تعيش دولة جنوب السودان، حالة من التوترات الاقتصادية والسياسية والأمنية، مع تصاعد الخلافات والصدام بين الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ونائبه من المعارضة رياك مشار والذى تم وضعه تحت قيد الإقامة الجبرية بعد أعمال عنف فى ولاية الناصر، وهو ما أدى لاندلاع أعمال عنف كبيرة، تهدد بإنهاء اتفاق السلام وتقاسم السلطة الهش فى الدولة الوليدة، التى يحيق بها شبح الانزلاق للحرب الأهلية مرة أخرى.
وفى إطار استمرار أعمال العنف، لقي ستة مدنيين على الأقل مصرعهم، وأصيب 12 آخرون في غارة جوية نفذتها قوات دفاع شعب جنوب السودان "جيش جنوب السودان"، مساء الثلاثاء على قرية كويرييك في مقاطعة ميوم.
وكشف شهود عيان أن الهجوم، استهدف منطقة تجمع الشباب المسلحين بعد قيامهم بمداهمة ماشية من ولاية واراب المجاورة.
وأفاد سكان محليون، بمقتل ستة مدنيين وإصابة 12 آخرين، مشيرين إلى أن الجرحى ما زالوا في الغابة دون تلقي أي رعاية طبية في مقاطعة ميوم، وفقا لراديو تمازج.
وأكد مصدر آخر أن العملية العسكرية استهدفت أفرادا يُشتبه في تورطهم في مداهمة ماشية، ولا يزال الدافع وراء استهداف الجيش لهذه المجموعة غير واضح.
ومن جانبه، قال جيمس ليلي كول، محافظ مقاطعة ميوم، إنه على علم بالقصف الجوي، لكنه لم يتلق تأكيدا رسميا بعد، ولم يصدر تعليق من الجيش الحكومي بشأن القصف الجوي.
وحكومة جنوب السودان كانت قد صنفت صنفت مناطق قبيلة النوير الذي ينتمي إليه نائبه الأول رياك مشار، أبرز خصوم الرئيس سلفاكير، إلى مناطق معادية وصديقة للحكومة، وهو ما أثار انتقادات واسعة، من قبل الناشطين وقيادات قبيلة النوير في العاصمة جوبا.
وتتصاعد التوترات بين سلفاكير، ومشار الذي قيد الإقامة الجبرية، منذ حادثة الناصر، حيث اعتقل قائد قوات مشار ووزير النفط بتهم التورط في أحداث الناصر، الذي أدت إلى مقتل قائد الجيش الحكومي اللواء ديفيد مجور داك.
وفى سياق متصل، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، عن تقليص أنشطتها الطبية المتنقلة حول مدينة ياي في ولاية الاستوائية الوسطى إلى أجل غير مسمى، وذلك نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.
وأوضحت المنظمة في بيان صحفي، أن هذه الأنشطة الطبية المتنقلة تشكل شريان حياة حيويا للسكان في المناطق النائية التي تعاني نقصاً حاداً أو انعداماً في خدمات الرعاية الصحية.
وأعربت المنظمة فى البيان عن قلقها العميق إزاء التأثير الذي سيحدثه هذا التقليص على المجتمعات الأشد احتياجا، مناشدة جميع أطراف النزاع ضمان حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الطبية والإنسانية دون عوائق.
ولم تفصح منظمة أطباء بلا حدود عما إذا كان موظفوها قد تعرضوا لأي أذى، وقرار منظمة أطباء بلا حدود يأتى أعقاب تقارير عن اشتباكات بين قوات دفاع شعب جنوب السودان، والجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة في مقاطعتي موروبو وياي، والتي أدت إلى نزوح مدنيين وسقوط ضحايا.
وعلى الرغم من التوترات الأمنية، أكد رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات في جنوب السودان، أبنديقو أكوك كشول، التزام المفوضية بإجراء الانتخابات العامة المقررة في عام 2026.
وتصريحات كشول تأتى في ظل تصاعد التوترات السياسية بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها جنوب السودان، مما يثير تساؤلات حول قدرة البلاد على إجراء انتخابات نزيهة في الموعد المحدد.
ووفقا للجدول الزمني لتمديد اتفاق السلام المنشط، من المتوقع إجراء الانتخابات العامة في جنوب السودان عام 2026.
إلا أن مراقبون يرون أن العديد من التحديات تعترض طريق الأطراف المعنية، مما يجعل إجراء الانتخابات مهمة صعبة.
وأوضح كشول، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أنه بمجرد حصول المفوضية على موافقة رئيس الجمهورية، سيتم الكشف رسميا عن خطط المفوضية للجمهور، وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستتولى تدريب المستشارين المعنيين بالعملية الانتخابية.
وقال: "لا توجد دولة تعمل لمدة 10 سنوات دون انتخابات، الانتخابات مهمة للغاية وهي منصوص عليها في اتفاقية السلام الشامل لعام 2005، المواطنون ينتظرون هذا الاستحقاق الديمقراطي"، وفقا لموقع تمازج.
وزعم رئيس المفوضية أن التوترات السياسية القائمة في البلاد لن تعرقل إجراء الانتخابات، واصفا ما يحدث بأنه خلاف بين الحكومة وخصومها، على حد وصفه.
ومن ناحيته أوضح الخبير السياسى، منيانق أن التوترات السياسية المستمرة بين الحكومة بقيادة سلفا كير والمعارضة بقيادة رياك مشار من المرجح أن تعرض السلام الهش في البلاد للخطر، وأشار إلى أنه غير متفائل بإجراء الانتخابات في ظل الظروف الراهنة.