اهتم المصري القديم بالدين، وذلك لأن أهل الحضارات دائمًا ما يبحثون عن فكرة لفهم العالم، وقد رصد سليم حسن في موسوعته "مصر القديمة" هذا الجانب، فيقول تحت عنوان "نظرة إجمالية في أصول الديانة المصرية":
لا جدال في أن كل إله كانت له منطقة نفوذ ثابتة محدودة في بادئ الأمر، وكان سلطانه فيها هو السائد، وكان كل إله مقاطعة يطلق عليه في معبده أو مدينته اسم رب المعبد أو رب المدينة حسب الأحوال، ومن ذلك يتضح لنا أنه لم تكن المنطقة التي يسيطر عليها الإله تتألف من قبيلة ذات عصبية واحدة، بل من أهل المنطقة التي كان يوجد فيها هذا الإله وممن يحتمون في سلطانه، وبجانب هذه الآلهة الرئيسية عدد عظيم في كل مكان من الآلهة الأخرى ذات الأهمية النسبية، غير أنها كانت تشاطر الإله الأعظم العبادة بصفتها إما زوجة له أو ابنًا، وأحيانًا كان لها عبادة مستقلة وسلطان، وسنذكر هنا بعض الأمثلة مؤثرين أكثرها أهمية وأرفعها مقامًا، ففي منطقة "العرابة" مثلًا نجد الإلهة "حكت" التي كانت تتقمص ضفدعة لها أهمية عظيمة بصفتها آلهة السحر وإلهة الولادة والبعث، إذ كان يعتقد أنها تحضر ولادة الشمس كل يوم على رأي أحد المذاهب الدينية.
وفي المقاطعة الثانية عشرة كان يعبد الطائر مالك الحزين الذي سماه اليونان "الفنكس" واسمه بالمصرية "بنو"، وكان مقر عبادته وتقديسه "عين شمس" وكهنة هذه الجهة كانوا يرون فيه إما الإله "أوزير" أو "روح" الإله "رع"، والفكرة الأخيرة كانت السائدة في عين شمس، وما معلمه عن هذا الإله على وجه التحقيق أنه يلد على شجرة في معبد عين شمس، ومن المحتمل أنها الشجرة القديمة المقدسة التي كان الآلهة يكتبون على أوراقها أسماء الملوك تخليدًا لذكراهم ويقال إن الشجرة التي تزار الآن بجهة "عين شمس" هي من نسل هذه الشجرة المقدسة.
وكذلك نجد في طيبة الإلهة العظيمة "موت ورت" أي الأم العظيمة وتقدس بصفتها زوجة للإله آمون، وكذلك نجد "خنسو" (القمر وهو ابن موت وآمون)، ومنهم جميعًا تألف ثالوث طيبة يضاف إلى هذا إله الحرب "منتو"، وكان يعبد في هذه الجهة، وأصبح له شأن عظيم في التاريخ المصري، وكان في هذه الجهة كذلك إلهة على هيئة جاموس البحر "توريس". ويعتقد أنها الإلهة التي تساعد الحامل على الوضع، وربما كان هذا هو السبب في تصويرها بهيئة تشعر بذلك.
وفي أماكن أخرى نجد الإلهة "سكلت" التي كان من وظائفها المحافظة على أحشاء المتوفى، وترسم على شكل امرأة برأس عقرب، وقد جاء ذكرها على مقابر أشراف الأسرة الرابعة في منطقة الأهرام.