مصر تتعرض لحملات إعلامية دولية مستعرة، وتتصاعد وتيرتها مع كل لحظة تمر، وهى ترجمة حرفية لما يدور فى كواليس الغرف السوداء من مخططات مُزلزلة تحاول النيل من مقدرات الوطن، وتقتطع من جغرافيته؛ ورغم ما تبديه الدولة المصرية من ثبات قوى، وتمارس سياسة خليط بين المناورة الذكية والصبر الاستراتيجى، مع وضوح فى المواقف الرافضة للهجرة القسرية لأهالى غزة، وأن سيناء خط أحمر، إلا أن الضغوط قوية، والمترددون على الغرف السوداء، ينخفض لديهم منسوب اليأس إلى حد التلاشى، ويمتلكون من المخططات الخبيثة، الكثير!
ومن بين هذه المخططات، خلق فوضى داخلية، ولا يوجد أفضل من جماعة الإخوان لتنفيذ هذا المخطط، بما تمتلكه من استعداد «جينى» لتنفيذ كل ما يطلب منها وزيادة وقدرة فى التجويد، لذلك وجدنا الجماعة تعيد نشاطها فى شكل وحلة جديدة، تعتمد على زيادة الصخب، وتسخير الميديا الجديدة، والذكاء الاصطناعى فى تنفيذ المخطط، وما محاصراتها للسفارات المصرية فى الخارج إلا جزء من الخطة، رغم السقطة التاريخية، المتمثلة فى محاصراتها للسفارة المصرية فى قلب تل أبيب، ورفع العلم الإسرائيلى!
الضغط على الدولة المصرية، متصاعد، ومعقد، ومفعم بكل أنواع التهديد المعلوم فى قواميس اللغة، وغير المعلوم، والترغيب بعروض يسيل لها اللعاب، فى حالة الموافقة على قبول الغزاويين فى سيناء.
فى المقابل فإن الدولة المصرية تبسط إرادتها ونفوذها على أراضيها، وتُحصن الحدود الشمالية الشرقية، مثلما تحصن باقى المحاور الاستراتيجية، وترفع أعلى درجات الاستعداد، واضعة فى الاعتبار كل الاحتمالات والسيناريوهات، بما فيها السيناريوهات السوداء، لذلك أمر طبيعى ووسط هذه المخاطر المزلزلة، أن ترفع درجات الاستعداد والتدريب لكل وحدات القوات المسلحة، مع رفع درجات الاستعداد القتالى للقصوى؛ فليس من المنطق أن يخرج تصريح على لسان مشعل النار فى المنطقة، رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، معلنا بوضوح أنه يعمل على تحقيق الوعد الإلهى المزعوم بإقامة «إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات»، وأنه يمتلك القدرة على التنفيذ، والدولة المصرية تقف مكتوفة الأيدى!
هذا التصريح، إعلان صريح واضح جلى لا يحتاج إلى قريحة العباقرة لفهمه للتأكيد على حجم المخاطر والمطامع الوقحة، فالأمر لا يتوقف على تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وتصفية القضية برمتها، وإنما الأمر يتعلق بمطامع أكبر وأشمل بأن سيناء وربما مدنا أخرى من مدن القناة، جزء من كيان وهمى هولامى يدعى «إسرائيل الكبرى» وأن التاريخ 7 أكتوبر 2023 كان حجر الأساس القوى للإعلان عن بدء تأسيس هذا الكيان!
ورغم الحملة الإعلامية والدعائية الجبارة ضد مصر، فإن بعض الأبواق منها، ومن حيث أرادت إحراج مصر، أنصفتها عندما أبرزت موقف القاهرة الرافض بقوة يصل إلى حد الخشونة والعنف فى الرد، لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، ومنها وول ستريت جورنال، والتى نشرت فى تقرير خبرى لها خلال الساعات القليلة الماضية، أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية يضغطان بكل قوة على مصر من أجل انتزاع موافقتها على توطين أهل غزة فى شبه جزيرة سيناء، مؤكدة أن المفاوض المصرى صرخ فى وجه المفاوض الإسرائيلى رافضا ومنددا ومستنكرا هذا الطلب.
ما ذكرته وول ستريت جورنال، ومن حيث تريد مهاجمة مصر، أنصفت القاهرة، وأكدت أن المفاوض المصرى شرس للغاية فى رفضه فكرة التهجير القسرى للفلسطينيين من غزة، إلى أى مكان، وسيناء على وجه الخصوص، ما يؤكد أن مواقف مصر المعلنة هى نفسها بل وأكثر تشددا خلف الكواليس وفى غرف المفاوضات.
كل المخططات وما يدور فى الغرف السوداء، يكشف أن هناك سيناريوهات سيئة تدبر لمصر، وأن الدولة المصرية وفى القلب منها المؤسسات الحامية، ترفع أعلى الجاهزية، والاستعداد القتالى القوى، لمجابهة هذه المخططات والتحديات الوجودية، ولإيقاف أسراب الغربان الناعقة «جماعة الإخوان» رأس حربة تنفيذ المخططات، وكما ذكرنا فى مقال سابق، أن جماعة الغربان السود قد أكملت اتفاقها مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لتنفيذ مخطط تقديم سيناء قربانا لتل أبيب فى مقابل إعادتهم للسلطة فى مصر، وكل الأحداث الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالا لشك، أن الجماعة تنفذ المخطط!
ويتبقى فى الأخير، أن الشعب المصرى، لديه منسوب وعى مرتفع، متفوقا على من يقدمون أنفسهم باعتبارهم نخبا، ويدرك بقريحته هذه المخططات، فنذر نفسه جيشا يقاتل فى كل الصفوف مع الجيش المصرى فى حالة ما إذا فُرض على مصر القتال دفاعا عن أرضها ومقدراتها.