فى قلب كل حجر حكاية، وعلى جدران المقابر والمعابد والقصور والمساجد، نقش المصريون فى جميع الحقب الزمنية فصولًا من تاريخ لا يمحى، فما بين المعابد الشاهقة فى الجنوب، والقصور الخديوية فى القاهرة، والمتاحف التى تحتضن كنوز الأزمان، تتجلى ملامح هوية متجذرة فى الأرض والوجدان، وعبر سلسلة اعرف تراثك نطوف بين أروقة التاريخ المصرى، نعيد اكتشاف المواقع الأثرية والمعمارية التى شكلت وجدان الوطن، ونستعرض قصصًا خفية وأسرارًا خلف جدران الصمت، ومن بينهم باب الفتوح.
يعد باب الفتوح واحدًا من أندر أمثلة العمارة العسكرية فى العالم الإسلامى قبيل الحروب الصليبية أسوة بمثيله باب النصر وباب زويلة، يقع عند بداية شارع المعز الذي ينتهي ببوابة زويلة، بُني في عهد الخليفة المستنصر بالله على يد وزيره قائد الجيوش بدر الجمالي بغرض الدفاع وحماية المدينة سنة 480هـ/ 1087م بالسور الشمالي لمدينة القاهرة الفاطمية ويفتح على شارع المعز.
يُمثل باب الفتوح مع بقايا سور القاهرة الشمالي جزءًا مما تبقى من ثاني الأسوار التي شُيدت لتحصين القاهرة الفاطمية، وذلك بعد تهدم السور الأول للمدينة الذى شيده جوهر الصقلي، وعلى الرغم من نقش اسم "باب الإقبال" بالنص التأسيسي للباب، إلا أنه ظل محتفظًا بالاسم القديم "باب الفتوح" وذلك نسبة لخروج الجيوش من تلك البوابة للفتوحات، وهي التسمية التي مازالت تطلق عليه حتى الآن.
يتكون الباب من برجين على شكل نصفي دائرة من كتلة مصمتة، ويعلو كل برج حجرة بها فتحات لرمي السهام، تم توسعتها في القرن التاسع عشر لتناسب وضع فوهات المدافع، يقع ممر المدخل بين البرجين، وبأعلى بداية ممر المدخل توجد فتحات رأسية كانت مخصصة لإلقاء الأحجار والمواد الملتهبة من سطح الباب على من يحاولون اقتحامه حال غلقه وقت الحروب، وأهم ما يميز البوابة أنه وبرغم أنه منشأة حربية إلا أنه مزخرف بالعديد من الزخارف النباتية والهندسية والحيوانية.