ترتبط صورة المرأة دائما ببعض الصفات عبر العصور مثل "الوديعة، اللطيفة، والمطيعة" لكن رواية "المتوحشة" للكاتبة بليسين آدامز كان لها رأى آخر إذ تكشف عن وجه آخر للمرأة، يظهر كيف يمكن أن تتحول إلى كائن "متوحش"، خصوصًا فى سياقات العنف والقهر فى بريطانيا الحديثة، حيث تسرد الكاتبة قصص نساء ارتكبن جرائم قتل بدوافع تتجاوز الصورة النمطية للأنثى.
من بين هذه القصص، قصة أليس أردن، من مدينة فافير شام في كينت، التي قررت أن السبيل الوحيد لسعادتها هو التخلص من زوجها التاجر العنيف توماس، حيث استأجرت قاتلًا اختبأ فى خزانة، وعند إشارة متفق عليها، انقض عليه، وشارك الخدم فى الجريمة بإخفاء الجثة فى حقل ثلجى، تاركين آثار أقدام تقود الشرطة للمكان، وفقا لما ذكره موقع ديلى ميل البريطانى.
وفى قصة أخرى قامت ليتيسيا ويجينجتون، بتعذيب إحدى تلميذاتها على مدى ثلاثة أيام حتى لقيت حتفها، فى حين انخرطت كانتربرى بيس فى الاعتداء على المارة وسرقة ملابسهم وبيعها، بتحريض من أحد شركائها الذكور وبعد القبض عليها، صورت أمام المجتمع كقوة شريرة غير طبيعية وخارجة عن الأنوثة.
وكان التسمم، فى كثير من الحالات، الوسيلة المفضلة لدى بعض النساء للقتل، حيث عد السلاح المثالى نظرًا لإمكانية خلط الزرنيخ بالطعام دون إثارة الشكوك، وقد عانت عدة ضحايا فى الغالب من الأزواج من أعراض مشابهة لأمراض منتشرة حينها، كآلام البطن والإسهال الدموى والعطش الشديد، وقامت امرأة من إيبستوك باستخدام هذه الطريقة لقتل والدتها، وعدد من الخاطبين، وحتى متدرب يعمل معها، حتى أصبحت تصنف كقاتلة متسلسلة.
فى معظم هذه الجرائم، لم ينظر إلى دوافع النساء باعتبارها نفسية أو شخصية، بل كانت تعزى دائمًا إلى "وساوس الشيطان" ودوافع خارجة عن إرادتهن.
في عام 1652، وصفت آن ليفينجستون ومعارفها بأنهن ساحرات، فقط لأن عائلة فالوريس، منافسيها، أرادت الاستيلاء على ميراثها، وظلوا يلاحقونها بعشرات العرائض والدعاوى القضائية لسنوات طويلة، وكانت النساء في تلك الفترة محرومات من الحق في المشورة القانونية، يتعرضن للتعذيب، والتعري القسري، وفحص أجسادهن بحثًا عن علامات الشيطان.
كان القرنان السادس عشر والسابع عشر قاسيين للغاية على النساء، خاصة من الناحية القانونية والإنسانية، فقد كانت ماري هوبري تتعرض للضرب والاعتداء الجسدي والجنسي من قبل زوجها دينيس، عاشت في دائرة من الهجر والمصالحة ثم العنف، دون أي حماية قانونية، حيث لم يكن العنف الأسرى يعد جريمة، وكان الاغتصاب الزوجى قانونيًا حتى عام 1991.
حتى فى حال قتل النساء لأزواجهن دفاعًا عن النفس، لم يكن ينظر إليهن كضحايا، بل غالبًا ما يحملن مسشولية ما حدث باعتبارهن من تسببن في العنف، فنرى ماري، التي أنهكها العنف، خنقت زوجها المخمور، وقطعت جسده إلى أشلاء ألقتها في المراحيض وأكوام النفايات عند القبض عليها، قالت: "لقد عانيت من ألم نفسي".
هنا تبرز النقطة الجوهرية في رواية "المرأة المتوحشة"، في حين كان بإمكان الرجال الإفلات من العقاب حتى في حالات القتل، كان العنف الذكوري يُعد أمرًا طبيعيًا، أما النساء، فكن يحاسبن على أفعالهن بشكل مضاعف، لمجرد "رفض دور الطاعة الأنثوي" كان في حد ذاته جريمة كبرى ولذلك، عندما تكتشف جرائم النساء، تقدم على أنها أكثر فظاعة ورعبًا.