الفنان الكبير لطفى لبيب لم يكن مجرد فنان اجتهد ليرسم البهجة أو يقتنص الضحكة، بل كان ولا يزال صوتًا وطنيًا حرًا في زمن تماهت فيه الحدود بين التمثيل والموقف، وبرغم أن اسمه ارتبط لدى الكثير بشخصية السفير الإسرائيلي في فيلم "السفارة في العمارة" وهو الدور الذى ترك علامة مضيئة في تاريخه السينمائى بشكل خاص والفنى بشكل عام.
وبرغم اتقان الفنان لطفى لبيب لدوره في فيلم "السفارة في العمارة"، إلا أن موقفه الحقيقي تجلى حين رفض دعوة لتكريمه من سفارة دولة الاحتلال الإسرائيلية في القاهرة، وأوضح سبب رفضه قائلا: "أنا حاربت عشان الأرض دي وسيناء غالية عليا بشكل لا يتخيله عقل، مشيرًا إلى الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والقدس فضلًا عن الحالة السياسية الإقليمية"، وهو ما دفعه لرفض التكريم.

بين الجبهة والمسرح.. مسيرة بدأت بالسلاح
ما لا يعرفه كثيرون أن الفنان لطفي لبيب لم يدخل الفن مباشرة بعد أن تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1970، إذ قادته الظروف إلى الجبهة أولًا، حيث خدم كجندي لمدة 6 سنوات، كان من بينها مشاركته في حرب أكتوبر المجيدة، والذى وثقها داخل كتاب حمل عنوان "الكتيبة 26".
وفي كتابه "الكتيبة 26"، الذي كتبه بعد الحرب بعامين، يسرد الفنان لطفى لبيب شهادته الشخصية عن أول كتيبة عبرت القناة يوم 6 أكتوبر 1973م، ويؤرخ للحظات الخوف والفخر والانتصار، ويهدي الكتاب إلى رفاقه الذين واجهوا الموت لينتصروا للحياة، ولوطنهم.
10 سنوات تأخير.. و"السفارة في العمارة" فاتحة الخير
في عام 1981م، عاد الفنان لطفي لبيب إلى الفن، بعد أن قضى سنواته الأولى في الخنادق والغربة، وبدأت مسيرته من فوق خشبة المسرح، في أول أعماله المسرحية "المغنية الصلعاء" ثم "الرهائن" مع الفنانة رغدة.
ورغم أن أدواره في البداية لم تكن كبيرة، فإن ملامحه المحببة، وأداءه السهل الممتنع، جعلاه سريعًا أحد أعمدة الكوميديا في السينما والتلفزيون والمسرح، خاصة خلال العقد الأول من الألفية الثالثة.
وقد شكل فيلم "السفارة في العمارة" علامة فارقة في مشواره، وقد صرح الفنان لطفى لبيب مرارًا وتكرارًا أن هذا الفيلم يعتبر "فاتحة خير"، ليس فقط فنيًا، بل لأنه فتح بابًا للنقاش الشعبي حول التطبيع والموقف من دولة الاحتلال.

الفنان موقف.. وصوت ضمير صاحى
ربما يكون المدهش في مسيرة لطفي لبيب هو أنه لم يتخل يومًا عن ضميره، سواء كان على المسرح أو أمام الكاميرا أو في قلب المعركة، وفي ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين، لم يتردد في إعلان حزنه وغضبه مما يحدث في غزة والقدس، مؤكدًا أن قلبه لا يحتمل صمت العالم أمام تلك الانتهاكات.
