بيشوى رمزى يكتب: العدو الظاهري والشريك الموضوعي.. كيف تتقاطع مصالح الجماعة وإخوانها مع إسرائيل؟..التهجير سلاح تل أبيب لتجريد فلسطين من مواطنيها..والتحريض سلاح الفصائل لحرمان القضية من شرعيتها الدولية والإقليمية

الأحد، 03 أغسطس 2025 04:00 م
بيشوى رمزى يكتب: العدو الظاهري والشريك الموضوعي.. كيف تتقاطع مصالح الجماعة وإخوانها مع إسرائيل؟..التهجير سلاح تل أبيب لتجريد فلسطين من مواطنيها..والتحريض سلاح الفصائل لحرمان القضية من شرعيتها الدولية والإقليمية قوافل المساعدات المصرية

أكاذيب عدة أطلقتها العديد من الفصائل الفلسطينية، تحت رعاية جماعة الإخوان، والهدف تشويه الدور المصري، في لحظة مفصلية في تاريخ القضية، التي تحظى بمركزيتها الإقليمية، وذلك بعد حوالي 22 شهرا كاملا من اندلاع العدوان على قطاع غزة، ساهمت في حصار سكانه بين نار القصف وعذاب الجوع، جراء سياسات الاحتلال الهادفة إلى تهجيرهم من أراضيهم، في إطار مساعيه لتصفية أحلامهم، في بناء دولتهم المستقلة، ذات السيادة على حدود يونيو 1967، وهو ما حاربته الدولة المصرية منذ اللحظة الأولى التي أعقبت أحداث السابع من أكتوبر، عندما وضعت خطا أحمر على مخططات التهجير جنبا إلى جنب مع إصرارها على السماح بمرور المساعدات الإنسانية، إلى سكان القطاع، حيث فتحت معابرها، وكانت المساهم الأول والرئيسي في تقديم الدعم لهم بينما جعلت أراضيها نقطة عبور المساعدات القادمة من كل أنحاء العالم.


المفارقة الملفتة في هذا الإطار تتجلى في المقاربة الكبيرة، بين رؤى الجماعة، والفصائل العاملة تحت مظلتها، وحكومة الاحتلال، والتي لا تقتصر فقط على مجرد البعد الأيديولوجي، وإنما أيضا فيما يتعلق بالموقف من القضية نفسها، فكلاهما يسعيان لـ"وأد" الدولة المنشودة، لصالح أوهام لا تفارق خيال أصحابها، فإذا كان بنيامين نتنياهو وحكومته يحملان نزعات توسعية على حساب الجيران العرب، فإن الجماعة و"إخوانها" يبيعان حلم الدولة الذي سفكت من أجله ملايين البشر، منذ عقود طويلة من الزمن، لصالح مجد التنظيم الدولي.


فلو كان نتنياهو وحكومته يسعيان إلى تجريد الدولة المنشودة، من مواطنيها، لتصفية القضية عبر دعوات التهجير، فإن الجماعة وفصائلها يلعبان الدور الأبرز في تجريد فلسطين مما تحظى به من دعم أو تعاطف دولي، عبر العديد من المسارات، ربما كان أحدثها تلك الاحتجاجات التي شهدتها السفارة المصرية في تل أبيب، في محاولة صريحة في تجريد القضية من أبرز داعميها، والفاعل الرئيسي في الترويج لحقوق الفلسطينيين على المستوى العالمي، والمساهم الأكبر في دفع قطاع كبير من دول العالم نحو الاعتراف بالدولة، في خطوة مثلت صفعة كبيرة للاحتلال، خاصة وأنها جاءت من قلب المعسكر الغربي، والمعروف بانحيازه ودعمه المطلق للدولة العبرية على مر التاريخ، وهو ما بدأته إسبانيا والنرويج وإيرلندا، بينما تواصله فرنسا والبرتغال وهولندا، ودولا أخرى بالقارة العجوز تعهدت بالاعتراف بفلسطين خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر المقبل.


ولعل التحالف الإسرائيلي مع الجماعة وفصائلها في الداخل الفلسطيني، بدا في العديد من المحطات، منها على سبيل المثال، حالة الانقسام التي ظهرت على المشهد منذ بزوغ نجم حركة حماس، بينما تجلت في أبهى صورها في الصراع الذي اندلع في 2007، في أعقاب الانتخابات التشريعية، وما نجم عن ذلك من تحول الانقسام السياسي إلى انفصال جغرافي، ساهم في تجريد الدولة من أرضها، وهو ما أراد الاحتلال في تعزيزه خلال شهور العدوان الماضية، عبر الدعوة لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.


حالة الانقسام في الداخل الفلسطيني بين غزة تحت إدارة حماس والضفة تحت مظلة السلطة، قسمت بدورها المعسكر الداعم للقضية، فخلقت سياسة المحاور، بين "ممانعة"، الخاوية من مشروع حقيقي، يقوم في الأساس على بناء المؤسسات، وترسيم الحدود، وتحقيق رؤى تنموية صريحة، لحساب خطاب حنجوري، يهدف إلى دغدغة المشاعر، دون أي تقدم ملموس، في مواجهة فريق آخر، وصمته "الجماعة" بـ"الاعتدال"، بقيادة مصر، كانت فاعليته كبيرة في إدارة العديد من المراحل على مدار سنوات، بينما تصاعد دوره إلى ذروة التأثير خلال الأشهر الماضية، عبر قيادة دبلوماسية حكيمة للمواجهة مع الاحتلال، ساهمت في تقويض مخططاته، وتحقيق إجماع إقليمي حول المبادئ المشتركة المرتبطة بالقضية، بالإضافة إلى تعزيز الحشد عبر توافقات متجاوزة للإقليم، بدت في دخول قوى غير محسوبة على المعسكر المناصر للقضية، على خط الصراع المباشر مع إسرائيل.


وهنا نجد أن استهداف القاهرة لصالح الاحتلال هو جزء لا يتجزأ من الرؤية التي تتبناها الجماعة، ومن ورائها الفصائل، وبالتالي فالمشهد الأخير أمام السفارة المصرية في تل أبيب، ليس إلا مجرد امتداد لمواقف سابقة، على مدار سنوات حملت الكثير من العداء للدولة المصرية، باعتبارها المدافع الأول عن القضية، والتي لا تمثل أولوية بالنسبة لهم، بينما يعكس حقيقة مفادها أن مفهوم الدولة ليس جزء من قاموس التنظيم، والذي ينتصر للأيديولوجية على حساب البعد الوطني أو الهوية، وبالتالي تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة ليس هدفا، ولكن الهدف هو تمكين الفصائل، الموالية للجماعة، لتصبح منفذا لأوامر قيادات التنظيم، وأحد الأدوات التي يمكن استدعائها لإثارة الفوضى الإقليمية مجددا.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة