فى قلب مدينة أسوان، وعلى واجهات أربع عمارات سكنية بمنطقة التأمين على طريق السادات، يطل مشروع فنى جديد يضع بصمة واضحة على المشهد الحضارى للمدينة السياحية، المشروع الذى حمل اسم "أرض من ذهب" جاء ثمرة جهود الفنانين التشكيليين الشابين: على عبد الفتاح وزوجته مها جميل، ليعيد صياغة الفضاء العمرانى فى أسوان عبر لوحات جدارية ضخمة تعكس تاريخ المدينة العريق وطابعها الفنى والإنسانى.
الفن فى خدمة الهوية
منذ سنوات، تشهد أسوان محاولات متتالية لتجميل شوارعها وأحيائها، إلا أن هذا المشروع بدأ مختلفًا فى فكرته ورسالته، فهو لا يقتصر على تزيين واجهات خرسانية، بل يسعى إلى تحويلها إلى "ذاكرة بصرية" تنبض بملامح التاريخ والإنسان والطبيعة، واللوحات الأربع جسدت مزيجًا من الرموز التراثية والمعاصرة، وجمعت بين المصرى القديم والمرأة الأسوانية والعمال البسطاء والطبيعة الساحرة، لتروى قصة مدينة تضرب جذورها فى أعماق الحضارة المصرية وتفتح عيونها على المستقبل.
حارس التاريخ وصوت المرأة
الجدارية الأولى حملت اسم "حارس التاريخ" وهو تجسيد للشخصية الرمزية التى عرفها المصريون القدماء كحامٍ للمعابد والجدران الأثرية وإعادة إحياء هذه الفكرة فى قلب مدينة معاصرة يحمل رسالة واضحة: أسوان ما زالت مدينة تحفظ تاريخها وتفخر بجذورها.
أما الجدارية الثانية فجاءت تحت عنوان CRAFTS OF GOLD، لتسلط الضوء على الحرف اليدوية التى طالما ارتبطت بالمرأة الأسوانية، ووجه امرأة أسوانية يطل على المارة كرمز للاستمرارية والإبداع، تحيط به تفاصيل البيوت الملونة والعناصر التى تجذب السائحين، وهذه اللوحة لا تكرم المرأة فقط، لكنها تؤكد أن دورها المحورى فى الحفاظ على التراث المادى والروحى للمدينة.
قلوب من ذهب.. ذاكرة السد العالى
الجدارية الثالثة حملت اسم "قلوب من ذهب"، واستعادت ملحمة بناء السد العالى ولم يكن السد مجرد مشروع هندسى، بل رمزًا للتحدى والكفاح وتجاوز النفوذ الأجنبى، وعبر عن ذلك بوجوه العمال البسطاء الذين سطروا بأيديهم واحدة من أعظم ملاحم القرن العشرين، يعيد المشروع تذكير الأجيال الجديدة بأن الإنجازات الكبرى لا تأتى إلا بالإرادة والعمل الجماعى.
جدارية الطفلة والطبيعة
الجدارية الرابعة والأخيرة جاءت بعنوان "أرض من ذهب"، لتجسد روح المستقبل برمز الطفلة الصغيرة التى تقف بجوار الطبيعة الساحرة: النيل، الجبال، المراكب، والأراضى الخضراء، ورسالة اللوحة تقول إن مستقبل أسوان مرهون بأطفالها، وإن الطبيعة هى المصدر الأول للجمال والرخاء.
جداريات فى خدمة السياحة
أكد الفنانان التشكيليان، مها جميل وعلى عبد الفتاح، لـ"اليوم السابع"، أن أهمية المشروع لا تقف عند حدود الفن التشكيلى، لكنها تمتد لتشمل البعد السياحى فى أسوان والتى تستقبل آلاف السائحين سنويًا، وباتت بحاجة إلى مشروعات تعزز صورتها كمدينة حضارية تجمع بين الماضى والحاضر، لافتاً إلى أن وجود هذه الجداريات على طريق رئيسى مثل طريق السادات يجعلها محط أنظار الزوار، كما يمنح السكان أنفسهم شعورًا بالفخر والانتماء.
وأعرب الفنان على عبد الفتاح، عن سعادته بإتمام المشروع قائلاً: "هدفنا من البداية أن نعيد تعريف العلاقة بين الفن والشارع، أردنا أن تكون الجداريات مرآة لأسوان، وأن يراها السائح والمواطن على السواء فتبعث رسالة هوية وانتماء".
ومن جانبها، أكدت الفنانة مها جميل، أن المشروع استغرق شهورًا من العمل والتخطيط، وعلقت قائلةً: "أردنا أن نجمع بين عناصر الماضى والمستقبل: المرأة، الطفل، العامل، والطبيعة.. وجميعهم يمثلون أركان الهوية الأسوانية ونأمل أن تكون هذه التجربة بداية لمشروعات مماثلة فى مدن أخرى".
توظيف الفن فى خدمة المجتمع
لم يقتصر الإعجاب بالمشروع على المتخصصين فقط، لكن امتد إلى الأهالى أنفسهم الذين اعتبروا الجداريات إضافة نوعية لشوارع المدينة، مؤكدين أن عمارات المنطقة تغير شكلها بالكامل وأصبح سكان المنطقة يشعرون أنهم يعيشون داخل لوحة فنية، وعلقوا قائلين: "أصب كل من يزورنا يتوقف ليلتقط الصور أمام الجداريات".
وأضاف الأهالى لـ"اليوم السابع"، أن الفن يعطى طاقة إيجابية، وهذه الرسومات جعلتهم يشعرون بالفخر، ذلك لأن أسوان تستحق مثل هذه المبادرات، لافتين إلى أن هذا المشروع "أرض من ذهب" يفتح بابًا جديدًا لتوظيف الفن فى خدمة المجتمع، ويؤكد أن أسوان ليست فقط مدينة التاريخ والسياحة، بل أيضًا مدينة الإبداع الذى يربط الماضى بالمستقبل.

الزوجان-يبدعان-فى-الرسم

العمارات-الأربعة_1

جداريات-أرض-من-ذهب

على-عبدالفتاح

مشروع-تطوير-طريق-السادات-

مها-جميل

البنت-الأسوانية

الجدارية-الرابعة

السيدة-الأسوانية-وتراثها

جدارية-حارس-التاريخ

رمز-الكفاح-ومستقبل-أسوان

رموز-الكفاح-فى-السد-العالى