بوابة كأس العالم للأندية

أحمد إبراهيم الشريف

نصر حامد أبو زيد.. البقاء للأنفع

السبت، 05 يوليو 2025 01:30 م


تمر اليوم ذكرى رحيل المفكر الكبير نصر حامد أبو زيد (1943–2010)، وكنت مؤخرًا قد قرأت كتاب "دعاة عصر مبارك" للكاتب والباحث وائل لطفي، وانبهرت كيف وجد دعاة التسعينيات في مهاجمة الدكتور نصر مادة دسمة لتقديم أنفسهم للجمهور وبناء مجدهم على حساب رجل لم يرتكب جريمة سوى التفكير.

والآن، وبعد أكثر من ثلاثين عامًا على قضية الحسبة التي قادت الدكتور نصر إلى مغادرة مصر، وخمسة عشر عامًا على رحيله، يلحّ عليّ سؤال مهم: من الأبقى؟ نصر حامد أم الذين هاجموه وحكموا عليه؟

في وجهة نظري أن الأبقى هو الدكتور نصر، نظرًا لقدراته الفكرية وعدم استسلامه للتهديدات، وشجاعته في مواجهة الشدائد، لقد أثبت في أزمته أن المؤمن بأفكاره هو من يدافع عنها، وأنه لن يتراجع عنها بسهولة، لأن من خلفه اضطهاد كبير لو سمح بمروره ستزيد الأمور وسيتسع الجرح.

لقد أخطأ مهاجموه إذ إنهم تجاهلوا حاجة مجتمعنا إلى الأفكار، وراحوا يطالبون الناس بالتوقف عن التفكير وأن يكرروا ما استقر عليه "الوضع"، متغافلين عمداً عن تاريخ نضال هذه الأمة في صراع الأفكار، وهو تاريخ كانت له نتائج لصالحها.

إن الذين هاجموا نصر حامد أبو زيد هم لأكثر ضررًا في تاريخ الفكر الإسلامي، لأنهم تعاملوا مع البنية الفكرية للأمة باعتبارها "هشة" ويمكن تدميرها من شخص يفكر بشكل مغاير للسائد والمستقر، بل الأمر أخطر من ذلك: ففعلهم كان بمثابة دعوة صريحة لوقف التفكير، مما يتنافى مع أحد مبادئ اكتساب العلم في الإسلام، ومع الدعوة الصريحة في القرآن الكريم إلى التفكّر.

المهاجمون سعوا للعثور على "ضحية" في قضية الدكتور نصر، سعوا للظهور بشهرة أو لكسب مرتبة أو حتى انتقام شخصي من باحث قادته أدواته البحثية إلى رؤية قد تكون صوابًا وقد تكون خطأ، لكنهم تجاوزوا فكرة الصواب والخطأ، وذهبوا إلى التأثير على الإنسان، وإرسال رسالة إلى الجميع: "لا تفكروا، فقط كرّروا ما نقول".

ستظل تجربة الدكتور نصر حية، لأنها تجربة أسسها العلم، وغايتها خدمة الناس ودعوتهم إلى الفهم، ولن ننقطع أبدًا عن وجود مفكرين يقودوننا إلى طرق متعددة لفهم ديننا ودنيانا، وذلك لأن البقاء للأنفع.

 



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب





الرجوع الى أعلى الصفحة