مع حلول الأعياد والمناسبات، تتزين الموائد الأوروبية بأشهى أصناف الحلويات التي تحمل في طياتها نكهات وتقاليد متوارثة عبر الأجيال، لكن ما قد لا يعرفه كثيرون هو أن بعض أشهر الحلويات الأوروبية استلهمت مكوناتها وأساليب تحضيرها من المطبخ العربي، خاصة في البلدان التي شهدت تفاعلًا تاريخيًا عميقًا مع العالم العربي مثل إسبانيا وإيطاليا، فمن البقلاوة والكنافة إلى الباستيليس دي ناتا والكروستاتا ، تطورت المعجنات الأوروبية تحت تأثير الطهي العربي .
واليوم، ومع الهجرة والاختلاط الثقافي، أصبح تأثير الحلويات العربية أكثر وضوحًا في أوروبا، حيث انتشرت البقلاوة والكنافة في المطابخ الغربية وأصبحت جزءًا من قوائم الحلويات في المطاعم الفاخرة، كما ظهرت نسخ أوروبية مستوحاة من هذه الحلويات، مثل الكنافة بجبن الماسكربوني أو البقلاوة بنكهات الشوكولاتة والفواكه المجففة.
إسبانيا: نكهة الأندلس في الحلويات الإسبانية
عندما دخل العرب إلى إسبانيا في القرن الثامن الميلادي، لم يقتصر تأثيرهم على الفنون والعمارة فحسب، بل امتد إلى المطبخ الإسباني، حيث أدخلوا تقنيات جديدة لصناعة الحلويات، ومن أبرز الحلويات الإسبانية التي تحمل بصمة عربية هي:
تورون: حلوى مصنوعة من اللوز المحلى بالعسل، تشبه في تكوينها "الفستقية" أو "السمسمية" العربية.
بونيولوس : وهى عبارة عن كرات عجين مقلية بالزيت تقدم مع السكر أو العسل، وهي مستوحاة من الزلابية العربية التي كانت تقدم في المناسبات الاحتفالية.
الباستيليس دي ناتا: وهى عبارة عن فطائر الكاسترد البرتغالية الشهيرة، والتي يعتقد أن تقنيتها تأثرت بالمعجنات العربية التي أدخلت استخدام البيض والمكسرات إلى الحلويات الأوروبية.
إيطاليا: أثر الحلوى العربية في المطبخ الإيطالي
وفى إيطاليا، وخاصة جنوبها، تأثرت بشدة بالمطبخ العربي نتيجة للعلاقات التجارية والوجود العربي في صقلية خلال العصور الوسطى، ويظهر هذا التأثير بوضوح في حلويات مثل:
الكروستاتا: وهى فطيرة إيطالية تقليدية محشوة بالمربى أو الكريمة، يعتقد أنها تأثرت بالبقلاوة العربية من حيث استخدام العجينة الرقيقة والمحشيات السكرية.
الكانولى: حلويات صقلية مشهورة محشوة بالريكوتا المحلاة، وقد تأثرت بالكنافة العربية من حيث الحشو الكريمي وطبقة العجين المقرمشة.
بانفورت: كعكة إيطالية غنية باللوز والعسل والتوابل، تشبه بعض حلويات الشام القديمة التي تعتمد على مزيج المكسرات والعسل.
في نهاية المطاف، تثبت الحلويات أن المطبخ هو جسر ثقافي يجمع الشعوب ، حيث تستمر وصفات الماضي في التأثير على أطباق الحاضر، ليبقى الطعم العربي حاضرًا على الموائد الأوروبية، خاصة في أوقات الأعياد والاحتفالات.