صدر حديثا.. معجم المؤاكلة كتاب جديد لـ تيسير خلف

صدر حديثا معجم المؤاكلة في الطعام العربي القديم وصفاته وأصنافه وآلاته وآدابه، لـ الكاتب تيسير خلف، عن مركز أبوظبي للغة العربية.

وقال الدكتور علي بن تميم،  رئيس مركز  أبو ظبي للغة العربية، إن الكتاب مساهمة علمية رصينة في توثيق التراث الغذائي العربي، عبر تتبع دقيق لأسماء الأطعمة والإدامات، وأدوات المائدة، وأعراف الضيافة، كما عرفها العرب في عصورهم الزاهرة.

الكتاب ليس مجرد سجل للوصفات، بل هو معجم ثقافي واجتماعي يعكس علاقة العرب التاريخية بالغذاء، بوصفه مظهراً من مظاهر التحضر، والتفاعل البيئي، والانفتاح الثقافي مع الأمم. وقد جمع المؤلف مادته من كتب الطبخ، والمعاجم اللغوية، والمصادر التراثية، لا سيما من عصور العباسيين والأندلسيين، وراح يعيد إحياء مفردات منسية ومذاقات تكاد تنقرض.

ومن بين المداخل اللافتة في المعجم، تأتي مادة "الصِّحناء"، التي تشكل نموذجاً حياً عن عمق هذه الموسوعة وفرادتها.
الصّحناء، أو الصَّحناة، أو الصُّحنة، نوعٌ من الإدام العربي القديم، كان يُعدّ من الأسماك الصغيرة المجففة “الجاشع” كما تسمى في الإمارات بعد طحنها، ويضاف إلى الأطعمة لتطييبها، على نحوٍ يشبه ما يعرف اليوم بالبهارات المركّبة أو المملحات المركزة. واللافت أن هذا النوع من الإدام ما زال معروفاً باسمه العربي القديم في الإمارات العربية المتحدة “السّحناه”، مما يكشف عن استمرار حيّ لذاكرة الطهو في الخليج العربي، حيث يرجّح أن يكون موطنه الأول.
وقد انتقلت الصحناة مع العرب إلى مطابخ الأندلس، ثم استقرّت في بغداد العباسية، حيث أورد ابن سيار الورّاق في كتابه "الطبيخ" وصفات متعددة لها. والمعجم يوثّق أنواعاً متعددة، منها ما يناسب الصيام المسيحي، خالية من السمك، وأخرى دخلت المطبخ المصري كـ الصحنة الإسكندرانية المطيبة والصحنة الإسكندرانية الخالصة الملوكية. كما سجل المعجم وجود صحناة العراق الأعلى، وصحنة السمّاق، وصحنة الكراوية المغربية، وصحنة كذّابة (بلا سمك)، وأخرى وُصفت بأنها “كذّابة نافعة لأصحاب الصفراء وتنعش المعدة”، وأخيراً، أغربها: صحناة الجراد!
تمثل معاجم الطعام التراثي، مثل "معجم المؤاكلة"، أكثر من مجرد وثائق لمأكولات قديمة؛ إنها وعاءٌ للذاكرة الثقافية، تحفظ من خلال اللغة تفاصيل الحياة اليومية، وذوق الناس، وأساليب عيشهم وتواصلهم. إن استعادة مفردات مثل "الصِّحناء"، وربطها بأماكنها وسياقاتها التاريخية، يُعدّ جهداً حضارياً في إحياء المكوّن الثقافي العربي الذي كاد أن يُمحى تحت ضغط العولمة الغذائية المعاصرة.

معجم المؤاكلة