معاهدة الندامة فى الأندلس.. يوم باع يوسف بن المول غرناطة لملك قشتالة

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025 02:00 م
معاهدة الندامة فى الأندلس.. يوم باع يوسف بن المول غرناطة لملك قشتالة سقوط غرناطة

محمد عبد الرحمن

فى 16 سبتمبر عام 1431م، شهدت الأندلس فصلًا مأساويًا من تاريخها، حين أُجبر المسلمون على توقيع معاهدة مهينة بين يوسف بن المول، الذي تولى عرش غرناطة بعد الإطاحة بابن عمه "الأيسر"، وبين خوان الثاني ملك قشتالة، هذه المعاهدة التي اعتبرها المؤرخون "معاهدة ذل"، لم تكن مجرد اتفاق سياسي عابر، بل محطة فاصلة عجّلت بنهاية الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية.

بدأت القصة بمؤامرة لخلع السلطان "أبي عبد الله محمد التاسع" المعروف بالأيسر، بعد أن فقد جزءًا من نفوذه وتزايدت الخصومات الداخلية ضده. وهنا ظهر يوسف بن المول الذي سعى إلى السلطة عبر الاستعانة بملك قشتالة، عارضًا عليه الولاء الكامل مقابل الدعم العسكري للجلوس على عرش غرناطة.

نصوص معاهدة الندامة

وبالفعل، نصت المعاهدة التي وُقعت في 7 من المحرم 835هـ (16 سبتمبر 1431م) على شروط مهينة: إقرار يوسف بأنه تابع وخادم لملك قشتالة، دفع جزية سنوية مقدارها عشرون ألف دينار ذهبي، إطلاق سراح الأسرى النصارى، والتعهد بخوض الحروب وفقًا لمصالح قشتالة. وفي المقابل، ضمن خوان الثاني بقاء يوسف في الحكم ومساندته ضد خصومه من المسلمين أو حتى من القوى المسيحية الأخرى.

لم تمضِ أيام حتى أثمرت المعاهدة؛ إذ تحركت القوات القشتالية لمؤازرة يوسف في معركته ضد الأيسر، وانتهت بهزيمة الأخير، ليتمكن يوسف من دخول غرناطة بمساندة النصارى. وما إن استقر له الحكم، حتى سارع إلى تجديد المعاهدة تأكيدًا لتبعيته للملك القشتالي، لتتحول غرناطة – آخر معاقل الإسلام في الأندلس – إلى إمارة تابعة تدفع الجزية وتنفذ ما يُملى عليها.

هذه المعاهدة لم تكن مجرد ورقة سياسية، بل كسرت هيبة الحكم الإسلامي في الأندلس، ورسّخت الانقسام الداخلي بين أبناء البيت النصري، وهو ما استغلته قشتالة للتقدم خطوة كبرى نحو هدفها الاستراتيجي: إنهاء الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية. وبعد عقود قليلة، تحقق هذا الهدف بسقوط غرناطة عام 1492م، معلنة نهاية سبعة قرون من الحضارة الإسلامية بالأندلس.

لقد سجل التاريخ معاهدة يوسف بن المول مع خوان الثاني كواحدة من اللحظات التي جسدت معنى "الانكسار من الداخل"، إذ لم يسقط المسلمون أمام قوة عسكرية فقط، بل انهزموا نتيجة صراعاتهم الداخلية وتحالف بعضهم مع أعدائهم ضد إخوانهم.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب