يعتبر المجلس الملي العام أحد أهم المؤسسات الاجتماعية في الكنيسة، حيث يقوم الأقباط الأرثوذكس في مصر بانتخاب أعضائه، ويختص بالنواحي الإدارية وغير الدينية في حياة الكنيسة، ومؤخرا ثارت عليه حالة من الجدل الكبير في الأوساط القبطية ورغبة البعض في إلغاؤه مع تحفظات على أداؤه وعلى إسمه ومهامه وتعارضا مع هيئة الأوقاف القبطية.
وفى فبراير 1874 م كان بطرس باشا غالى هو أبرز أبناء طائفته ، إذ كان وكيلاً لأحدى الوزارات، آنذاك، وكان على صلة طيبة بـالخديوي إسماعيل ورجال حاشيته، وتبنى بطرس غالى باشا فكرة المجلس الملي، وأصدر بالفعل أمراً عالياً من الخديوي إسماعيل بتشكيل أول مجلس ملي للأقباط وكان ذلك في فبراير 1874 م، وأنيط بالمجلس الجديد أن يحدد اختصاصه ، وأن يضع لنفسه لائحة داخلية، وصدر الأمر العالي من الخديوي توفيق بلائحة المجلس الملي للمرة الأولى في يناير 1874.
ويتشكل المجلس الملي من أربعة وعشرين عضو (رجال ونساء) ينتخبهم الأقباط في مصر. ويرأس المجلس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
رفض البابا
وكشف قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في تصريحات سابقة ، عن أسباب عدم إعادة تشكيل المجلس الملي، باعتباره المجلس المسؤول عن إدارة ممتلكات الكنيسة، مؤكدًا أنه لم يعد للمجلس الملي العام دور فعال في الكنيسة، وأن هيئة الأوقاف القبطية تدير أموال الكنيسة حاليًا بدلاً من المجلس الملي.
وقال قداسة البابا : “أعترض على اسم المجلس الملي من الاسم نفسه، لأن اسمه "المجلس الملي العام"، وكان له وظيفتين، الأولى وهى للأحوال الشخصية ضمن اختصاص المحاكم المختلطة إبان الاحتلال الإنجليزي، وأصبحت البلاد الآن بها محاكم مختصة، والوظيفة الثانية كانت إدارة أملاك الكنيسة، والآن أصبح لدينا هيئة الأوقاف القبطية".
المجلس الملى
وأضاف قداسة البابا: "المجلس الملي هو أحد قوانين الإمبراطورية العثمانية، وهو يظهر من كلمة الملة، وهو مصطلح لم نعد نستخدمه جميعنا مواطنين، والكنيسة لها دورها الاجتماعي والاقتصادي وتقدم مساعدات في بعض القرى البعيدة وبعض الأسر المحتاجة للتعليم والعلاج".
وأردف: لم يعد للمجلس الملي العام دور فعال في الكنيسة وهيئة الأوقاف القبطية وهى هيئة مشكلة بقرار جمهوري تدير أموال الكنيسة حالياً بدلاً من المجلس الملي بالإضافة إلى أن المكتب الفني بالكنيسة يقوم حالياً بالتواصل مع كل الهيئات الحكومية عوضاً عن المجلس الملي بعد تكوين هذا المكتب".
تغيير الاسم
وأوضح البابا أنه في حال تغيير اسم المجلس الملي، سيتم النظر في إعادة تشكيله، مشيرًا إلى أنه يفضل أي اسم آخر غير "المجلس الملي"، الذي وصفه بأنه "مجموعة من الخدام".
كمال زاخر
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن المشكلة الكبرى أن هذا الصراع أو الرفض استمر منذ هذه اللحظة وبالتالي يرى البابا تواضروس الثاني أنه مجلس استشاري وهذا يفرغ المجلس من دوره.
وذكر كمال زاخر أنه شكل سنة 2009 ما يسمى بالتيار العلماني أو القبطي، وقدم تصور بشان المجلس ولكن رفضه البابا شنودة، وعند عرضه على قداسة البابا تواضروس الثاني وعد بدراسة الأمر، موضحا أنه لا يصلح من ناحية المسمى؛ فنحن في دولة مدنية والقاعدة الأساسية التي تحكم الشعب المصري حاليا هي المواطنة، ومن الممكن أن نختار مسمى "مجلس المدنيين الأقباط أو الأراخنة " وحتى لا يكون تقسيم طبقى لأن كلمة علمانيين بعض رجال الدين يرفضوها، ولكن هي تعنى كل من هم من غير رجال الإكليروس، وفكرة أنه مجلس استشاري يفرغه من المضمون.
