لوبى دى فيجا.. عنقاء العباقرة الذى صنع ملامح المسرح الإسبانى

الأربعاء، 27 أغسطس 2025 03:00 م
لوبى دى فيجا.. عنقاء العباقرة الذى صنع ملامح المسرح الإسبانى لوبى دى فيجا

أحمد منصور

فى تاريخ الأدب، هناك أسماء لا تذكر دون أن تثير الدهشة والجدل معًا، ومن بين هؤلاء يسطع اسم لوبى دى فيجا، الذى لقبه معاصروه بـ"عنقاء العباقرة" و"وحش الطبيعة" لبراعته التى لم يعرف لها الأدب الإسبانى مثيلًا فى عصره، وفى مثل هذا اليوم من عام 1635م، رحل "فيجا" الذى كتب مئات المسرحيات والقصائد، وصنع مجده وسط حياة صاخبة تداخل فيها الحب والنفى والسجون والكهنوت، حتى صار رمزا من رموز العصر الذهبى الإسبانى.

بدايته الفنية

ولد لوبى دى فيجا فى 25 نوفمبر 1562م لأسرة متواضعة، كان والده يعمل مطرزًا، لكن الطفل الموهوب أظهر تفوقًا ونبوغًا مبكرًا، ففي الخامسة من عمره أتقن اللاتينية والقشتالية، وببلوغه الثانية عشرة كان يكتب مسرحياته الأولى، فموهبته الشعرية دفعته إلى مدريد ليلتحق بمدرسة الشعراء والموسيقى، ثم بجامعة ألكالا دي إناريس، لكنه لم يكمل دراسته، ربما بسبب طبيعته المتمردة وعلاقاته النسائية المتعددة.

شعره قاده للسجن

فى عام 1583 شارك فى معركة بحرية إلى جانب الأسطول الإسبانى، وهناك كتب أولى مسرحياته المهداة إلى النبيل ألبارو دى بازان، ومع مرور السنوات، جمع بين خدمة رجال الدين ودراسة النحو واللغة وبين ولعه بالمسرح والحب، حتى ارتبط اسمه بعلاقات عاطفية مثيرة للجدل، أبرزها مع "إيلينا دى أوسوريو" التى انتهت بفضيحة كبرى وتشهير شعرى قاده إلى السجن والنفى ثمانى سنوات بعيدًا عن مدريد.

لكن النفى لم يطفئ شغفه، عاد بعدها أكثر نضجًا وإبداعًا، واستمر فى كتابة المسرحيات التى ملأت مسارح إسبانيا، فصار أحد أعمدة الكوميديا الجديدة التى جمعت بين الشعر والمشاهد الشعبية، وجعلت المسرح أقرب للجمهور العادى، وفى الوقت نفسه ظل يعيش حياة عاطفية متقلبة، من علاقة مع الممثلة أنطونيا ترييو، إلى ارتباطه بميكايلا دي لوخان التي ألهمته قصائد رومانسية خالدة.

غير أن حياته لم تخلو من المآسى، حيث فقد أبناءه واحدًا تلو الآخر، وتعرضت ابنته للاختطاف، الأمر الذى دفعه فى سنواته الأخيرة إلى الانزواء والالتحاق بالكهنوت، حيث كتب "القوافي المقدسة" وأعمالًا تعبدية متأثرة بآلامه الشخصية.

ورغم التكريم الذى ناله من الملك والبابا، فإن نهايته كانت بائسة، إذ رحل عن عالمنا وحيدًا فى 27 أغسطس 1635، تاركًا خلفه إرثًا هائلًا من المسرحيات والقصائد، حتى أن باحثين في فرنسا مؤخرًا نسبوا إليه مخطوطات مجهولة الهوية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، مؤكدين أن أثره لا يزال حيًا في أرشيف الأدب العالمى.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة