تاميران محمود تكتب: لماذا نحتاج إلى الثقافة

كتب الدكتور هيثم الحاج علي مقالا ضمن سلسلة مقالاته المنشورة مؤخرًا في جريدة اليوم السابع بعنوان لماذا نحتاج إلى الثقافة؟، وهو المقال رقم 22. وقد قدّم فيه اقتراحًا مفيدًا ومهمًا، يتمثل في تعليم النشء جوانب الحياة في الحضارة المصرية القديمة، وعدم الاكتفاء بالسرد التاريخي في مناهج التاريخ، بل ربط حياة ونشاط المصري القديم بالمصري المعاصر.

وهذه الدعوة تتماشى تمامًا مع ما يُدرَّس في الخارج، فضلًا عن ربط المصري بحضارته كما ورد في وصية تحوت.

والحقيقة أن هناك منهجًا كان يُدرَّس في المدارس المصرية قديمًا يُسمى التربية القومية والتربية الوطنية، وهي مناهج مغلقة، على عكس ما يُقدَّم في الدول الغربية لربط الإنسان بفكرة الحضارة. فنجد أن الطالب في المدارس الأمريكية، منذ الصف الثاني الابتدائي، يدرس الحضارات بشكل تفاعلي وبنّاء؛ حيث يتناول حضارات العالم القديم (المظاهر الاجتماعية، السياسية، والتاريخية): حضارة المايا والأزتك، والحضارة المصرية القديمة، والحضارة الإغريقية، والرومانية.

يتعرف الطالب على شكل البناء المعماري، والفنون، والآلهة والمعبودات، والطب، والجيش، والأدوات ووسائل النقل، وحتى الموسيقى. بالإضافة إلى تعريفهم باللغات القديمة وتاريخ الدول التي نشأت فيها تلك الحضارات.

ويُطلب من الطالب أن يحدد أوجه التشابه والاختلاف بين هذه الحضارات، وتأثيراتها في الحضارة الغربية الحديثة. كما تنظم المدارس عددًا من الرحلات المدرسية، بهدف التعرف على أوجه الحداثة والتطور الطبيعي والتاريخي، وتدعيم المعلومات التي يتلقاها الطلاب في قاعات الدراسة من خلال المتاحف، والأفلام، والكتب بالمكتبات العامة، إلى جانب زيارات الكُتّاب والمؤلفين وفناني كتب الأطفال إلى المدارس، ضمن خدمات التطوع، للرد على أسئلة الأطفال وتوجيههم نحو الثقافة، بما يُكوّن لديهم رؤية شاملة تساعد على توسيع مداركهم.

وبالنظر إلى مقترح الدكتور هيثم وما يُقدَّم فعليًا في الخارج، فإن الأمر يسهل جدًا تحقيقه، خاصة أن مصر تزخر بالمقومات التي تمكنها من ذلك بسهولة. فالمناهج الجافة التي تُدرَّس في المدارس المصرية لم تعد قادرة وحدها على بناء الإنسان المصري. وليس من الصعب اليوم الحصول على المعلومة، لكن يجب بذل الجهد من مختلف المؤسسات للاستفادة من الكم الهائل من المعلومات التي يتعرض لها طلاب المدارس والجامعات، لبناء عقول تدرك أهمية الثقافة.