أهمية المجلس الملى
وذكر أن المجلس الملي قديما كان له دور قوى وفعال في المجتمع ومن صلاحياته الفصل في قضايا الأحوال الشخصية وكان يشرف على الأراضي الزراعية وممتلكات الكنيسة، ولكن الرئيس جمال عبدالناصر أصدر قانون إلغاء المحاكم الملية والشرعية وإحالة القضايا إلى القضاء المدني وأصدر قانون الإصلاح الزراعي وحصل على أراضي كثيرة من الكنيسة، وتمت إحالة المدارس والمستشفيات التابعة للكنيسة والملاجئ للدولة، وبالتالي أصبح المجلس الملي واجهة اجتماعية فقط بلا صلاحيات.
وأوضح أنه إذا أردنا إعادة التشكيل، لابد أن تعود الأراضي الزراعية الموجودة بالأديرة تحت إشراف المجلس الملي وغيرها، أو على الأقل، لابد أن يشرف على ممتلكات الكنيسة المادية ويكون هذا دور المجلس لتأكيد نزاهة رجال الدين حتى يهتموا فقط بالجانب الروحي مع ضرورة إنشاء هيئة لمراقبة المجلس الملى.
هيئة الأوقاف القبطية
وتعتبر هيئة الأوقاف القبطية نظام قانونى أصوله ترجع إلى الشريعة الإسلامية، وله ما يقابله في التشريعات الغربية. وينظم الوقف فى مصر الأن القانون رقم 48 لسنة 1946، ويتمتع بحماية ورعاية دستورية بمقتضى نص المادة (90) من الدستور ومن اهم مزايا الوقف، وهو انه لا يجوز الاستلاء على العقارات الموقوفة او تملكها بوضع اليد المدة الطويلة.
وأنشئت المجالس الملية فى القرن الثامن عشر كان من أهم اختصاصاتها الإشراف على إدارة اوقاف الكنيسة والجهات التابعة لها كالمستشفيات والمدارس والملاجئ، غير انها لم تحقق النجاح المرجو في الاشراف على تلك الأوقاف.
وخلال عام 1959 واجهت الكنيسة مشكلتين:
الأولى: رغبة الدولة في تطبيق احكام قوانين الإصلاح الزراعي على اوقاف الكنيسة.
الثانية: هى سوء إدارة اوقاف الكنيسة.
ومن ثم عهد المجمع المقدس الى لجنة قانونية من أراخنة الكنيسة للبحث عن حل فانتهت هذه اللجنة الى وجوب استصدار قانون يقضي بإنشاء هيئة عامة تتولى الاشراف على إدارة اوقاف الكنيسة تحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وان يتولى اتخاذ ما يلزم لتطبيق احكام قوانين الإصلاح الزراعي على اوقاف الكنيسة واستثنائها من بعض احكام تلك القوانين.
وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 بتشكيل أول مجلس إدارة للهيئة وتحدد اختصاصاتها وتنظيم شئونها، ومن اهم نصوص هذا القرار الجمهوري مادته الثانية على تختص هيئة اوقاف الاقباط الارثوذكس بما يأتى:
الاشراف على إدارة جميع الاوقاف من اطيان وعقارات ومحاسبة القائمين على ادارتها عن اراداتها ومصروفاتها. ولها من هذا السبيل ان تضع النظم التي تراها كفيلة بحسن ادارة الاوقاف وضبط حساباتها وصيانة اموالها واستغلالها في أفضل الوجوه وحصر أملاكها وموجوداتها.
أعداد الميزانية السنوية العامة لإيرادات ومصروفات الأوقاف
تتولى الهيئة الإشراف على إدارة (4667 فدان و 2 قيراط و 17 سهم) تقريباً للملوكة لعدد (337 وقف) وقف بخلاف اوقاف أخرى محل نزاع مع هيئة الأوقاف المصرية والعديد من العقارات المبنية ويقوم بذلك عدد ( 205 ناظر) ناظر وقف ويعمل بها (11 موظف).
وجميع مستندات الهيئة مصورة ومسجلة على الحاسب الآلي، وتم اخيراً استخدام الحاسب الآلي في تسجيل ومتابعة جميع ما يصدره مجلس إدارة الهيئة من قرارات ومتابعة اعمال نظار الأوقاف، وكذلك ما يرد للهيئة من خطابات وما ترسله من خطابات.