فى ظل تصاعد وتيرة الأحداث المشتعلة فى المنطقة، وتأجج الصراعات، ومع اندلاع الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل، تبرز ضرورة ملحة يجب أن يعيها كل مصري، وتتبلور حول أهمية التكاتف واللُحمة الشعبية، وحتمية الاصطفاف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية المصرية، ومساندة ما تتخذه من خطوات لحماية الأمن القومى المصرى، ودرء أى خطر يهدد استقرار البلاد وأمان العباد.
إن ما تشهده المنطقة من اضطرابات غير مسبوقة، وتوحش الصهيونية الإسرائيلية، يعيد إلى الواجهة مجددًا الأطماع الصهيونية القديمة المتجددة، وفى مقدمتها مشروع "من النيل إلى الفرات" الذى لا يزال يمثل تهديدًا استراتيجيًا لأمن وسلامة الأمة العربية بأكملها، ولعل ما يحدث اليوم من تصعيد عسكرى واختلالات إقليمية يؤكد أن مصر، وبحكم موقعها ومكانتها، مستهدفة ضمن هذا المخطط الذى لا يعترف بالحدود ولا بالسيادة الوطنية.
وفى هذا السياق، تبرز عبقرية القرار السياسى المصرى خلال السنوات الماضية، حيث أثبتت القيادة السياسية بحكمتها ورؤيتها الاستراتيجية بعد نظرها فى التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية، حفاظًا على الأمن القومى المصرى وسلامة الدولة، عندما أولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى اهتمامًا بالغًا بتحديث وتسليح الجيش المصرى وفق أحدث المعايير العالمية، وهو ما حدث بالفعل حيث رأينا صفقات الغواصات الحديثة والفرقاطات المتقدمة وأنظمة الدفاع الجوى والصواريخ، وطائرات الرافال المتطورة، وحاملة الطائرات العملاقة.
إن التحديث المستمر للجيش المصرى، وتقويته لم يكن يومًا ترفًا عسكريًا، بل كان ضرورة استراتيجية فرضتها قراءة واعية للواقع وتحليل دقيق للمستقبل لأن ما تمتلكه القوات المسلحة المصرية الآن من قدرات ردع متقدمة، جعل من الحدود المصرية خطوطًا حمراء لا يمكن لأحد الاقتراب منها دون أن يدفع الثمن غاليًا، وهى قوة لم تأتِ من فراغ، بل هى نتاج رؤية وطنية صلبة آمنت بأن من لا يملك القوة لا يمكنه الحفاظ على السلام أو حماية السيادة.
وفى ظل انكشاف مواقف العديد من القوى الإقليمية والدولية، التى باتت تتواطأ علنًا أو ضمنيًا مع مغتصبى الأوطان وقوى الباطل ومستبيحى الدماء، فإن مصر تقف اليوم وحيدة فى خندق الدفاع عن الحق والعدل، مستندة إلى مبادئها التاريخية ومواقفها الأخلاقية الثابتة، وهو ما يستوجب من كل مصرى – مواطنًا كان أو مسؤولًا – أن يدرك حجم المسؤولية الوطنية، وأن يتعامل مع المرحلة بعيون مفتوحة ويقظة تامة واستعداد كامل.
الفترة المقبلة ليست سهلة، وما يدور خلف الكواليس أخطر مما يظهر على السطح، والخطط والمؤامرات تحاك فى الظلام لضرب استقرار الدول الآمنة، وعرقلة تقدم الدولة الواعدة، ولذا فإن الاصطفاف الوطني، والتفاف الشعب حول قيادته، والتكاتف فى مواجهة الحملات الإعلامية المضللة، والتهديدات الأمنية الخفية، لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة وحتمية وجودية، وليس ترفا، من أجل مواجهة الأخطار والمكائد والدسائس ضد استقرار البلاد ومستقبلها، فمصر بحاجة إلى تعاضد وتآزر كل أبنائها، كما كانت دائمًا، ليكونوا درعًا وسيفًا فى مواجهة قوى الشر.
وفى النهاية، مهما زادت المؤامرات وأحدق بها الأخطار تبقى مصر عصية على الانكسار، قوية بإرادة شعبها، راسخة بحكمة قيادتها، وماضية نحو مستقبل تبنيه بإرادة الله وبسواعد شعبها وقوته.