهم للخطوة فى مؤتمر حل الدولتين فى نيويورك، الذى ترأسته فرنسا والسعودية. كما أعلنت بلجيكا اعترافها، لكنها قالت إنه لن يكون له تأثير قانونى حتى يتم إبعاد حماس وإطلاق سراح الرهائن.
ونقلت الشبكة عن دانيال فورتى، المحلل البارز فى مجموعة الأزمات الدولية قوله إن الخطوة الأخيرة من الاعتراف تعزز مدى شذوذ إسرائيل والولايات المتحدة فى هذه القضية مقارنة بباقى العالم.
وفيما يتعلق بالإجراءات الأخرى المحتملة ضد إسرائيل مثل العقوبات الثنائية أو إجراءات الاتحاد الأوروبي، أو المزيد من الإجراءات الدبلوماسية في الأمم المتحدة، يقول فورتى إن واشنطن تدرك أن الاعتراف قد يكون مجرد بادرة جوفاء إذا لم يتم دعمه بإجراءات اقتصادية وقانونية ودبلوماسية أقوى للضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات". وأضاف أن الولايات المتحدة "تراهن على أن الدول لن تُقدم على خطوة أبعد من ذلك، على الأقل في الوقت الراهن".
من ناحية أخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست إن اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية يمثل تحدياً للرئيس ترامب، ويأتى بعد جهود استمرت أشهر من قبل إدارته لترهيب وثنى الدول عن العمل مع باريس فى هذه المبادرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو حاول قتل المبادرة فى مهدها، وأرسل برقيات للسفارات والقنصليات الأمريكية حول العالم فى شهر يونيو وهذا الشهر لإحباط المشاركة فى اجتماعات فرنسا، وأدانوا هذه المساعى باعتبارها هدية لحماس.
لكن يوم الاثنين، وفى إطار اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدداً كبيراً من قادة العالم وكبار الدبلوماسيين من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وتضمن قائمة المتحدثين رؤساء البرازيل وتركيا وجنوب افريقيا واندونيسيا، ورؤساء وزراء كندا واسبانيا وبلجيكا وإيرلندا وملكا الأردن والمغرب، والأمين العام للأمم المتحدة وآخرين.
ونجح ماكرون فى ضم حلفاء أمريكا الرئيسيين ، منهم بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، فى هذه المساعى، واعترفوا جميعاً بالدولة الفلسطينية.
غضب أمريكى إسرائيلى
تقول واشنطن بوست إن المساعى تمثل دفعة معنوية للفلسطينيين، لكنها لن تؤدى إلى تغييرات على الأرض فى ظل استبعاد حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة إقامة الدولة الفلسطينية. ووصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة دانى دانون الحدث بالسيرك.
وأدانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت الاعتراف، وقالت إنه لن يحدث فارقاً بإطلاق سراح الرهائن، وهو الهدف الأساسى الآن فى غزة، ولا يفعل شيئاً لإنهاء الصراع ووقف الحرب. ووصفت القرارات بأنها مجرد كلام وليست فعلاً كافيا من بعض أصدقاء أمريكا وحلفائها.
ورداً على مساعى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن إدارة ترامب منعت القادة الفلسطينيين من الحصول على تأشيرات لحضور اجتماعات نيويورك. وقال منتقدون لإدارة ترامب إن الحدث أظهر أن الولايات المتحدة أقل عدداً وقيادة فى القضية التي تكسب أهمية متزايدة فى ظل ارتفاع أعداد الشهداء فى غزة. وأصبحت أغلبية الدول الأوروبية تعترف الآن بالدولة الفلسطينية.
وقال السيناتور الديمقراطى كريس فان هولين، فى مقابلة مع واشنطن بوست، إن الولايات المتحدة معزولة تماماً وتقوض نفوذها حول العالم. وأضاف أن إدارة بايدن كانت مهملة فى هذا الأمر، لكن إدارة ترامب تضع بصمتها على قرارات بنيامين نتنياهو.
وتابع فان هولين قائلا إن دولاً أخرى حول العالم، خاصة فى النصف الجنوبى، ترى ازدواجية المعايير الأمريكية فى حقوق الإنسان، وهو ما يمكن أن يستغله خصوم واشنطن.