
في جولة ميدانية لتليفزيون "اليوم السابع" إلى مسجد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، الواقع عند سفح جبل أُحد شمالي المدينة المنورة، بدا المكان وكأنه لا يزال شاهداً صامتاً على إحدى أشرس معارك التاريخ الإسلامي وأكثرها تأثيراً في الوجدان النبوي. المسجد الذي يتوسط منطقة غارقة في القداسة، يحتضن بين جنباته عبق الصحابة وملامح زمن من الوفاء والتضحية.
الكاميرا التقطت تفاصيل لا توثقها الكتب وحدها، بل تحفظها الجدران والصخور والنخيل القريب.
هنا دارت رحى معركة أحد، وهناك استشهد حمزة بن عبد المطلب، عمّ النبي وصفيّه في القتال، والذي لا تزال ذكراه تتردد في أروقة المكان كأنها نداء من السماء يحث الزائر على التأمل لا التصفح، وعلى الانصات لا المرور العابر.
المسجد، الذي أعيد ترميمه وتوسيع ساحاته في السنوات الأخيرة، بات يستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم، خاصة في مواسم العمرة والحج، وقد تحول إلى مزار روحاني بامتياز، لا يكتفي المتردد عليه بقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، بل يستشعر كيف كانت الأرض التي يقف عليها مسرحاً لفصول بطولية من تاريخ الإسلام المبكر.
وخلال الجولة، رصدت عدسة التليفزيون مشاهد لزوار من جنسيات مختلفة، بعضهم يبكي في صمت، وآخرون يتمتمون بالدعاء، كأنهم يعقدون لقاء روحياً مع من سبقوهم بالإيمان والجهاد.
لم يكن المكان مجرد محطة تصوير، بل تجربة شعورية كاملة اختلط فيها التاريخ بالإيمان، والصورة بالموقف، والخشوع بالحكي البصري. وتوقفت عدسة "اليوم السابع" عند تفاصيل لافتة، منها أسماء الشهداء المنقوشة في الذاكرة الجماعية، ومآذن المسجد التي تبدو كأنها تروي الحكاية من جديد.
في هذه الجولة، لم يكن التليفزيون ينقل فقط حدثاً، بل يستدعي حالة، يعيد بها ربط الحاضر بالماضي، ويذكّر الأجيال الجديدة بأن بين سطور المعارك دماءً سالت لتُكتب الرسالة، وأن بين هذه الجدران صدى صوت لا يزال يقول: هنا ارتقى حمزة، فسُمِّي سيد الشهداء.