قانون الإيجار القديم يقترب من الحسم.. تعديلات جديدة للعلاقة الإيجارية تحت مجهر البرلمان.. سياسيون: تعالج الصدام بين المالك والمستأجر بعد عقود من الجمود وتعيد التوازن.. الحوار المجتمعى ضرورة للخروج بصيغة توافقية

السبت، 03 مايو 2025 03:00 م
قانون الإيجار القديم يقترب من الحسم.. تعديلات جديدة للعلاقة الإيجارية تحت مجهر البرلمان.. سياسيون: تعالج الصدام بين المالك والمستأجر بعد عقود من الجمود وتعيد التوازن.. الحوار المجتمعى ضرورة للخروج بصيغة توافقية عقارات

كتبت سمر سلامة

يشهد ملف الإيجار القديم تحركا لافتا على الساحة التشريعية، بعد عقود من الجمود والصراع بين المالك والمستأجر، حيث بدأت الدولة ممثلة في البرلمان والحكومة اتخاذ خطوات فعلية نحو وضع حلول عادلة ومتوازنة تنهي حالة الاحتقان الاجتماعي، وتحفظ في الوقت ذاته الحقوق الدستورية للملكية الخاصة.

جاءت هذه التحركات مدفوعة بحكم المحكمة الدستورية الأخير، الذي أكد على ضرورة مراجعة التشريعات المنظمة للعلاقة الإيجارية، ما دفع الجهات المعنية إلى طرح مشروعي قانونين مقدمين من الحكومة، الأول: بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، والثاني: بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التى انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وإحالتهما إلى اللجان المختصة بمجلس النواب لبدء مناقشات موسعة تتضمن حوارا مجتمعيا شاملاً، حيث كلف رئيس مجلس النواب اللجنة المشتركة بإجراء حوار مجتمعي حول مشروعي القانونين للاستماع إلى رؤى جميع الجهات ذات الصلة بهما.

وفي هذا السياق، قال المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن هناك تحركا من جانب البرلمان والحكومة لاتخاذ خطوات جادة في ملف الإيجار القديم لإعادة تنظيم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، حيث أعلن مجلس النواب عن تقدم الحكومة بمشروعي قانونين، الأول: بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، والثاني: بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وأحال المجلس المشروعين إلى اللجان المختصة لمناقشتهما وإجراء حوار مجتمعي حولهما.

وأوضح الجندي، أن تحرك البرلمان والحكومة في ملف الإيجار القديم يأتي في ظل صدور بعض الأحكام من المحكمة الدستورية العليا، وآخرها الحكم الصادر في القضية رقم (24) لسنة 20 قضائية دستورية بتاريخ 9 نوفمبر 2024، بعدم دستورية الفقرة الأولى في كل من المادتين رقمي (1) و (2) من القانون رقم (136) لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وهو حكم ملزم لوضع حلول لهذه الأزمة الممتدة لسنوات طويلة، وسبقه أحكاماً أخرى أيضاً.

وأشار "الجندي"، إلى أن ملف الإيجار القديم يحتاج إلى الحوار من أجل التوافق على آليات الحل، لافتاً إلى أنه وفقا لما أعلنه مجلس النواب اليوم فإن مشروعي القانونين أُحيلا إلى لجنة الإسكان واللجان المشتركة معها، لدراسته، تمهيدًا لإجراء حوار مجتمعي واسع يهدف إلى التوصل لحلول واقعية، مشدداً على ضرورة التوصل إلى حلول توافقية لصالح كلا الطرفين المالك والمستأجر.

وقال إنه في ظل الوضع الحالي هناك إخلال بحقوق الملكية الخاصة، حيث يجعل المالك "يملك ولا يملك" فعليًا، مضيفاً أن استمرار إيجارات بعض الوحدات السكنية بقيمة لا تتجاوز 5 جنيهات شهريًا منذ أكثر من ثلاثة أو أربعة عقود يمثل إهدارًا للثروة العقارية، لافتًا إلى أن مثل هذا النموذج لا يوجد في أي دولة أخرى.

