محمد عبد الفتاح

الشمول المالي في مصر يصل إلى 76.3%.. خطوة تغيّر ملامح الاقتصاد

الجمعة، 12 سبتمبر 2025 02:00 م


قبل سنوات قليلة، كان مصطلح "الشمول المالي" مجرد تعبير يتردد في المؤتمرات والندوات الاقتصادية. لكن اليوم، أصبح هذا المفهوم واقعًا ملموسًا؛ حيث أعلن البنك المركزي المصري أن نسبة الشمول المالي وصلت إلى 76.3% من إجمالي السكان البالغين حتى يونيو 2025.

أي أن أكثر من 53.8 مليون مواطن باتوا جزءًا من المنظومة المالية الرسمية، سواء من خلال البنوك، أو البريد، أو المحافظ الإلكترونية، أو البطاقات المدفوعة مسبقًا.

هذا الرقم لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج خطة ممنهجة بدأت منذ عام 2016، وحققت نموًا في الشمول المالي بنسبة 214%. والمثير للاهتمام أن نسبة النساء ضمن هذه المنظومة بلغت 70%، بعدما كانت أقل بكثير، وهو ما يعكس تقدمًا واضحًا في تمكين المرأة اقتصاديًا. كذلك، أصبحت فئة الشباب – التي لطالما واجهت تحديات في الدخول إلى المنظومة المالية – تمثّل نحو نصف المستخدمين، وهو تطور لم يكن من السهل تصوره قبل أعوام.

لكن لماذا حرصت الدولة على التوسع في هذا الاتجاه؟

السبب بسيط ولكنه بالغ الأثر: كلما زاد عدد المواطنين المنضمين إلى النظام المالي الرسمي، قلّ الاعتماد على النقد المتداول خارج البنوك، وتراجعت أنشطة السوق الموازي، وأصبح الاقتصاد أكثر وضوحًا وتنظيمًا. فالمواطن الذي يمتلك حسابًا بنكيًا أو محفظة إلكترونية، بإمكانه الحصول على قرض صغير، أو ادخار أمواله بأمان، أو إجراء معاملاته مع الجهات الحكومية والخاصة بسهولة وأمان.

أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فالفوائد واضحة: ارتفاع نسبة المعاملات المالية الشفافة، وتحسن قدرة الدولة على التخطيط ورسم السياسات، وجاذبية أكبر للمستثمرين بسبب وضوح حركة السيولة. كما يستفيد القطاع المصرفي من توسيع قاعدة عملائه وابتكار منتجات مالية تناسب مختلف شرائح المجتمع.

وفي نهاية المطاف، يبقى المواطن هو المستفيد الأول. سواء كانت سيدة في إحدى القرى استطاعت فتح محفظة إلكترونية لتتسلم تحويلات أولادها، أو شاب في الجامعة فتح حسابًا دون تعقيدات، أو صاحب مشروع صغير وجد طريقًا للحصول على تمويل قصير الأجل. أصبحت المعاملات أسهل وأسرع وأكثر أمانًا.

حين نقول اليوم إن 76% من المصريين باتوا داخل النظام المالي الرسمي، فنحن لا نُحصي رقمًا فحسب، بل نصف تحولًا حقيقيًا نحو اقتصاد حديث يعتمد على التكنولوجيا ويمنح المواطن فرصة للاندماج والمشاركة والاستفادة. وكل زيادة جديدة في نسب الشمول المالي تعني مزيدًا من الأموال التي تدخل الدورة الاقتصادية، واستثمارات أكبر، وحياة مالية أكثر أمانًا ومرونة للمواطنين.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب