على الرغم من مرور عقود على رحيل عمالقة الفكر والأدب، إلا أن كتبهم وأرثهم الأدبى المميز لا يزال يتصدر المشهد، ودائمًا ما يجدوا طريقهم إلى القراء من مختلف الأعمار، وهو ما يظهر جليًا فى الإقبال الكبير على مؤلفاتهم سواء من خلال المكتبات العربية أو معارض الكتب المحلية والعالمية المختلفة، فهناك مجموعة من عمالقة الأدب العربى لا زالوا يحققون الأكثر مبيعًا فى المكتبات والمعارض ومن بينهم:
طه حسين
وُلِد طه حسين فى 14 نوفمبر 1889م، في ظروف متواضعة، وأصيب بالعمى بسبب المرض في سن الثانية، وفي عام 1902 أُرسِل إلى الأزهر في القاهرة، وفي عام 1908 التحق بجامعة القاهرة التي افتُتحت حديثًا، وفي عام 1914 كان أول من حصل على الدكتوراه هناك، وقد أطلعته دراسته الإضافية في جامعة السوربون على ثقافة الغرب.
أثرى المكتبةَ العربية بالعديد من المؤلَّفات والترجمات، وكان يكرِّس أعمالَه للتحرر والانفتاح الثقافي، مع الاعتزاز بالموروثات الحضارية؛ عربيةً ومصرية وقد اصطدمت أطروحاته ببعضِ الأفكار السائدة، فحصدت كبرى مُؤلَّفاته النصيب الأكبر من الهجوم الذي وصل إلى حد رفع الدعاوى القضائية ضده، وعلى الرغم من ذلك، يبقى في الذاكرة كتبه المهمة "في الأدب الجاهلي"، و"مستقبل الثقافة في مصر" والعديد من عيون الكتب والروايات، فضلًا عن روايته "الأيام" التي روى فيها سيرته الذاتية، ودائمًا ما تحتل مؤلفات عميد الأدب العربي قائمة الأكثر مبيعًا سواء في المكتبات أو المعارض المحلية والدولية المختلفة.

طه حسين
إحسان عبد القدوس
الأديب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس، استطاع أن يجسد بأدبه عبقرية قلما تتكرر، ورغم مرور 35 عامًا على رحيله إلا أنه مازال يسيطر على قوائم الأعمال الأكثر مبيعًا في المكتبات والمعارض المحلية والدولية المختلفة.
ولد إحسان محمد عبد القدوس في يناير 1919م، قبل أن يسافر والده إلى إيطاليا لدراسة فن التمثيل، ألحقه أبوه بكتاب العباسية، ثم التحق بمدرسة السلحدار في باب الفتوح، ليكون في رعاية محمد عبد الوهاب مدرس الموسيقى وصديق والده محمد عبد القدوس.
كتب إحسان عبد القدوس أكثر من ستمائة رواية وقصة، قدمت السينما المصرية عدداً كبيراً منها حيث تحولت 49 رواية إلى أفلام، و5 روايات إلى نصوص مسرحية، و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية، و10 روايات أخرى تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية، إضافة إلى أن 65 من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية، ومن رواياته "لن أعيش في جلباب أبي- يا عزيزي كلنا لصوص- وغابت الشمس ولم يظهر القمر- الحياة فوق الضباب- في بيتنا رجل".

