ما لم يقل لى والدى.. قصيدة محمد نجيب عثمان فى ملتقى بيت الشعر العربى

الجمعة، 09 مايو 2025 11:00 م
ما لم يقل لى والدى.. قصيدة محمد نجيب عثمان فى ملتقى بيت الشعر العربى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يستعد بيت الشعر العربى، بإدارة الشاعر سامح محجوب، على مدار يومى 17 و18 مايو لتقديم (ملتقى بيت الشعر العربى الأول.. للنص الجديد)، ويدعو فيه 50 شاعرًا، تحت سن الأربعين من جميع ربوع مصر، وذلك للمشاركة فى الملتقى، ويقوم "اليوم السابع" بنشر قصائد الشعراء تباعًا..

بيت الشعر العربي
بيت الشعر العربي

ما لم يقلْ لي والدي.. محمد نجيب عثمان

ما زلتَ يا ولدي صَغِيرًا
في الطريق إلى "الطميِّةِ "
جانبي-مُتلعْثمَ الخطواتِ- تمشي
مُطْمَئِنًّا بي
تُثَرْثرُ لي كلامًا لستُ أفهمهُ
فأين كبرتَ يا ولدي
وشقّتْ صدرَكَ النكباتُ
وانتصرَ الظلامُ عليكَ
وانفضحَ الشقاءُ على ملامحكَ النديّةِ
والنجومُ المسرجاتُ على جبينكَ أعتمتْ
هلْ مرّ عُمْري كلُّهُ؟
ما زلتُ أحلمُ أنْ أرى
أشجارَ توتكَ وارفاتٍ
أجتلي أحلامَهنّ
إذا اجتهدتَ وغِبتَ بعضَ الوقتِ
سوف أُرتِّبُ الأيامَ يومًا بعد يومٍ حوْلهنّ
وأقتفي أثرَ الأبوّةِ في صفاءِ عيونهنّ
ولثغةَ السينِ المثيرةَ
أشتري حلوى لهنّ
وأشتري كُتبًا وبعضَ الأمنياتِ
وأُغلقُ البابَ (الحديدَ)
إذا رحلْتَ مُبَكِّرًا ونسيتَ
قلبي
مُشرعًا ظِلًّا وراءَك ظلّ يمشي حارسًا
ما زلتَ
يا ولدي صغيرًا في عيوني
والحياةُ الآنَ تُوشِكُ أنْ تغيبَ
أمُدُّ يدي وأتركُ مِنْ شقاءِ العمرِ،
مِنْ عَرَقِي الفقيرِ
على يديكَ نخيلَ روحي
كي تكونَ الشامخَ الـمُنسابَ
في صخبِ المدينةِ
والرفاقُ يُحاصرون
بكلِّ أشْكالِ الحصارِ
أُحيطُ حلمَكَ بي
فلا تحزنْ
إذا انطفأتْ شموعٌ مرّةً
فلسوف أُشعلُها سريعًا
قبل أنْ تأتي من المنفى القصيرِ
إلى رحابي الـمُعْشِباتِ،
العاطراتِ،
الـمُقْمراتِ،
الساهراتِ
إذا تأخّرْتَ انتظارًا للقطارِ
وجئتَ نصفَ الليلِ
تلعنُ كلَّ شيءٍ في الحياةِ
وأنتَ تأكلُ وجبةً ريفيّةً
مطبوخةً بحنيننا الصافي وترفلُ ضاحكًا..
هلْ مرَّ عُمري كلُّهُ ؟
أجْترُّ يا ولدي على صَدْري دمي
أجْترُّ عُمْري
ما بقى منه انهـزامًا
كم غدا جسدي نحيلًا يا محمّد!
لم أعدْ
أقوى على حمْلِ الحياةِ
ولا أريدُ عليك أُلقي حِمْلَها
هذا الصراعُ يمورُ بي!
"الألْبِيُوْمِيْنُ"
الذي أضناك ليس يفيدُ
يا ولدي كفى..
! كَبِدِي تمزّقَ وانتهى
هذا الطبيبُ رأيتُهُ
يَئِسًا يُحمْلِقُ في تقاريرِ الأشعّةِ
كان يبحثُ في رمادي عن أملْ
لم يكتشفْ في داخلي غير المللْ
ما كلُّ هذا اليأسِ حولي
مِن أناسٍ عاجزين
ومُجْهدين مِن الجلوسِ على الفراشِ
ومِن مرورِ ممرّضٍ قاسٍ ليجرحهم ويمشي
دون أنْ يبكي على أوجاعهم
أو يُطفئَ الأنوارَ عند خروجهِ!
أحتاجُ أنْ ألقاكَ
فالأوغادُ حولي يَجرحون يديْ وروحيْ
ثمَّ آثرْتُ السكوتَ -ولم يكنْ سَهْلًا عليَّ-
تَعِبْتُ مِن هذا الحصارْ
خُذْنِي لبيْتي مُسْرِعًا
خُذني لبيتي يا بنيَّ
إذا أردتَ بأنْ تعيشَ العمْرَ مرتاحًا وقلبي راضيًا..
الليلُ يوشكُ أنْ يلامسنا
ولم يبقَ انتظارْ!

 

محمد نجيب عثمان
محمد نجيب عثمان

 

محمد نجيب عثمان

صدرت مجموعته الشعرية "واحد ككثير من الناس" عن دار المثقفون العرب للنشر والتوزيع عام 2024
نشرت بعض قصائده في مجلات عربية.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة