-
وزير العمل سيصدر مدونة السلوك الوظيفى لتحديد الأفعال المحظورة والعقوبات وفقا للقانون الجديد
أكد المهندس خالد عبدالله، مستشار وزير العمل للسلامة والصحة المهنية، أن منظومة السلامة والصحة المهنية فى مصر شهدت تطورا جذريا وتحولا نوعيا مع صدور قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، والذى يعد الأكثر تطابقا مع معايير العمل الدولية على الإطلاق، مشيرا إلى أن هذا التطور يمثل نقلة نوعية شاملة فى حماية العمال وتطوير بيئة العمل، حيث أحدث تغييرات جوهرية فى الهيكل التشريعى والتشغيلى لمنظومة السلامة، مؤكدا أن هذا القانون جاء ليبرز أهمية العمل على مواءمة الهيكلين التشريعى والتشغيلى لمنظومة السلامة والصحة المهنية فى مصر مع معايير الحكومة الدولية، خاصة وأن تعزيز نظام السلامة يعد أحد الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الوطنية.
وأشار مستشار وزير العمل، إلى أن هذا القانون يأتى استكمالا لجهود الحكومة فى السنوات السابقة لترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة وإدارة الموارد بكفاءة، وذلك من خلال وضوح الأدوار والمسؤوليات وتعزيز آليات الرقابة والامتثال وتبنى أفضل الممارسات مع ترسيخ الاستدامة، بما يضمن الإفصاح عن المسؤولية المجتمعية العالمية وتمكين العاملين وإدماج السلامة ضمن الإطار المؤسسى للمؤسسات، وصولا إلى بيئة عمل آمنة ومستدامة تتوافق مع الإطار القانونى الوطنى ومتطلبات الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، موضحا أنه بموجب المادة 261، أصبحت وزارة العمل تملك صلاحية منح التراخيص للكليات والمعاهد والجمعيات والمؤسسات والشركات التى تستوفى الشروط المقررة للتدريب الأساسى والمتقدم والنوعى والتخصصى فى مجال السلامة والصحة المهنية.
وأكد أن هذا التطور يفتح المجال أمام تنوع وتوسع الجهات التدريبية المعتمدة ويخلق بيئة تنافسية إيجابية تحفز جميع مقدمى الخدمات التدريبية على رفع جودة البرامج وضمان التزامها بالمعايير الفنية والقانونية، مع استمرار الدور المحورى للمركز القومى لدراسات السلامة بوزارة العمل ومعهد السلامة التابع للمؤسسة الثقافية العمالية كبيت خبرة كبير فى هذا المجال، مشيرا إلى أن القانون أدخل مفهوما جديدا فى المادة 245 يسمى "مكاتب الامتثال"، والتى تعد بمثابة ثورة فى مجال الرقابة على السلامة والصحة المهنية، موضحا أن هذه المكاتب هى جهات مرخصة من قبل وزير العمل، تضم خبراء ومتخصصين فى السلامة والصحة المهنية، مهمتها التحقق من التزام المنشآت بالمعايير المطلوبة وتقديم الدعم الفنى والمشورة للمنشآت لضمان توفير بيئة عمل آمنة.
وأوضح أن الهدف من إنشاء هذه المكاتب هو تعزيز الحكومة فى منظومة السلامة من خلال الاعتماد على طرف فنى مستقل فى التقييم والمراجعة، وتسهيل وتعزيز الدعم الفنى والتصحيح من خلال تقديم توجيهات للمنشآت للتحسين وتجنب المخالفات، بحيث يصبح الالتزام الطوعى لدى أصحاب العمل جزءا من الثقافة المؤسسية وليس فقط استجابة للتفتيش الحكومى التقليدى، متوقعا أن يسهم هذا البديل الطوعى للتفتيش عبر مكاتب الامتثال المعتمدة فى رفع مستوى الالتزام الطوعى داخل المنشآت من خلال إتاحة آلية تقييم فنى مرنة وسريعة تمكن أصحاب العمل من التعرف المبكر على أوجه القصور ومعالجتها قبل الخضوع للتفتيش الرسمى، كما توقع أن يؤدى ذلك إلى تحسين جودة تطبيق المعايير وتوحيد إجراءات السلامة مع تعزيز ثقافة الامتثال المستدام، بما يدعم أهداف الإستراتيجية الوطنية وتقليل الحوادث والمخاطر المهنية ويرسخ مبادئ الحكومة الرشيدة فى بيئة العمل الآمنة.
