كشف بحث أجراه باحثون بجامعة كولومبيا البريطانية، أن الدواء الذي تم تطويره في الخمسينيات من القرن الماضي لعلاج مرض باركنسون، يعد أداة جديدة قوية في مكافحة مرض السل.
وبحسب موقع "Medical xpress" ، كشف البحث أن الدواء المستخدم لعلاج الرعشة لدى مرضى باركنسون، يمكن أن يقلل بشكل كبير من مستويات البكتيريا المسببة لمرض السل من خلال تعزيز الاستجابة المناعية الطبيعية للجسم.
ويعد السل أخطر الأمراض المعدية في العالم، إذ يصيب الرئتين عادةً، ويسبب ما يُقدّر بـ 1.3 مليون حالة وفاة سنويًا، ويتطلب العلاج نظامًا علاجيًا مُكثّفًا يمتدّ لأشهر، ويتضمن مضادات حيوية مُتعددة، وقد يُسبّب آثارًا جانبية خطيرة ، ويزداد صعوبة علاجه مع ظهور سلالات بكتيرية مُقاوِمة للأدوية.
قال الدكتور يوسف أف-جاي، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة كولومبيا البريطانية: "هناك حاجة ماسة إلى مناهج جديدة لعلاج السل"، مضيفا أنه "من خلال تعزيز وظيفة المناعة بدلاً من استهداف البكتيريا، قد يكون هذا العلاج أداة فعّالة ضد السل المقاوم للأدوية، وهو مركب أثبت فعاليته بالفعل لدى مرضى باركنسون".
ويعد مرض السل صعبًا بشكل خاص لأن البكتيريا المسئولة عنه، Mycobacterium tuberculosis، قادرة على إصابة الخلايا المناعية المصممة لتدمير مسببات الأمراض، والمعروفة باسم الخلايا البلعمية، والبقاء داخلها.
بينما تعمل المضادات الحيوية على قتل البكتيريا مباشرةً، يعمل الدواء محل الدراسة بطريقة بديلة تُحفّز الخلايا المناعية على مقاومة العدوى، حيث يحجب الدواء مُستقبِلًا على الخلايا البلعمية التي تستغلها بكتيريا السل، مما يسمح للخلايا باستعادة قدرتها على قتل البكتيريا المُهاجمة.
ويقول الباحثون إن العلاجات التي تعمل على تعزيز الدفاعات الطبيعية للجسم، والمعروفة باسم العلاجات الموجهة للمضيف، يمكن أن تقدم فوائد كبيرة في مكافحة مرض السل، نظرًا لأن هذه العلاجات لا تستهدف البكتيريا مباشرةً، فمن غير المرجح أن تُسبب مقاومة للأدوية ، وذلك مع امكانية استخدامها مع المضادات الحيوية الحالية لتحسين نتائج العلاج أو المساعدة في حالات فشل المضادات الحيوية.
ولتحديد االدواء المستهدف، قام فريق البحث بفحص مكتبة تضم أكثر من 240 دواء معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عن طريق اختبار كل مركب على الخلايا المناعية المصابة بالسل، حيث أثبت قدرته على خفض أعداد بكتيريا السل بشكل ملحوظ في تجارب أُجريت على خلايا مناعية بشرية وفئران، ثم اختبره الباحثون على فئران مصابة بالسل، حيث أدى العلاج الفموي إلى انخفاض في الحمل البكتيري في الرئتين بنسبة 70%، وهو ما يُقارن ببعض علاجات السل الحالية.
وأظهر الدواء فعالية مماثلة في نموذج منفصل للفأر المصاب بعدوى السالمونيلا، مما يشير إلى إمكاناته كعلاج لمجموعة واسعة من مسببات الأمراض، ويُعد إعادة استخدام الأدوية الحالية من أسرع الطرق وأكثرها فعالية من حيث التكلفة لتوفير علاجات جديدة للمرضى.