تعتبر موسيقى الماء واحدة من أشهر وأهم الأعمال الأوركسترالية التى ألفها الموسيقار الألمانى الإنجليزى جورج فريدريك هاندل والتى قام بعزفها فى مثل هذا اليوم 17 يوليو من عام 1717، بطلب من الملك جورج الأول ملك بريطانيا العظمى.
عزف موسيقى الماء فى الهواء الطلق
هذا العمل لم يؤلف لعرض مسرحي أو أداء في قاعة مغلقة، بل صمم خصيصاً لأداء فريد من نوعه في الهواء الطلق، خلال رحلة ملكية على نهر التايمز في لندن.
ووفقاً للروايات التاريخية أراد الملك أن يبهر الحاشية والجمهور عبر إقامة احتفال مائي غير مسبوق، فتم تنظيم موكب ملكي كبير انطلق من قصر وايتهول وصولاً إلى منطقة تشيلسي، في هذا الحدث الفخم، رافقت البارجة الملكية بارجة أخرى على متنها فرقة موسيقية أوركسترالية كاملة، تتألف من أكثر من 50 عازفًا، كانوا يؤدون مؤلفات هاندل الحية طوال الرحلة.
العمل تميز باستخدام آلات النفخ النحاسية مثل الأبواق (هورنز) والترومبيت، إلى جانب آلات الوتر مثل الكمان والتشيلو، مما جعله مناسباً تماماً للأداء في الهواء الطلق، حيث يمكن لصوت هذه الآلات أن يملأ الفضاء ويتجاوز ضوضاء المياه والحشود.
لاقى هذا الأداء نجاحاً مذهلاً لدى الملك والجمهور على حد سواء، حتى أن الملك جورج الأول طلب من الموسيقيين أن يعيدوا عزف المقطوعات ثلاث مرات متتالية خلال الرحلة ذاتها، في دليل واضح على إعجابه الكبير بها.
يذكر أن هذا الحدث ساهم في تعزيز العلاقة بين هاندل والملك، خاصة بعد فتور سابق بينهما عندما انتقل هاندل من ألمانيا إلى بريطانيا، وهو ما كان يعتبر آنذاك خيانة للأمير الألماني الذي أصبح لاحقاً جورج الأول.
موسيقى الماء تتكون من ثلاث مجموعات
موسيقى الماء تتكون من ثلاث مجموعات موسيقية رئيسية، تتضمن عدة رقصات باروكية شهيرة مثل الـ"ألليماند"، "البوريه"، "المنويت"، و"الجيف"، وهي أنماط كانت شائعة في الحفلات الملكية آنذاك، والإيقاعات الحيوية والخفيفة جعلت هذه المقطوعات محببة في المناسبات الرسمية، حيث تهدف إلى الإمتاع والتسلية بدلاً من التأمل أو التعبير الدرامي.
لماذا تعتبر موسيقى الماء عملاً مميزاً؟
لم تكن تؤدى هذه الموسيقى في المسارح أو الكنائس، بل في مناسبة اجتماعية ملكية، ما يميزها عن الكثير من الأعمال الفنية في تلك الحقبة، مثال مبكر على العروض الحية في الأماكن العامة، مما يجعلها سابقة في تاريخ الموسيقى الأوروبية، ما تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى يومنا هذا، وتؤدى بانتظام في المهرجانات والاحتفالات الرسمية في بريطانيا وحول العالم، تستخدم كثيراً في الاحتفالات الملكية والمناسبات الوطنية، وتبقى رمزاً للموسيقى الكلاسيكية المرتبطة بالفخامة والبهجة.