وأشاد عبدالله، بالبعد الإنسانى فى القانون الجديد، مؤكدا أن القانون فى مادته 254 شدد على التزام المنشآت بتوفير بيئة عمل آمنة وغير عدائية، تخلو من التحرش والتنمر والعنف بكافة أشكاله، مشيرا إلى أن هذه المادة تعكس رؤية الدولة وحرصها على إرساء التزام شامل لا يقتصر على الوقاية من المخاطر المادية فحسب، بل يمتد ليشمل السلامة النفسية والاجتماعية للعاملين، بما يترجم التزام مصر بتعزيز العمل اللائق واحترام الكرامة الإنسانية، وأكد أن هذا التوجه يأتى انسجاما مع الدستور المصرى ومعايير العمل الدولية، بما يدعم شعور العاملين بالأمان والانتماء ويعزز الإنتاجية وجودة العمل، مشيرا إلى أن هذا التوجه يظهر أن مصر تتبنى مفهوما شاملا للسلامة المهنية يتجاوز الحماية الجسدية ليشمل الحماية النفسية والاجتماعية، مما يضعها فى مصاف الدول المتقدمة فى هذا المجال.
وأشار مستشار وزير العمل، إلى أنه من المتوقع أن يصدر وزير العمل "مدونة السلوك الوظيفي" التى تحدد الأفعال والسلوكيات المحظورة والإجراءات والعقوبات المترتبة عليها، ضمن الحزمة الكبيرة المكونة من 68 قرارا من إجمالى 87 قرارا وزاريا تنفيذا لقانون العمل رقم 14 لسنة 2025، بما يتسق مع الخطة الشاملة لتعزيز جاهزية العاملين والمعايير الدولية للسلامة والصحة المهنية، موضحا أن هذه المدونة ستوفر إطارا واضحا ومحددا للسلوكيات المقبولة وغير المقبولة فى بيئة العمل، مما يساعد على خلق بيئة عمل صحية ومهنية.
وتحدث عبدالله عن توجه وزارة العمل نحو تعزيز ثقافة السلامة فى المجتمع المصرى ككل من خلال إدراجها فى المناهج التعليمية، موضحا أن الإستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية تتضمن برامج شاملة تهدف إلى نشر هذه الثقافة فى المدارس منذ المراحل التعليمية المبكرة بغرس الوعى الوقائى لدى الطلاب، وأشار إلى أن الوزارة تسعى بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم إلى تحديد أفضل السبل لضمان إدراج محتوى تعليمى مستدام يركز على السلامة والصحة المهنية فى المناهج الدراسية، بما يرسخ مبادئ الوقاية ويجعلها جزءا لا يتجزأ من السلوك اليومى للأجيال القادمة.
أما عن المجلس الأعلى للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، فأوضح أن القانون فى المادة 264 أوكل لرئيس مجلس الوزراء إصدار قرار بإنشاء هذا المجلس، والذى يمثل قمة الهرم التنظيمى لمنظومة السلامة فى مصر، مؤكدا أن هذا المجلس يتولى مهام عديدة ومتنوعة فى مقدمتها رسم السياسة العامة فى مجال السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، وتقديم توصيات تنفيذية متوافقة مع السياسة العامة للدولة، فضلا عن تنسيق الجهود وتنظيم التعاون بين جميع الجهات ذات الصلة وتنفيذ برامج شاملة فى مجالات التشريع والمعلومات والإعلام والتدريب والدراسات والبحوث فى السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل.
وأوضح أن المجلس سيقوم بمتابعة التطبيق على المستويين الحكومى والمحلى من خلال تشكيل لجان فرعية فى كل محافظة برئاسة المحافظ، حيث يترجم التوجيه الإستراتيجى على المستوى المحلى إلى إجراءات ملموسة ويتابع تطبيقها بكل فعالية وانتظام لنشر ثقافة السلامة فى جميع أنحاء الجمهورية، مؤكدا أن هذا التنظيم الهرمى يضمن وصول سياسات السلامة إلى أدق التفاصيل على مستوى المحافظات والمناطق الجغرافية المختلفة، لافتا إلى نجاح وزارة العمل فى إنجاز الملف الوطنى للسلامة الذى تم اعتماده فى أبريل الماضى تنفيذا لتوجيهات الرئيس، تمهيدا لإطلاق الإستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، وذلك فى زمن قياسى.