إحسان عبد القدوس
نجيب محفوظ
وُلد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في 11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية في القاهرة، لأسرة متوسطة، والده موظف وأمه ربة منزل، تخرّج في كلية الآداب – قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، وكان على وشك الحصول على الماجستير في الفلسفة الإسلامية، لكنه فضّل التفرغ للأدب والكتابة، فصارت رواياته فلسفة مُقنعة في قوالب قصصية.
بدأ محفوظ رحلته الأدبية من بوابة القصة القصيرة، حيث نشر أولى قصصه في مجلة الرسالة عام 1936، وفي عام 1939 صدرت روايته الأولى عبث الأقدار، تلتها كفاح طيبة ورادوبيس، وهي ثلاثية تاريخية فرعونية عكست رؤيته المبكرة للتاريخ.
على امتداد مسيرته، تحولت القاهرة في أدب محفوظ من مجرد مكان إلى بطلٍ رئيسي، حاضرٍ في تفاصيل شخوصه وأحداثه. فصارت رواياته تأريخًا روائيًا للحياة المصرية الحديثة، من الفرعونية والتاريخية إلى الاجتماعية والفلسفية. ولذا اعتبره النقاد فيلسوفًا خسرته الفلسفة، لكن كسبته الرواية العربية.
رحل أديب نوبل نجيب محفوظ في 30 أغسطس 2006، بعد أن وضع الرواية العربية في مصاف العالمية، واستطاع أن يخلّد اسمه في سماء الأدب، ويصبح الأديب العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، الجائزة التي لم ينلها أي كاتب عربي آخر حتى اليوم، ودائمًا ما تحتل مؤلفات أديب نوبل قائمة الأكثر مبيعًا سواء في المكتبات أو المعارض المحلية والدولية المختلفة.

نجيب محفوظ
يوسف إدريس
يعد يوسف إدريس أحد أبرز رواد الأدب العربي خلال القرن العشرين، لقب بـ"نبي القصة"، ولد لأسرة متوسطة بمحافظة الشرقية، وكان والده متخصصًا فى استصلاح الأراضى، وكانت الكيمياء والعلوم من العلوم المفضلة ليوسف فقد أراد أن يكون طبيباً، تفوق في دراسته حتى التحق بكلية الطب، وتخرج منها جراحًا، من خلال جامعة القاهرة عام 1951م، وعمل فترة بوزارة الصحة، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف، وكان في أول الأمر يريد أن يعمل ممثلا، وعندما فشل كان يريد أن يعمل مخرجا مسرحيًا.
بدأ يوسف إدريس مشواره الأدبي بقصص قصيرة كتبها عام 1950، لكنه أصدر مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالى" عام 1954، والتي نجحت نجاحا كبير، وهو الأمر الذى دعا عميد الأدب العربى طه حسين لأن يقول: "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت فى كتابه الأول "أرخص ليالى" على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها".
لتتجلى بعد ذلك موهبة يوسف إدريس فى مجموعته القصصية الثانية "جمهورية فرحات" عام 1956، ولاقت قصصه نجاحًا كبيرًا، ولم يتوقف إبداعه عند حدود القصة القصيرة، لتمتد ثورته الإبداعية لعالمى الرواية والمسرح، ونشر فى 1969 مسرحية "المخططين"، ثم كتب "ملك القطن، اللحظة الحرجة، الفرافير، المهزلة الأرضية"، كما كتب العديد من الروايات "الحرام، العيب، البيضاء، أكان لابد يا لى لى أن تضئ النور؟، نيويورك 80".

يوسف إدريس
يوسف السباعى
واحد من أبرز الأدباء في القرن التاسع عشر، لقب أيضًا بجبرتي العصر ورائد الأمن الثقافي، إنه الأديب الكبير الراحل وزير الثقافة الأسبق، يوسف السباعي، ولد السباعي في القاهرة، ووالده هو الأديب محمد السباعي، الذي كان متعمقًا في الأدب العربي والفلسفة الأوربية؛ ساعده في هذا اتقانه للغة الإنجليزية.. كان يوسف ملاصقًا لوالده، فهو أكبر إخوته،وكان يذهب بمقالات والده إلى المطبعة لجمعها، ويعود بها إليه للتصحيح والمراجعة، مِما أدى إلى تعلقه بالأدب، فحفِظ أشعار عمر الخيام، التي ترجمها والده إلى الإنجليزية.
نجح يوسف السباعي في تحويل المشاعر الإنسانية إلى نصوص أدبية خالدة، نقل بعضها إلى الشاشة الفضية، ليظل اسمه مضيئًا في سماء الأدب العربي، وقد ترك خلفه إرثًا أدبيًا يزيد عن 30 عملًا بين روايات وقصص، تحولت أعمال مثل "رد قلبي" و"بين الأطلال ، نحن لا نزرع الشوك، إني راحلة، السقا مات، أرض النفاق"إلى أفلام سينمائية كلاسيكية ما زالت خالدة في قلوب الجميع حتى الآن.

يوسف السباعي