تُعد الصناديق السوداء واحدة من أعظم الابتكارات فى عالم الطيران، رغم أن لونها فى الواقع ليس أسودًا، بل برتقاليا فاقعا ليسهل العثور عليها بعد حوادث التحطم.
يتكون الصندوق الأسود من جهازين رئيسيين: مسجل بيانات الرحلة، الذى يتابع كل تفاصيل أداء الطائرة، ومسجل صوت قمرة القيادة (CVR)، الذى يحفظ ما دار بين أفراد الطاقم من أحاديث وأصوات خلال الرحلة، وفى بعض الكوارث الجوية، كشفت تسجيلات الـCVR تفاصيل مرعبة، ومشاهد صوتية لحظات ما قبل التحطم، تجسد الألم والخوف والارتباك، وتمنح المحققين والناجين أدلة لا تقدر بثمن، وفيما يلى يستعرض اليوم السابع خمسة من أكثر هذه التسجيلات إزعاجًا فى تاريخ الطيران، وفقا لما نشره موقع "listverse".
الخطأ القاتل فى اختيار المدرج بمطار مكسيكو سيتى 1979
فى صباح ضبابى من 31 أكتوبر 1979، كانت طائرة تابعة للخطوط الجوية الغربية تقترب من مطار مكسيكو سيتي حين هبطت خطأً على مدرج مغلق للصيانة، أظهر تسجيل قمرة القيادة لحظات من التوتر والتردد، قبل أن يدرك القبطان تشارلز جيلبرت الخطأ وهو يصرخ: "لا! هذا هو المدرج الخطأ!".
حاول الطاقم تصحيح المسار، لكن اصطدام عجلات الطائرة بمركبة على المدرج كان حتميا، سمع صوت ارتطام عنيف، تلاه صراخ حاد من القبطان، قبل أن تتحطم الطائرة، مودية بحياة 72 راكبًا من أصل 88، إضافة إلى أحد عمال المطار.
"فاليوجيت 592" النار التى أحرقت كل شىء
فى 11 مايو 1996، انطلقت رحلة "فاليوجيت" من ميامي، لكن حريقًا اندلع في عنبر الشحن بعد دقائق من الإقلاع، نتيجة تخزين غير آمن لأسطوانات أكسجين منتهية الصلاحية.
بدأ التسجيل الصوتي بانفجار خافت، تلاه صراخ ركاب مذعورين يرددون "نار! نار!"، فيما اقتحمت المضيفة قمرة القيادة مذعورة، حاول الطيارون يائسبن العودة إلى المطار، لكن النيران أحرقت الكابلات الحيوية، وفي اللحظات الأخيرة، ساد السعال والصمت، قبل أن تتحطم الطائرة في مستنقعات إيفرجليدز، وتفقد أرواح جميع من كانوا على متنها.
رحلة فاليوجيت
مأساة "إيرو بيرو"
فى 1996، أقلعت رحلة "إيرو بيرو" من ليما، دون أن يدرك الطاقم أن عامل الصيانة نسي إزالة شريط لاصق عن
أجهزة الاستشعار في الطائرة، ما أحدث تشوشًا كارثيا في قراءات السرعة والارتفاع.
خلال 29 دقيقة من تسجيل قمرة القيادة، سجلت لحظات من الحيرة المطلقة وسط إنذارات متضاربة، إلى أن تجاهل الطاقم تحذير الاصطدام بالأرض، كان الطيار يظن نفسه على ارتفاع 9700 قدم، لكنها ارتطمت بالمحيط الهادئ، مخلفة مأساة دامية.
مأساة إيرو بيرو
رحلة الخطوط الجوية الفرنسية 447 – الغفلة القاتلة
في 1 يونيو 2009 واجهت طائرة "إيرباص A330" التابعة للخطوط الفرنسية عاصفة عنيفة فوق المحيط الأطلسي، وتسببت بلورات الجليد في تعطيل أجهزة قياس السرعة الجوية، وأسند التحكم إلى طيار مبتدئ.
رغم صدور إنذار التوقف الديناميكي للطائرة أكثر من 75 مرة، لم يدرك الطاقم حقيقة الموقف، وانتهى التسجيل بجملة مروعة قالها الطيار في لحظة انهيار: "لكنني كنت أمسك العصا طوال الوقت"، وتحطمت الطائرة وقتل 228 شخصًا كانوا على متنها.
رحلة الخطوط الجوية اليابانية 123 وعذاب بطىء فى السماء
في 12 أغسطس 1985، وبعد دقائق من إقلاع طائرة بوينج 747، أدى انفجار حاجز الضغط الخلفي إلى فقدان السيطرة على الطائرة، ما تبع ذلك كان أحد أطول تسجيلات قمرة القيادة في
تاريخ الطيران: ثلاثون دقيقة من المحاولات البطولية للنجاة.
لم تكن هناك صرخات هستيرية، بل تعليمات حازمة ومحاولات مضنية لتوجيه الطائرة باستخدام المحركات فقط، في غياب تام للتحكم الميكانيكي، وفي النهاية، ارتطمت الطائرة بجبل تاكاماتسو، ولقى 520 شخصًا من أصل 524 مصرعهم، بينما توفي بعض الناجين لاحقًا بسبب تأخر فرق الإنقاذ.
رحلة 123