سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 17 سبتمبر 2004.. وفاة عبدالعزيز الطودى ضابط المخابرات الشهير بـاسم «عزيز الجبالى» فى مسلسل «رأفت الهجان»

الأربعاء، 17 سبتمبر 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 17 سبتمبر 2004.. وفاة عبدالعزيز الطودى ضابط المخابرات الشهير بـاسم «عزيز الجبالى» فى مسلسل «رأفت الهجان» عبدالعزيز الطودى

سعيد الشحات

وقع الضابط عبدالعزيز الطودى فى الأسر عام 1956، ولـ6 أشهر فى إسرائيل ظل يختزن ما يراه ويسمعه، وفقا لابنه عمر فى شهادته لجريدة «الخليج- الإماراتية»، قائلا: «كان للأسر مفعول السحر فى شخصيته كضابط مخابرات، إذ كانت تلك التجربة المريرة هى الدافع له لتحقيق نصر من نوع خاص على العدو»، فمن يكون «الطودى» الذى رحل وهو فى الظل يوم 17 سبتمبر «مثل هذا اليوم» عام 2004؟ وما المقصود بنصره الخاص؟

يعد «الطودى» من صناع الأمجاد الوطنية للمخابرات العامة المصرية، لكنه ووفقا لابنه عمر: «عاش أصعب لحظات اكتئابه وقت توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، ثم وقت الاحتلال الأمريكى لبغداد عام 2003»، ويتفرد فى تلك الأمجاد بقصته مع «رفعت الجمال» أو «رأفت الهجان» فى المسلسل الدرامى الذى حمل نفس الاسم، وأعاد اكتشافه بعد أن نجحت المخابرات المصرية فى زرعه داخل إسرائيل، وأصبح «الطودى» أو «عزيز الجبالى» كما فى المسلسل «ضابط الحالة» الذى يتابع «الهجان» يوميا لسنوات طويلة، حتى إنه قال لمحاميه وصديقه «عمر الشال»: «كنا نتابعه وهو فى إسرائيل ونشاهده كما لو كنا نجلس معا فى حجرة واحدة»، وفقا لحلقات «هل كان رفعت الجمال عميلا مزدوجا؟» التى أعدها الكاتب الصحفى سعيد الشحات، فى «اليوم السابع، 29 سبتمبر 2014».

يذكر ابنه عمر فى شهادته، أن منطقة «منيل الروضة» بالقاهرة، شهدت مولد والده يوم 3 نوفمبر 1932، وذاق اليتم برحيل والده وهو فى الرابعة من عمره، فتولت أمه تربيته برعاية جده لأمه الشيخ إبراهيم أحد علماء الأزهر الشريف، والتحق بالكلية الحربية ثم تخرج فى نوفمبر 1951، وبذلك عاش فترة ازدهار النضال الوطنى ضد الاحتلال الإنجليزى وتأثر بها، ويكشف عمر: «فى عام 1956 طلب من قادته أن يلتحق باللواء المزمع تسييره إلى منطقة «دير البلح» فى قطاع غزة، وقت العدوان الثلاثى «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل»، وتم أسره فى هذه المرحلة وبقى 6 أشهر ثم عاد».

يتحدث «عمر» عن مرحلة نضال من نوع آخر لوالده، قائلا: «فى الأيام الأولى لعام 1958، اختير ضمن عشرة ضباط جدد لإلحاقهم بجهاز المخابرات العامة، وكانت دفعته هى الثانية بعد الدفعة الأولى التى كان من أبطالها عبدالمحسن فايق «محسن ممتاز» فى مسلسل رأفت الهجان، ومحمد نسيم «نديم قلب الأسد»، واستمر «الطودى» فى الخدمة حتى عام 1977»، وأثناء خدمته، نفذ مهاما خاصة كسفره إلى الجزائر مع زميله «على زكى»، وقت اندلاع الكفاح المسلح للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى.

أما قصته مع «رفعت الجمال» أو «رأفت الهجان» فتعد دراما من نوع خاص، حيث «تعرف عليه وهو فى السادسة والعشرين من عمره، ثم فرقهما القدر وقد تخطى الخمسين»، بوصف صالح مرسى فى مقدمته لرواية «رأفت الهجان»، مؤكدا: «رأفت الهجان ليس اسمه الحقيقى، لكنه الاسم الذى اختاره له صديق عمره، وطوق نجاته، والخيط الخفى الذى ارتبط به ارتباط الجنين بحبله السرى، عشرون عاما وهما يلتقيان فى كل يوم، يتحدثان ويتشاجران، يمسك كل منهما بخناق الآخر، ويتناجيان معا فى حب مصر، وحدث كل هذا دون أن يلتقيان مرة واحدة، أو يرى أحدهما الآخر دون أن يتبادلا الحديث إلا من خلال خطابات كتبت بالحبر السرى، أو صفير متقطع لجهاز إرسال أو استقبال».

يكشف «مرسى» أن «الطودى» كتب القصة فى عدة أوراق تم تقديمها إليه فى يونيو 1985، ويؤكد: «اعتذرت عن عدم قراءتها لأسباب شخصية، ثم قدمت لى مرة ثانية وثالثة فى كرم لست أنكره وقد لا أستحقه، واعتذرت أيضا، كنت أتملص محاولا الخروج من شرنقة هذا النوع «الجديد» من الأدب، ويؤكد «مرسى»: «فى المرة الرابعة ما إن وقعت عيناى على أول الكلمات فى تلك الأوراق، حتى وجدتنى أهوى معها إلى هوة بلا قرار، وجدتنى أغيب عن الوعى لثلاث ساعات كاملة، كانت السطور ملخصا كتبه «ضابط الحالة»، لكنها كانت ترفعنى إلى السماء ثم تهوى بى إلى الأرض فى واقع أسطورى شديد الغرابة، وفى سطور أخرى كنت أصفق كصبى بهره «الشجيع» على الشاشة وقد انتصر على أبطال الشرور، وعندما كنت أقرأ كيف عرض حزب «الماباى» الإسرائيلى على «رأفت الهجان» أو «ديفيد شارل سمحون» أن يرشح نفسه للكنيست الإسرائيلى، أحسست بزهو من أنجب عملاقا».

ينقل «مرسى» مما كتبه «الطودى» أو «الجبالى»: «أتوقع أن ينبرى البعض فى إسرائيل- مدفوعا بالمكابرة والمغالطة- فيدعى أن السلطات الإسرائيلية كانت على علم بهذه العملية، وأنها كانت تسيطر عليها وتوجهها بمعرفتها ولصالحها، ولهؤلاء عندى الكثير، أقله وأبسطه أن دواعى السرية والأمن اقتضت- بالضرورة- حجب بعض الوقائع والتفاصيل، وإنى أتحداهم أن يذكروا ولو واحدة- واحدة فقط- من هذه الوقائع»، يكشف «مرسى» أنه بعد أن قرأ هذه الأوراق، كان لا بد أن يلتقى بكاتبها «عبدالعزيز الطودى»: «التقيت به، وجلست إليه لأكثر من أربعين ساعة على مدى ثلاثة أشهر، وسجلت له عشرين ساعة وثلاثين دقيقة.. و.. كم ضحكنا معا، وفرحنا معا، ولفنا الحزن والأسى فى أحيان كثيرة.. كم دمعنا وهو يحكى فى تدفق وحرارة يبعثان على الحيرة والعجب حقا».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة