"السينما المصرية والعربية سوف ينقصها الكثير لو لم تكن بها أعمال نجيب محفوظ" هذه هي خلاصة ما تحدثت به الكاتبات نورا ناجي ونهلة كرم وضحى صلاح ودينا شحاتة، في الندوة التي أعدها ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون، بمناسبة ذكرى رحيل نجيب المحفوظ الـ 19.
رأت علا الشافعي، رئيس تحرير اليوم السابع، أن القول الشائع "السينما ظلمت محفوظ" غير دقيق؛ فالسينما فنٌّ مختلفٌ عن الأدب لكنه مكملٌ له، الأدب بطبيعته يحتاج قارئًا مهيَّأً وصبورًا، بينما السينما فنٌّ شعبي واسع الوصول، كانت الجسر الذي عبر منه محفوظ إلى قلوب الناس، وجعل اسمه حاضرًا خارج نطاق النخبة القرائية.
وتؤكد علا الشافعي أن الدخول إلى عالم محفوظ ليس سهلًا؛ فهو عالمٌ ذو بنيةٍ فكريةٍ وجماليةٍ معقّدة يحتاج "مفتاحًا" فنيًّا لفهم تركيبته وفلسفته، وجزءٌ أصيل من نجاح هذا الجسر أن محفوظ لم يكن يتدخّل في المعالجات المأخوذة عن أعماله، وأكدت علا الشافعي أن السينما المصرية من دون نجيب محفوظ كانت ستعاني نقصًا جوهريًا، إذ أسهمت أعماله في صنع لونٍ من "السينما الفلسفية الاجتماعية" ما كان ليظهر بهذا الاتساع لولا نصوصه التي تُغري بالإزاحة إلى الشاشة وتحتمل طبقاتٍ من التأويل.
وهنا تحدّثت نهلة كرم عن فيلم "السراب" الذي كان بوابتها لعالم محفوظ حتى في دنيا الأدب، ومن بعدها تأتي بقية الأفلام، لكن بالمجمل فإن سينما نجيب محفوظ هي محفّز لها للرجوع إلى أعماله الأدبية.
أما دينا شحاتة، فترى أنه بالنسبة للدراما فإن "حديث الصباح والمساء" "أيقونة" وشخصياته لا تُنسى، كما أن ما فعله محسن زايد في تحويل الرواية إلى عملٍ درامي يؤكّد "عبقريته"، ولعل شخصية "جليلة الطرابيشي" ستظل خالدة بسبب هذا العمل.
ومن زاويةٍ أخرى، تضيف ضحى صلاح أنه، إلى جانب مسلسل "حديث الصباح والمساء"، فإن فيلم "القاهرة 30" واحدٌ من أجمل الأفلام، وأنها كلما شاهدته وجدت فيه جديدًا.
ومن جانبها تحدّثت نورا ناجي عن رؤيتها حول "حديث الصباح والمساء" روايةً ومسلسلًا؛ فالتكنيك الأبجدي الذي يغلق الدائرة بالعودة إلى "يزيد" يجعل الرواية عملًا استثنائيًا في تاريخ السرد العربي، والمسلسل كان متقدّمًا على زمنه، تشهد عليه استعادة مشاهده الأيقونية حتى اليوم، وترى نورا أن الروايات القصيرة مثل "اللص والكلاب" و"الطريق" حملت طبقاتٍ أعمق بكثير مما يبدو على السطح، وأن المخرجين الكبار التقطوا هذه الطبقات ونقلوها بصريًا.
وتذكر نورا ناجي أننا مدينون لمحفوظ بمشاهد محفورة في الذاكرة الثقافية مثل مشهد محجوب عبد الدايم في "القاهرة 30"، ولحظة وقوف إحسان شحاتة أمام المرآة، وغيرها، وجميع أعمال نجيب محفوظ قُدِّمت بشكلٍ مناسب وحملت رؤى معبّرة.
وخلص الكاتبات إلى أن محفوظ لم يكن "كاتب حكايات" فحسب، بل صاحب نصوصٍ متعددة الطبقات، تعود إليها بعد عقودٍ فتجدها طازجة كما صدرت، وهذا هو الفارق بين الأدب العابر والأدب العظيم: القدرة على البقاء والجِدّة في كل عودة، وفي ضوء ذلك تبدو السينما والتلفزيون حليفين طبيعيين لأدبه.
بهذه الصورة، يصبح نجيب محفوظ "حالةً ثقافية" تتجاوز النوع الفني، ويتحوّل حضوره إلى شبكةٍ من نصوصٍ وصورٍ وأصواتٍ تتجاوب عبر الزمن، السينما لم تَظلمه؛ بل وسّعت حياته في وعينا، وأثبتت أن الرواية العظيمة قادرة على أن تُولِّد أشكالًا عظيمة حين تجد مفاتيحها الصائبة، وفي القلب من هذه المفاتيح: احترام استقلالية الفنون، والتواضع المهني، والانضباط الذي يحوّل القلق الوجودي إلى خلودٍ فنّي.

ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

علا الشافعي في ندوة الملتقى
أحمد إبراهيم الشريف يدير الندوة

نورا ناجي

نهلة كرم

ضحى صلاح

دينا شحاتة

جانب من الندوة

خالد إبراهيم

ضحى


علا الشافعي

في محبة نجيب محفوظ

محمد سلمان

ندوة نجيب محفوظ

نهلة كرم

نورا ناجي في ندوة نجيب محفوظ
