قد يشعر البعض أحيانا بالأعراض الجسدية المرتبطة بعدد من الأمراض لفترة طويلة، على الرغم من أن الفحوصات الطبية تظهر عدم إصابتهم بها.
ورغم عدم وجود إصابة فعلية بالمرض، إلا أن استمرار تلك الأعراض يؤثر بشكل سلبى على حياة من يعانى منها، وقد يظن المحيطين أن المصاب يتظاهر بالإصابة بتلك الأعراض، إلا أنها قد تكون مؤشر على إصابته بإضطراب الأعراض الجسدية، وفقا لموقع "Harvard health publishing".
ما هو اضطراب الأعراض الجسدية؟
يعاني الشخص المصاب باضطراب الأعراض الجسدية من عرض جسدي واحد أو أكثر لفترة طويلة، تستمر عادةً نصف عام أو أكثر، وقد تفسَر الأعراض بشكل كامل أو لا تفسَر بتشخيص طبي آخر.
وقد يتفاعل المصاب بالإضطراب مع أحاسيس جسدية طبيعية أو مرض بسيط، وأحيانا لديه ميل قوي للقلق بشأن المرض، أو يشعر بتهديد أكبر من المعتاد بسبب مشاكل صحية، مع العلم أن المصاب لا "يتظاهر" بالمرض، حيث يشعر بأن الأعراض حقيقية وتسبب الضيق والتعب.
أسباب الإصابة بالإضطراب
لا يعرف العلماء سبب الأعراض التي يُبلغ عنها الأشخاص المصابون باضطراب الأعراض الجسدية، لكن لدى الباحثين بعض النظريات، على سبيل المثال، من الممكن أن يُدرك المصابون بهذا الاضطراب الأحاسيس الجسدية الطبيعية بطريقة غير عادية، أو قد يصفون مشاعرهم بمصطلحات جسدية بدلاً من عقلية أو عاطفية، و قد تُسبب الصدمة أو التوتر تغيرًا في الأحاسيس الجسدية للشخص.
أعراض اضطراب الأعراض الجسدية
عادةً ما تستمر الأعراض لسنوات عديدة، قد يشعر الشخص بضيق وضعف في أداء مهامه اليومية، و لا يُفسر التقييم الطبي الأعراض، أو قد تتجاوز الأعراض ما هو متوقع في أي مرض يُكتشف. ويمكن أن تشمل الأعراض أي جزء من الجسم تقريبًا، ويعد الألم هو العرض الأكثر شيوعًا. قد تشمل الأعراض الأخرى ما يلي:
الخدر
الضعف
التعب
اضطرابات الجهاز الهضمي (مثل الغثيان أو آلام البطن).
يوجد عدد من العلامات التى تميز اضطراب الأعراض الجسدية، وهى:
طلب الرعاية من أكثر من طبيب في نفس الوقت
عدم الاطمئنان بشأن التقييم أو العلاج الذي تلقاه
عدم الاستجابة للعلاج الطبي
أن تكون حساسة بشكل خاص للآثار السلبية للعلاج.
وقد يعاني الشخص المصاب بالمراحل المتقدمة من اضطراب الأعراض الجسدية أيضًا من أعراض القلق والاكتئاب، وقد يبدأ بالشعور باليأس ومحاولة الانتحار، أو قد يواجه صعوبة في التكيف مع ضغوط الحياة، وقد يُفرط في تعاطي الكحول أو المخدرات، بما في ذلك الأدوية الموصوفة.
وقد يشعر أفراد الأسرة الآخرون بالضيق، لأن أعراض الشخص تستمر لفترات طويلة من الزمن ولا يبدو أن العلاج الطبي يساعد، وتختلف أعراض اضطراب الأعراض الجسدية باختلاف الثقافة، ويعتمد ذلك أحيانًا على كيفية النظر إلى المرض أو "الأدوار المرضية" في ثقافة معينة، وقد تؤثر العوامل الثقافية أيضًا على نسبة الرجال والنساء المصابين بهذا الاضطراب.
المدة المتوقعة لاضطراب الأعراض الجسدية
يعد اضطراب الأعراض الجسدية مشكلة طويلة الأمد، و يبدأ عادةً قبل سن الخامسة والعشرين أو الثلاثين، مع أنه قد يبدأ في مرحلة المراهقة، وقد يستمر لسنوات عديدة.
الوقاية من اضطراب الأعراض الجسدية
على الرغم من عدم وجود طريقة للوقاية من هذا الاضطراب، إلا أن التشخيص الصحيح لاضطراب الأعراض الجسدية يمكن أن يساعد المصاب على تجنب الفحوصات الطبية المفرطة والعلاج غير الفعال أو الضار، ويمثل هذا تحديًا لكل من الشخص المصاب بالاضطراب والطبيب، لأن الأعراض الجديدة قد تكون ناجمة عن حالة مرضية أخرى غير اضطراب الأعراض الجسدية.
علاج اضطراب الأعراض الجسدية
قد يجد الأشخاص المصابون بالاضطراب صعوبة في قبول إحالتهم إلى أخصائي الصحة النفسية، أو قبول عدم الحاجة إلى تقييم طبي إضافي، ووقد يكونوا حساسين بشكل خاص للوصمة المرتبطة باضطرابات الصحة النفسية، إضافةً إلى ذلك، قد يتم تجاهلهم أحيانًا من قِبل بعض الأطباء الذين لا يرون أعراضهم حقيقية أو سببًا مشروعًا للقلق.
من الناحية المثالية، يعمل الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأعراض الجسدية مع طبيب الرعاية الأولية ومتخصص الصحة العقلية لإنشاء خطة لتقييم وعلاج أعراضهم، وللمساعدة في التعامل مع الإحباط الناتج عن عدم وجود تشخيص طبي واضح.
ويمكن لعلاج الصحة النفسية أحيانًا أن يُخفف الأعراض أو يُحسّن جودة الحياة، و قد يُساعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) في تخفيف الأعراض أو معالجة أي قلق أو اكتئاب مُصاحب، و في بعض الأحيان، يمكن لأدوية مُضادة للاكتئاب أو أي نوع آخر من الأدوية النفسية، أن تُخفف من الأعراض الجسدية الناجمة عن اضطراب الأعراض الجسدية، خاصةً إذا كان الشخص يُعاني أيضًا من اضطراب القلق أو المزاج، وغالبًا ما يهدف العلاج إلى إدارة الخلافات المنزلية أو التأقلم مع المشاكل الثانوية، مثل مشاكل العمل والأداء الاجتماعي.
ويمكن أن يساعد العلاج النفسي الشخص على التعامل مع الانزعاج الجسدي المزمن أو إدارته، وقد تكون إدارة التوتر، مثل تقنيات الاسترخاء، مفيدة، حيث يعلم بعض معالجي السلوك المعرفي المرضى كيفية تحديد الأفكار والمشاعر المرتبطة بتغيرات الأعراض الجسدية، وقد يساعدون الشخص على تقليل ميله إلى فحص الجسم، أو المراقبة المتكررة لأحاسيسه.