وفيما يتعلق بتنظيم العلاقة المستقبلية بين المؤجر والمستأجر، شدد عضو مجلس الشيوخ، على أهمية تحقيق التوازن والتوافق بين الطرفين، مؤكدًا أن الخبراء والمتخصصين سيساهمون في وضع آلية لرفع القيمة الإيجارية تدريجيًا وبصورة تضمن العدالة، مشيرًا إلى إمكانية طرح الحكومة لوحدات بنظام التمليك على فترات تمتد لـ20 أو 30 عامًا لتوفير بدائل مناسبة للمستأجرين غير القادرين.

واختتم "الجندي"، تصريحاته بالتأكيد على ضرورة استغلال الوحدات المؤجرة وغير المستغلة في مختلف محافظات الجمهورية، لافتاً إلى قانون إنشاء رقم قومي إلكتروني سيساهم في تتبع هذه الوحدات وتحسين استخدامها.

وبدوره قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر ومحافظ القليوبية والإسكندرية السابق، إن إحالة مشروع قانون الإيجار القديم إلى اللجان البرلمانية المختصة خطوة إيجابية طال انتظارها، وتمثل بداية حقيقية لمعالجة واحدة من أكثر القضايا التشريعية تعقيدا في مصر، مؤكدا أن هذا القانون يأتي في إطار توجه الدولة نحو إصلاح التشريعات الاقتصادية والاجتماعية بما يتماشى مع متغيرات العصر وتحقيق العدالة بين أطراف العلاقة الإيجارية.

وأكد خبير الإدارة المحلية، أن فلسفة القانون تقوم على العدالة التدريجية، حيث لا يفرض الإخلاء الفوري، بل يمنح المستأجر مهلة انتقالية تصل إلى خمس سنوات من تاريخ تطبيق القانون، وهو ما يعد معالجة عقلانية وإنسانية في الوقت نفسه، لأنه يراعي البعد الاجتماعي ولا يضرب بعرض الحائط استقرار الأسر، خاصة تلك التي تقيم في العقارات منذ فترات طويلة لكنه أشار إلى ضرورة إعادة النظر في تلك المهلة وتقليصها إلى ثلاث سنوات فقط، مع رفع الحد الأدنى للقيمة الإيجارية لتقترب تدريجيا من أسعار السوق.

وأضاف أن القانون الجديد لا يتعارض مع الدستور، بل يفعل نصوصه التي تكفل حماية الملكية الخاصة، وفي الوقت ذاته توازن بين الحقوق والواجبات فليس من المقبول أن تستمر وحدات سكنية وتجارية مؤجرة بجنيهات قليلة منذ عشرات السنين، بينما تتغير الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية بشكل جذري، مما يحرم المالك من حقه في الانتفاع بممتلكاته ويشجع على الجمود العقاري.

وأشار فرحات إلى أن هذا القانون سيساهم بشكل كبير في تحريك السوق العقارية، حيث من المتوقع أن تعود آلاف الوحدات المغلقة أو المؤجرة بقيم زهيدة إلى السوق، مما يزيد من حجم المعروض ويقلل من الضغوط على سوق الإسكان، خاصة في المدن الكبرى كما سيشجع الملاك على صيانة وتطوير عقاراتهم التي أهملوها لسنوات بسبب تدني العائد الإيجاري، مما يدعم جهود الدولة في تجميل المدن والحفاظ على الطابع العمراني.

وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن مشروع القانون يجب أن يكون جزءا من منظومة متكاملة تشمل توفير بدائل سكنية للأسر المتضررة من خلال التوسع في مشروعات الإسكان الاجتماعي، وتقديم دعم مادي أو تمويلي محدود لغير القادرين، بما يضمن العدالة الاجتماعية ولا يفرز أزمات جديدة كما دعا إلى تخصيص لجان قضائية سريعة للنظر في قضايا الإخلاء بعد المهلة القانونية، حفاظا على حقوق الطرفين وتجنبا لتعقيدات الإجراءات.