وأكد المهندس خالد عبدالله، أن الإستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الطموحة والشاملة، فى مقدمتها توفير بيئة عمل آمنة ومستدامة وصحية داعمة للعاملين فى جميع القطاعات، كما تسعى إلى تعزيز التعاون مع منظمة العمل الدولية والالتزام الكامل بمعايير العمل الدولية المعتمدة، بالإضافة إلى تعزيز وترسيخ ثقافة السلامة والصحة المهنية فى المجتمع المصرى وتطوير وتعزيز نظام السلامة والصحة المهنية بشكل شامل ومتكامل، مشيرا إلى أن هذه الأهداف تعكس رؤية شاملة لتطوير منظومة السلامة المهنية فى مصر لتكون متوافقة مع أفضل المعايير والممارسات الدولية، مع مراعاة الخصوصية المحلية والاحتياجات الفعلية للاقتصاد المصرى والعمالة المصرية.
وأوضح أن وزارة العمل انتقلت من مرحلة الإعداد النظرى للإستراتيجية الوطنية إلى مرحلة أكثر تطورا وتعقيدا وهى مرحلة التخطيط العملى والتفصيلى، حيث يتم ترجمة الأهداف العامة والاستراتيجية للإستراتيجية إلى برامج عملية محددة وقابلة للتنفيذ والقياس، بحيث يتم تحويل كل هدف استراتيجى فى الإستراتيجية إلى برنامج تنفيذى محدد له خطوات واضحة ومرحلية.
وأكد أن هذا التحول يتم من خلال عدة خطوات منهجية ومترابطة، أولا تحديد الأنشطة والمسؤوليات بدقة وتحديد الجهة أو الجهات المسؤولة عن تنفيذ كل نشاط، ومن هم الأطراف المطلوب مشاركتهم فى هذه الأنشطة، ثانيا وضع الجداول الزمنية التفصيلية، بحيث يتم تحديد متى يبدأ وينتهى كل برنامج وما هى مراحله الزمنية المختلفة، ثالثا تخصيص الموارد اللازمة وتحديد الميزانيات والأفراد والمعدات والأدوات اللازمة لتنفيذ كل برنامج بفعالية، وأخيرا تحديد كيفية التنفيذ الفعلى ووضع مؤشرات واضحة وقابلة للقياس لقياس الأداء وتحديد ما هى مؤشرات النجاح لكل برنامج وكيف سيتم متابعة التقدم المحرز فى التنفيذ، وذلك لضمان التكامل الكامل للأدوار بين جميع الأطراف المعنية من الوزارات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى والجهات الدولية المانحة والداعمة.
وأشار مستشار وزير العمل، إلى أنه بعد الانتهاء من وضع جميع البرامج التنفيذية وإعداد وعرض المسودة النهائية المتكاملة للإستراتيجية على جميع الشركاء المعنيين وممثلى أصحاب العمل والعمال ومنظمات المجتمع المدنى، سيتم الإطلاق الرسمى للإستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، مؤكدا أن هذا الإطلاق سيكون بمثابة نقطة انطلاق حقيقية لتنفيذ هذه الإستراتيجية الطموحة على أرض الواقع.
وتحدث عن التعاون الوثيق والمثمر بين وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية التى قدمت الدعم الفنى المتخصص من خلال خبيرة السلامة المهنية بالمنظمة، وذلك عبر مراجعة دقيقة وشاملة لجميع مكونات الإستراتيجية وتقديم الملاحظات الفنية المتخصصة لضمان تطابقها التام مع المعايير الفنية الدولية المعتمدة، مشيرا إلى أنه فى حال استيفاء الإستراتيجية لجميع هذه المعايير الصارمة، سيتم اعتمادها رسميا والإشادة بها فى التقارير الدولية المتخصصة.
ولفت إلى أن مصر تدرس حاليا بجدية الانضمام إلى الاتفاقيتين الأساسيتين للسلامة والصحة المهنية رقم 155 ورقم 187 الصادرتين عن منظمة العمل الدولية، مؤكدا أن صدور قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، والذى يعتبر الأكثر تطابقا مع معايير العمل الدولية، بالإضافة إلى إطلاق الإستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، بمثابة خطوات مهمة وحاسمة فى هذا الطريق نحو الانضمام لهذين الاتفاقيتين المهمتين، مشيرا إلى أن هذا التوجه يعكس التزام مصر الجاد بتطبيق أعلى المعايير الدولية فى مجال السلامة والصحة المهنية، مما يساهم فى تعزيز مكانتها كدولة رائدة فى المنطقة فى هذا المجال الحيوى والمهم.