وشدد الدكتور رضا فرحات على أهمية الحوار المجتمعي بشأن هذا القانون، واستيعاب ملاحظات المواطنين وأطراف العلاقة الإيجارية، بحيث يتم إقرار القانون بصيغة متوازنة تضمن الاستقرار الاجتماعي من ناحية، وتشجع على الاستثمار العقاري من ناحية أخرى، فالدولة التي تسعى إلى تنمية حقيقية لا بد أن تمتلك تشريعات عادلة تحرر الاقتصاد من الجمود وتفتح أبواب الاستغلال الأمثل للموارد.

ولفت خبير الإدارة المحلية إلى أن قانون الإيجار القديم هو أحد المفاتيح الرئيسية لإعادة هيكلة السوق العقارية في مصر، ومن ثم تعزيز موارد الدولة، وتنشيط الاستثمار المحلي، وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية في واحدة من أعقد القضايا التشريعية التي تم ترحيلها لعقود وقد آن الأوان لمواجهتها بشجاعة وإرادة سياسية واضحة، من أجل مصلحة الوطن والمواطن.


وفي ذات الصدد، أكد الدكتور محمد مجدي، أمين حزب الحركة الوطنية في الجيزة، أهمية تصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى حول إحالة قانون الإيجار القديم لمجلس النواب، مشيرا إلى أن هناك توجه من الدولة ممثلة في الحكومة والبرلمان لحلحلة ملف الإيجار القديم والسعي لإيجاد حلول قابلة للتطبيق، بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، وهو ما ألزم البرلمان والحكومة معا باتخاذ خطوات عاجلة لإعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وفقا لمقتضيات العدالة الدستورية.

وأضاف "مجدي"، أن ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية، موضحا أن بقاء الوضع الحالي يُشكل إخلالا بحقوق الملكية الخاصة التي كفلها الدستور، ويُهدد بفتح أبواب المحاكم أمام آلاف القضايا، في حال عدم إقرار التعديلات اللازمة قبل نهاية دور الانعقاد، وهو ما يتطلب أن تشهد المناقشات داخل مجلس النواب حضور المستأجرين لمناقشة القانون بشكل واسع، خاصة أن مشروع القانون تعتمد على أن يكون هناك بداية لرقم معين في الإيجارات سواء داخل المدن أو القرى، ومدة زمنية انتقالية لمراعاة البعد الاجتماعي لا تقل عن 5 سنوات تزيد تدريجيا حتى نهايتها.

وأشار أمين حزب الحركة الوطنية في الجيزة، إلى أننا أمام فصل جديد لحسم الجدل الدائر بين المالك والمستأجر، وخطوة جادة في إطار التحركات التي تتم للتوصل إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، لتنتهي في ضوءها الصراعات الدائرة في ساحات المحاكم منذ عقود، لافتا إلى أن حكم المحكمة الدستورية جاء مستندًا على رصد العديد من الحقائق المرتبط بهذا الملف، وأساسها تحقيق مبدأ العدالة بين المالك والمستأجر.

وأوضح "مجدي"، أن سرعة إصدار التعديلات يحقق توازنا دقيقا بين حقوق الملاك والمستأجرين، ويساهم في معالجة أوضاع تشهد ظلما واضحا لأصحاب العقارات، خاصة وأن هناك وحدات إيجارها لا يزال يتراوح بين جنيه واحد وثلاثة جنيهات شهريا، وهو ما يُعد إهدارا لحقوق الملاك ولا يتماشى مع الواقع الاقتصادي الحالي، مؤكدا ضرورة الإسراع في وضع حلول مستدامة ومرنة تعكس روح العدالة، خاصة أن القرارات المستقبلية يجب أن تعزز من استقرار المجتمع وتساهم في تطوير منظومة الإيجار بشكل يواكب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة